جمعة مباركة على الجميع بعض الفوائد

اشتهرت السورة بسورة الكهف، وتسمى سورة أهل الكهف وسورة أصحاب الكهف، ومرجعهما جميعا إلى أول قصة وردت فيها.

قصة أصحاب الكهف قصة عجيبة جليلة تدل على قدرة الله وإرادته وقيوميته.

حوت قصة أصحاب الكهف كثيرا من العبر والدروس التي يحتاجها المؤمنون دائما فناسب أن تسمى السورة بها.

الكهف هو الشق المتسع في الجبل، فإن لم يكن متسعاً فهو غار. أشار إلى هذا الفرق الليث وغيره من علماء اللغة.

جاءت تسمية سورة الكهف على لسان النبي ﷺ في غير ما حديث، كما في حديث الدجال (فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف).

سبب نزول سورة الكهف ..

ذكرت هذه السورة أعظم الفتن : الفتنة في الدين، والفتنة في المال والولد، وفي العلم، وفي السلطان، وفي وسطها الفتنة الأولى فتنة إبليس للأبوين.

سورة الكهف تضع للمؤمن كهوفا تعصمه من أشد الفتن في حياته، فهي عاصمة من أعظم فتن الدنيا على الإطلاق، ومن أعظمها فتنةالدجال.

الذي لم تُفده سورة الكهف نجاة في حياته من فتن الدنيا، فحري ألا تعصمه من فتنة الدجال !.

المتدبر لهذه السورة بقدر استفادته منها وتدبره لمعانيها ، تكون صفات كهفه الذي يفزع إليه حال الملمة وأمام الفتن .

فضائل سورة الكهف : سبب لتنزل السكينة. قراءة آيات منها تعصم من فتنة الدجال. تنير لصاحبها.

حديث(من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة) ضعف كثير من الحفاظ لفظ (الجمعة) وقالوا: إنها تُقرأ في أي يوم سواء الجمعة أو غيرها في النهار أو الليل.

سورة الكهف واحدة من خمس سور افتتحت بالحمد، وهي على ترتيب المصحف: الفاتحة، الأنعام، الكهف، سبأ، فاطر.

لما افتتحت الكهف بالتوحيد بحمد الله، ناسب أن تُختم بالتوحيد(قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد).

المحور الموضوعي لسورة الكهف هو : تصحيح العقيدة، وتصحيح منهج النظر والفكر، وتصحيح القيم بميزان العقيدة.

تخصيص نعمة تنزيل القرآن في بداية الكهف لأنه نعمة من أجل النعم، إذ فيه كل ما تحتاج إليه الأمة مما يتعلق بصلاح الدارين.

(الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب) فيها تشريف للنبي من وجوه: = أنه لم يقل: (الذي أنزل الكتاب) بل قرن ذكره ﷺ بذكر نعمة إنزال الكتاب.

كذلك أنه قدم ذكره ﷺ على ذكر الكتاب، ليبين عظيم منزلته. وكذلك أنه وصفه بالعبودية، إذ هي مقام عظيم (يشرف به العبد لانتسابه إلى جناب الله).

مَنْ منّ الله عليه بالعلم ينبغي أن يكون عبداً لله، فيا من شرفه الله ورفعه على ما سواه من الخلائق كن عبداً لله.

وصْفُ الله كتابه بعدد من الأوصاف تغري بالتزامه والعمل به، وتحذر من تركه ومخالفة أمره .

(لينذر بأساً شديداً) إذا تقرر أن القرآن ينذر بأساً شديداً، فحق على كل عاقل أن يلتزم بكل ما فيه اتقاء ذلك البأس.

وصف القرآن بالبشارة والنذارة والجمع بينهما منهج قرآني فيه فائدة عظيمة للمربين ليسلكوا هذه السبيل، فالإنسان يحتاج إليهما وفيهما صلاح حاله.

(كبرت كلمة تخرج من أفواههم) في الآية تنبيه على عظم أثر الكلمة وخطرها، فبعض الناس يطلق الكلام على عواهنه دون نظر في عواقب كلامه، فيجر على نفسه ومن حوله الويلات، فلا بد من الحذر وكف اللسان، ففيه السلامة من العطب.

