يولد الانسان ب "آلية إبداعية" تلقائية ذاتية وتعمل هذه الآلية مثل السيارة ذاتية القيادة. فالعقل الواعي يتصور هدفاً ويقوم بعمل إجراء يدع العقل اللاواعي يقوم بالباقي (أشبه بشخص داخل سيارة ذاتية القيادة فيحدد نقطة الوصول ويترك المجال للسيارة لاختيار أفضل طریق ليتم إيصاله للجهة المطلوبة).

للأسف القليل منا يدرك عبقرية الآلية الإبداعية الذاتية (اللا شعورية) التي لدينا لأننا لم نسمح لها بالعمل وبما أننا لا نستطيع رؤيتها وهي تعمل يستحوذ علينا القلق فنبالغ في التفكير ونصبح منزعجين من ذلك (مجازياً نحن نمسك بعجلة القيادة أو ندوس على المكابح لأننا لا نثق في سيارتنا ذاتية القيادة للقيام بما صممت له).

نحن نتدخل في آلياتنا الإبداعية الذاتية أثناء طريقنا نحو هدف كبير لأن صورتنا الذاتية لا تتلاءم مع طموحنا.

سواء أدركناها أم لا، كل إنسان منا يحمل خطة ذهنية أو صورة لنفسه. قد تكون مبهمة وغير واضحة التعريف لعقلنا اللاواعي في الواقع قد لا يمكن التعرف عليها بشكل واعي إطلاقاً. لكنها موجودة هناك، كاملة حتى التفاصيل الأخيرة.

هذه الصورة الذاتية هي تصورنا عن "نوع الشخص الذي نرغب في أن نكونه" فهي مبنية من معتقداتنا لأنفسنا. لكن معظم هذه المعتقدات عن أنفسنا تشكلت لا شعورياً من تجاربنا السابقة ونجاحاتنا واخفاقاتنا وانتصاراتنا وطريقة تفاعل الآخرين معنا خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة.

"الشخص الذي يرى نفسه أنه من النوع الفاشل من الأشخاص سوف يجد طريقة ما ليفشل، على الرغم من كل نواياه الحسنة أو قوة إرادته حتى وإن ارتمت الفرص بين أحضانه."

الطريقة الوحيدة لتخرج من طريقتك القديمة وتثق بأليتك الإبداعية الذاتية لإيصال الأفكار التي تريدها من أجل تحقيق هدف كبير هو أن تقوم ب "تحديث - ترقية" صورتك الذاتية من أجل أن تتماشى صورتك الذاتية مع هدفك.

تمرين تحديث الصورة الذاتية :

* الخطوة الأولى تخلص من التوتر.

تخيل أنك تنظر إلى نفسك مستلقياً على السرير. تصور قدميك كما وأنهما مصنوعتان من الخرسانة. أنظر إلى نفسك مستلقياً هناك بقدمين ثقيلتين من الخرسانة وأنظر إليهما وهما تغوصان بعيداً للأسفل على مرتبة السرير بسبب الوزن الهائل الآن تصور ذراعيك و يديك.

كأنهما مصنوعتان من الخرسانة هما أيضاً ثقيلتان جداً وتغوصان في السرير وتشكلان ضغطاً شديداً على السرير.

كرر ذلك مع الخطوة الذراعين والرقبة (وأجزاء جسمك الأخرى)

عندما يبدأ معالج التنويم المغناطيسي بأداء عمله أمام الناس في المسرح، يحضر بعض المشاركين إلى المنصة ويطلب منهم إغلاق أعينهم وأن يرخوا أجسامهم. فلو كان المشاركون يشعرون بالتوتر فإنهم سيكونون أقل تقبلاً لتصديق ما سيقوله لهم المعالج بالتنويم المغناطيسي لاحقاً في العرض.

عندما تتخلص من التوتر في جسمك فأنت تجعل من نفسك قادراً ومستعداً لتصديق المعلومات التي سوف تغذي بها عقلك في الخطوة الثانية.

* الخطوة الثانية تصور النجاح.

فكر في هدف كبير تجاهد من أجل تحقيقه الآن، تخيل أنك تستيقظ غداً لتكتشف أنك حققته أنت لست متأكداً كيف حدث ذلك، لكنه حدث! لاحظ التفاصيل الدقيقة لحقيقتك الجديدة. مثلاً، لو كنت تكافح من أجل بدء مشروع عمل على الإنترنت، تخيل نفسك جالساً على مكتبك (أنظر إلى لون طاولتك ونوع وتاريخ صنع حاسبك المحمول والملابس التي ترتديها).

- لا يستطيع عقلنا وجهازنا العصبي التفريق بين تجربة حقيقية وأخرى نتصورها بشكل واضح. دائماً ما تعمل وتتصرف آلياتنا الإبداعية الذاتية وفقاً للبيئة المحيطة والظروف أو المواقف.

فالمعلومات الوحيدة المتوفرة التي تخص البيئة والظروف أو المواقف هي ما تعتقده صحيحاً بشأنها.

* الخطوة الثالثة ابني على "الشعور بالنجاح"

فكر في سلسلة النجاحات الصغيرة والبسيطة التي مررت بها مؤخراً مثل ترتيب سريرك أو طهو وجبة صحية أو إنهاء قائمة المهام وابني على "شعور النجاح" كلما تذكرت نجاحاً يتلو الآخر. الآن تخيل نقل ذلك "الشعور بالنجاح" إلى الصورة التي صنعتها في الخطوة الثانية.

عندما تربط شعور النجاح بالانجازات التي تصورتها في الخطوة الثانية فأنت تقنع جهازك العصبي بأن يُطبع الإنجازات الكبيرة : أنت ترفع من معايير ما يمكنك تحقيقه وتتخلص من الشك بالنفس.

لو أديت تمرين تحديث الصورة الذاتية ذو الثلاث خطوات لمدة ما بين خمسة إلى عشرة دقائق يومياً لإحدى وعشرين يوماً القادمة، سوف تشعر وكأن النجاح أصبح أمر حتمي وتتعلم كيف تبتعد عن طريقك.

سوف تتعلم كيف تضع أهداف إبداعية كبيرة وتبدأ بالعمل وعندها سوف تثق بآليتك الإبداعية الذاتية لتتولى الأمر وتزودك بالأفكار التي تحتاجها لتحقيق أهدافك.