__ أين كنت

__ في العمل !!

__ في العمل؟؟؟ والساعة الثانية بعد منتصف الليل!! أيّ عمل هذا ..

__ و ماذا الان !! هل تريدين فتح تحقيق معي و اجلس كـ الاهبل اقدم لك تبريرات واعتذر لك؟؟

__ ما بك؟؟ لماذا تقول هذا الكلام . انا اثق بك ثقة عمياء . كل ما في الموضوع إنني استغربت من مجيئك بعد منتصف الليل ورائحة الخمر المقززة تفوح منك وعلى قميصك آثار احمر شفاه !!!!!

__ ما هذه الوقاحة؟؟ كيف تتجرئين قول هذا الكلام ؟؟ أيّ احمر شفاه وخمر . انا اعمل ليل نهار من اجلك واتعب و اشقى لتعيشين حياة رغيدة مرفهة !! ثم بكل بساطه تشكين بي؟؟؟؟؟؟؟؟

__ يا الهي .. وتكذب عيني ! حقا لم ارى رجلاً بدهائك وذكائك المستفز .. كدت تقنعني .. وكأنك تعودت على الكذب والخداع فأصبحت لا تبالي وممثل محترف . حقا لو لم اراك بعينيّ لاقتنعت بلا شك

خجل من نفسه فـ ترك الغرفة وخرج من البيت كله . خرج وكان منزعج غاضب ومتفاجئ فـ كيف من خدع كل النساء لم يستطع اليوم خداع زوجته !! ...

صُعقت بما رأته اليوم وكيف رأت الرجل الذي عشقته ووثقت به كان محترف بالكذب! .. لم تصدق نفسها فـ كيف عاشت معه كل تلك السنين كيف عشقته . كانت تسأل نفسها كم مرة خدعني؟؟ كم مرة ألّف أكاذيب وخدع؟؟ وللأسف كانت تصدقه وتثق به .. بكت و بكت وظلت تبكي الليل بطوله الى طلوع الفجر .....

كانت مشاعرها متفاوتة تائهة . لا تعلم ماذا تفعل . كانت عاجزة عن التفكير فـ صدمتها بزوجها وحزنها الشديد جمّد تفكيرها وقيّد عقلها . كانت عاجزة عن اتخاذ قرار وحتى لو اتخذت قرار خافت من عواقبه !! هل تتركه و هي ليس لديها من تذهب اليه في بلاد غريبه و هي حتى لا تملك النقود لأجرة تاكسي أم تدعس على كرامتها وتبقى معه ؟؟لا لا مستحيل . حينها اتخذت القرار ... وقالت في قرارة نفسها

__ حقاً؟؟ ماذا افعل هنا الان؟؟ لن ابقى معه ما دمت حيه واستطيع إعالة نفسي وتحمل المسؤولية فـ هو لا يستحقني ولم يستحق ذرة من حبي اتجاهه واهتمامي به ووفائي واخلاصي له.. لن ابقى ببيت رجل كاذب مخادع ومحترف بإغواء النساء وتعدد العلاقات والوقوع بشباكه .

ثم قامت ومسحت دموعها فـ هي كانت مصرّة على ترك المنزل له وكانت تعرف حق المعرفة انها ستواجه المشاكل في بداية شق طريقها للحياة والناس في الخارج ولوحدها لكنها ايضا كانت مستعدة لذلك وبقوة فـ تحمل مصائب الدنيا كلها ومرارتها و الاشواك في الطريق يهون ويبقى ذكرى ليس إلا لكن العيش في جلباب رجل مخادع ماكر يهوى تعدد العلاقات ولا يحترم امرأة تركت وطنها واهلها وكل شيء من اجله فـ هنا ستخسر احترامها لنفسها ..

فـ مهما يمرّ الانسان بمصاعب وتحديات يجب مواجهتها (( و الباب الي يجيلك منه ريح لا تسده لأنك لن تستريح بل هو حل مؤقت واجه تلك الريح بكل ما تحمل من قوة وعزم واصرار وستنجح بالتأكيد)) .. فـ لن نثبت قوتنا بالصبر على الظلم والمعاناة مع بشر لا يستحقون حتى العطف والتسامح منّا بل تكمن قوتنا بالصبر على عيش حياة بكرامة حتى و ان كانت مكللة بأشواك و قيود و"كلام الناس الذي ليس له حدود ونهاية" .. عش كما تريد "بعقل وحكمة وشرف" ولا تعش كما يريدون الاخرين منك "بمختلف الآراء" لأنهم لن يعيشون كما تريد انت منهم حتى و ان كنت على حق!!! ثم لمّت ثيابها و كتبت له رسالة مفادها:

(( ادم . اولاً أحببت ان اشكرك على كل يوم كان بيننا جميل وسعدتني به رغم ما صدمتني به البارحة ورغم انزعاجي منك لكن كلمة الحق واجب قولها! لكني يا ادم لن استطيع الاستمرار معك و اعلم إني لن استطيع محاولة ذلك .. و من شيمي لا اعطي فرصة ثانية لان من وجهة نظري لا يوجد شيء اسمه "فرصة ثانية" فـ انا عندما اتذكر موقفنا البارحة وكيف نكرت فعلتك مع انها كانت واضحة يزداد بغضي وانزعاجي اتجاهك "لن اقول إني كرهتك لأنني ببساطة لا اكره البشر ابداً بل اتضايق منهم و افضّل عدم رؤيتهم لصالحي ولصالحهم" . لا تكترث لكلامي هذا . احببت ان اتمنى لك حياة سعيدة وناجحة و ان تنساني و لا تبحث عني نهائياً !!و انا سامحتك على فعلتك لكن لا اعتقد انني استطيع الاستمرار معك!!! والسلام عليكم ...))

كانت هذه الرسالة القصيرة كل ما تركته "جوري" فهي اخذت معها كل شيء حتى لا تدع مجالاً لـ"ادم" ليتذكرها أرادت لملمت شتات نفسها والبدء من جديد وتحكيم عقلها وتصقل نفسها بمعرفة البشر وطبيعتهم حتى لا تتعثر في حياتها بأمثال ادم و" الأسوأ منه" ...

يـتـبـع ...