[منشور أصلاً على:

]

مهنة الترجمة لا تتعلق فقط بالمؤهلات التي تمتلكها أو حصيلة مفرداتك في لغةٍ أو اثنتين أو ثلاثٍ أو أكثر. إن كنت تعتاش من عملك مترجمًا، فأنت تعرف أن استبدال كلمةٍ بأخرى ليست ترجمةً بحقّ، فهنالك الكثير من المهارات التي يجب أن تتوفر لدى كل مترجم، مثل القدرة على استيعاب السياق وإنشاء معانٍ مناسبة للغة الهدف.

مهنة الترجمة شاقة، وتتطلب وفرةً من الموهبة والدراسة والعمل الشاقّ لاحترافها. معظم لغات العالم تتطور بتطور كوكبنا هذا، لذلك؛ يتوجب على المترجمين أن يسعوا لتطوير مهاراتهم بشكلٍ دوريّ وأن يتعمقوا في ثقافتين مختلفتين على الأقل.

اقرأ المهارات الآتية الواجب توفرها لدى كل مترجم

1. الإصغاء

رغم أن هذا الأمر يبدو غريبًا، إلا أن كونك مستمعًا جيدًا أمر ضروري لتصبح مترجمًا جيدًا، وهذه من بين أهم المهارات التي يجب أن يتمتع بها كل مترجم. جرّب دائمًا قراءة النص المطلوب قبل بدء الترجمة، أو استمع إلى التسجيل الصوتيّ المطلوب كاملاً لفهم سياقه. وإذا كانت لديك أي شكوكٍ بشأنه، اطرح الأسئلة على العميل وحاول تصوُّر الرسالة التي أراد الكاتب إيصالها. لذلك، تعلّم دائمًا أن تصغي وتتبع التعليمات.

2. الكتابة

مهاراتك الكتابية في كلا اللغتين (اللغة الأم واللغة الهدف) مهارة مهمة. يتناقل الناس القَول أنّ مهارة الكتابة موهبة فطريّة، وليست مهارة يمكن تعلمها، لكن هذا ليس صحيحًا تمامًا. فيمكنك أن تتعلم الكتابة، كجميع المهن الأخرى. وحتى لو كانت لديك موهبة فيها، فيجب أن تتعلم تحسين قواعد اللغة وتراكيب الجُمل.

اذهب لدورات تعليم الكتابة، اقرأ كتبًا تقنية، سجل في دورات تعليمية إلكترونية، وتابع آخر التغيرات في المفردات وهجاء الكلمات. تتطور اللغات الحديثة باستمرار وتوسع مفرداتها، فاحرص على أن تكون مطلعًا دائمًا. قدرتك على التكيُّف مع هذه التغييرات تساهم في إنتاج تراجم عالية الجودة.

كما يمكن أن تساعدك القراءة في تطوير مهاراتك الكتابيّة. لذا، حاول قراءة كتابٍ واحد في الشهر – على الأقل – في كل لغةٍ تتعامل بها. قد يبدو هذا صعبًا إن كنت تعمل بكدٍّ؛لكن بفضل التكنولوجيا الحديثة، يمكنك أن تحمّل كتابًا إلكترونيًا وتقرأه متى ما حظيت بفرصةٍ لذلك.

3. الذكاء الثقافيّ

بعملك مترجمًا، ستكون مرغمًا في بعض الأحيان على التعامل مع العوائق الثقافية بين دولتين مختلفتين. ستعرف بشأن هذا عندما تدرس اللغة، إلا أن الذكاء الثقافي (cultural intelligence) ليس شيئًا تدرسه في قاموس. لتكون قادرًا على بذل قصارى جهدك للترجمة، وخصوصًا عندما تكون تقنيات التوطين (localization) والترجمة الإبداعية غير الحرفية (transcreation) مطلوبةً، يجب أن تكون ذكيًا ثقافيًا. يلزم أن تكون قادرًا على مراعاة الجمهور الذي سيقرأ النص المترجَم.

الذكاء الثقافي لن يحسن مهاراتك في الترجمة وحسب، بل إنه سيساعدك أيضًا في العمل مع أشخاصٍ من أصول مختلفة. ستتمكن من تحديد دوافع شخصٍ ما للتصرف بطريقةٍ معينة وليصبح مديرًا أفضل، وسيصبح لديك أصدقاء مذهلين من جميع أنحاء العالم.

4. المعرفة المتخصصة

معظم المترجمين مختصون في مجال واحدٍ على الأقل. هذه خطوة ذكية، فهي ستوسّع المشاريع التي يمكنك العمل عليها، وتزيد السعر الذي يسعك طلبه. من الطبي، للتقني، للقانوني، للتكنولوجيا الحيوية، فإن تمكنك من فهم المصطلحات المتخصصة في اللغة أمرٌ بالغ الأهمية. فلا يمكن لأي شخصٍ أن يترجم المستندات القانونية أو النصوص التقنية أو التقارير العلمية.