على الداعية أن يجاهد نفسه حتى يكون همه إيصال الحق للناس، وأن يكون حزنه إن ردوه لرد الحق لا لرد قوله، فإن فعل فيوشك أن يبلغ أعلى المقامات.

الاستعجال في غير موضعه يوقع صاحبه في واحد من أمور ثلاثة : التنازل أو الغلو أو القنوط .

(لنبلوهم أيهم أحسن عملا) نكتة لطيفة، لم يقل: (أكثر عملا) فلم يعلق المدح بالكثرة ولكن علقه بالحسن، وهو متكرر في القرآن.

في وصف أصحاب الكهف بالفتية ثناء عليهم بدلالة السياق، لأن الفتى يألف اللهو والباطل، فلما لم يصرفهم ذلك عن المعالي استحقوا التنويه !.

من وسائل الثبات سؤال الله الرحمة والرشاد (فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا).

ينبغي على الداعية خاصة الذي يتربص به الشانؤون ، أن يلهج بسؤال الله الهداية إلى الرشاد في أمره كله، عسى الله أن يستجيب له فيصلح من أمره .

الثبات المستحق للإشادة هوالمنضبط على الحق الظاهر،فالفتية قاموا فقالوا حقا، أما الثبات على الباطل فهو حري بالذم والتسفيه.

منهج الدعوة يجب البدء فيه بالأهم وهو التوحيد، فمع أنه لاتكاد تخلو دولة من منكرات، إلا أنهم بدؤوا بالتوحيد ونبذ الشرك .

سر هذا المنهج (البدء بالتوحيد) أن الإصلاح في أحد جوانب الحياة إذا لم يبدأ بالتوحيد فهو عسير أولا، وغش للمدعوين ثانيا.

بعض الجماعات لا تهتم بالدعوة إلى التوحيد وقضايا العقيدة، خوفاً من خسارة المدعوين، فأي ربح بعد ذلك ؟!.

من علم أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ، فحري به أن يلهج بدعاء التثبيت ..

ليُعلم أن الله تعالى لن يخذل عبداً كان ديدنه الدعاء والالتجاء إلى مولاه ، مع سلامة المنهج وصحة القصد.

القول على الله بلا علم ليس في المحرمات أعظم منه ولا أشد إثماً، وهو أصل الشرك والكفر، وعليه أُسستْ البدع.

من لجأ إلى الله حق الالتجاء كان له ناصراً ومعيناً، وأحال عسر أمره يسراً، وجعل له من بعد الضيق فرجاً ومخرجاً.

كما نفعت الكلب مصاحبة الفتية وليس منهم فكذلك أهل الخير وإن لم يعمل بعملهم مما ليس واجبا،فما أوسع رحمة الله وما أعظمها!.

(أزكى طعاما) الحرام لايكون زكيا، وكثير من الناس لا يتحرى الحلال، وهذا من أسباب شقاء كثير من البيوت والمجتمعات.

مجيء (ليتلطف) في منتصف القرآن فيه لطيفة، فهي تتوسط القرآن والوسطية الحقة منهج رباني، وهي تقتضي كثيراً من التلطف.

البعد عن الفتن لا يعني أن يتخلى المؤمن عن دينه ، فهذه أعظم فتنة يهرب منها !.

الفتية أرسلوا واحدا منهم فقط (فابعثوا أحدكم) وفيه درس مهم للدعاة وهو تكليف العدد المناسب للمهمة فالزيادة قد تفسد العمل.

إذا كان التلطف مع الأعداء مطلوباً لتحصيل منفعة دينية، فهو مطلوب مع المؤمنين من باب أولى، فعلى المربي مراعاة ذلك.

الحياة لا تخلو من المشكلات، والوصول إلى حلول هذه المشكلات لا بد له من تلطف وهدوء وتأنٍ، وكلما كبرت المشكلة زادت الحاجة للهدوء والتروي .