الحصول على درجةٍ علمية أو إجازة في مجال متخصص سيمكّنك من الوصول لعملاءٍ من مستوىً رفيع وسيجعلك كذلك اسمًا موثوقًا في مجالك. سيؤدي هذا إلى عودة العملاء لك تكرارًا وسيطفح بريدك الوارد بالرسائل!

5. الملاحظة

لا أقول لك أن تصبح “شيرلوك هولمز”، لكن هذه المهارة تساعد في إعارة الانتباه لما يقوله الناس، والأهم من ذلك، كيف يقولونه. المصطلحات والعبارات العاميّة والتراكيب الخاصة، كل هذه من النادر إيجادها في الأدلة والقواميس. السبيل الوحيد لمعرفة كيفية استعمالها استعمالا صحيحا هي بمراقبة الناطقين بها بعناية.

حاول أن تزيد حصيلة مفرداتك في كل اللغات التي تستهويك، من الروسية والأكرانية، أو الإنجليزية أو الصينيّة أو حتى العربية. المصطلحات التقنية والمفاهيم الحديثة والأساليب وأي شيءٍ آخر قد تساعدك في معرفة الطريقة التي يفكّر بها الناطقون المحليون، ومواقع التواصل الاجتماعي (السوشال ميديا) قد تكون خير مصدرٍ لذلك.

تستطيع أن تطور مهاراتك في الملاحظة أيضًا عبر السفر ومشاهدة الأفلام والبرامج التلفزيونية، وقراءة الكتب والمدوّنات والصحف. أو الانضمام إلى نادٍ متعدد الثقافات، حيث يجتمع أشخاص من مختلف البلدان فهذا بديل رائع أيضًا إن لم يتوفر لديك الوقت والإمكانيات للسفر.

6. استخدام الحاسوب

نظرًا لوجود عدد متزايد من العملاء الذين يطلبون إجراء الترجمة مباشرةً على مواقعهم الإلكترونية أو من خلال برامجهم المحليّة، فسيكون لزامًا عليك تطوير مهاراتك في استخدام الحاسوب باستمرارٍ. إن كنت تعمل في مشاريع كبيرة، فإن التعامل مع ذاكرات الترجمة[1] والمعاجم ستزيد من كفاءتك.

استثمر في حاسوبٍ لائق يحمل أحدث إصداراتٍ للبرامج التي تستعملها، مثل برامج “وورد” و “إيكسل”. يُعدّ هذا استثمارًا مفيدًا للغاية في أفضل اتصال إنترنت ممكن، وخصوصًا إن كنت تريد إجراء مكالمات عبر الإنترنت مع عملائك. تعلُّم كيفية البحث إلكترونيًا وأفضل المصادر التي يجب أن تتصفحها سيعينك أيضًا على استيعاب المشاريع التي تترجمها.

7. إدارة الوقت

يعمل معظم المترجمين من منازلهم ويتسلمون مشاريع فردية كمستقلّين، وهنا يكون تنظيم عدد ساعات عملك المنزلية واجبًا. الوقت من ذهب، فيجب أن تعرف كيف تحافظ على جدولٍ زمني ثابت لعملك. جرّب تكريس مكانٍ للعمل داخل منزلك وقم بالحدّ من المُلهيات أثناء عملك، وبما فيها استراحات تصفّح الفيسبوك القصيرة. وهنالك الكثير من التطبيقات التي تساعدك في تنظيم وقتك بشكلٍ أفضل، فاختر أفضلها لك!

أخيرًا..

تحتاج جمًا من الوقت والممارسة لتصبح مترجمًا جيدًا، لكن اتقن هذه المهارات السبعة وستصبح مترجمًا عظيمًا! فقط تعلَّم كيف تقيِّم نفسك بموضوعية ولا تفترض أبدًا أن دراستك انتهت ولم يعد هنالك شيئًا تتعلمه. هذه مهنة صعبة، حيث يجب أن تغيِّر – باستمرار – أسلوبك وتجدد نفسك في كل مرةٍ تُطلق بها مشروعًا جديدًا. لكن هذه المهنة أيضًا فيها أمور باعثة للرضا، فكلما حصلت على تقييم إيجابي من عملائك وجعلتهم يعيدون التعامل معك يكون هذا الأمر باعثًا للسعادة والفرح! :)

ملاحظة بسيطة ؛ إن أعجبك هذا المقال فتابعني ليصلك مزيد من هذا النوع من المقالات إلى صندوق بريدك الوارد، وهذه مزية يتيحها موقع زد.

[1] ذاكرات الترجمة هي أدواتٌ موجودة في برامج الترجمة الحديثة مثل ترادوس، وطريقة عملها هي أنها تقوم بحفظ الترجمات التي تُنجزها في الوقت الحالي، وتساعدك من تحسين ترجمتك في المستقبل.