بداية، هذا المقال منقول من مدونة (علماء مصر)

http://blog.egyptscholars.org.

كنت أريد أن أشير له برابط، لكن للأسف الموقع معطّل. أردت أن أبحث عن الموقع في إرشيف الإنترنت

https://archive.org

لكن لم أجده، بحثت عن الكاتبة فربما كتبت المقال في أحد صفحاتها الشخصية لكن لم أجدها.

كنت قد نزلت صفحة الHTML سابقا، وهأنذا أنقله لكم.

الكاتبة - راندا الأنور

نُشر في 6 - 12 - 2015 م

السلسلة كاملة

  • الجزء[1]
  • الجزء[2]
  • الجزء[3]
  • الجزء[4]
  • الجزء[5]
  • الجزء[6]

الجزء الأول

أربعة مصطلحات تسمعها اليوم، وتثير اهتمام من يعمل بالتجارة وإدارة الأعمال، كما تثير اهتمام من يعملون بالتكنولوجيا أيضًا. ولكن إن كنت لا هذا ولا ذاك، هل يعني ذلك أن تلك الكلمات تخرج عن نطاق اهتمامك؟ بالطبع لا.

كل ما يتعلق بالتكنولوجيا لابد وأن يقع في دائرة اهتمامك؛ لأن التكنولوجيا تُصنع من أجلك. تصنع لكي تعمل لصالحك وتخدمك، ولكي تعمل ضدك وتراقب سلوكك أحيانًا. وكل ما هو يتعلق بإدارة الأعمال يتعلق بك أيضًا بالضرورة؛ لأنه يؤثر على نمط معيشتك، وأنت بدورك تؤثر فيه.

إذًا، ما هي تلك المصطلحات التي تثير جنون الجميع هذه الأيام؟ إنها تلك الكلمات: Big data وتعنى “البيانات الهائلة أو العملاقة“، وCloud Computing وتعني “الحوسبة السحابية“، وAnalytics وتعني “التحليلات” وInternet of things وتعني “ترابط الأشياء بالإنترنت“.

ولكن قبل أن نشرح كل واحدة منها على حدة. دعني أسألك بعض الأسئلة أولًا:

  • هل استغربت مرة وأنت تشاهد عددًا من مقاطع الفيديو على يوتيوب أنه تم ترشيح المزيد منها مما يعجبك في القائمة الجانبية؟

  • هل تفاجأت بوجود إعلان عن منتج يباع على موقع أمازون كنت تبحث عنه منذ أيام بقائمة الإعلانات الجانبية الموجودة على حسابك على فيسبوك؟

  • هل تعجبت أن فيسبوك يحدد موقعك الذي يظهر مع كل منشور تكتبه من خلال هاتفك الآيفون iPhone؟

  • هل سمعت عن اتجاهات جوجل Google Trends وأنه يمكنك أن تعرف ما هي أكثر الكلمات التي يبحث عنها المستخدمون على محرك البحث جوجل؟

  • هل سمعت عن ساعة جوجل Google watch أو الأجهزة المُرتداة Wearable devices ولم تفهم فيما تستخدم؟

  • هل سمعت عن المنازل الذكية Smart houses؟

  • هل استخدمت مرة خرائط جوجل وفوجئت أنه يمكنك أن تعرف تاريخ خط سيرك بالكامل خلال أي وقت مضى؟

  • هل سمعت مثلًا عن وظيفة مطلوبة بما يسمى “محلل بيانات” social analyst أو data analyst؟

  • هل فوجئت يومًا بتخفيضات مبالغ فيها في موعد غير طبيعي أو عرض مغرٍ غير متوقع على سلعة أو خدمة كنت تستخدمها منذ فترة وكنت تنوي أن تكف عنها لعدم رضاك؟

إن كانت أغلب إجاباتك بنعم، فالآن ستعلم أنَّه عليك أن تفهم تلك المصطلحات الأربعة حتى تجد إجابات على كل تلك الأسئلة.

ببساطة سأضرب لك مثالًا توضيحيًا. هل يمكنك أن تتوقع تصرف شخص أو رد فعله في موقف ما، دون أن تعرفه معرفة جيدة؟ بالطبع لا. إذًا فلكي تستطيع ذلك، لابد وأن تجمع عنه أكبر قدر من المعلومات. بل إنك لا تتوقف عند ذلك، فتقوم بتحليلها وربطها ببعضها البعض؛ كي تتمكن من معرفة شخصيته، وطباعه، وتاريخه في مواقف مماثلة، قبل أن تتوقع رد فعله في الموقف الجديد. وإن كنت لا تستطيع أن تقوم بفعل ذلك بمفردك لكثرة المعلومات وتعدد أنواعها، فغالبًا ما ستلجأ لاستشارة آخرين كي يساعدونك في تلك المهمة، فتتشارك معهم البيانات. ولأن المعلومات القديمة لا تكون ذات فائدة بعد مدة فغالبا ما ستلجأ لوسيلة تبقيك على علم دائم بسلوك هذا الشخص، وتجديد البيانات التي لديك كمجموعة من الأشخاص المحيطين به طوال الوقت مثلًا في عمله ومنزله وفي الشارع.

إذًا فهذه العملية ترتكز على بعض دعائم أساسية:

أولًا: جمع المعلومات وتسجيل البيانات فتحصل على “Big data“،

ثانيًا: تحليل البيانات “Analytics“،

ثالثًا: عمل التوقعات بإجراء عدة حسابات من خلال مشاركة البيانات مع عدد من الحاسبات “Cloud computing“،

وأخيرًا: تحديث البيانات وجمع المزيد منها من خلال مكونات البيئة المحيطة “Internet of things“. هذه تحديدًا هى العلاقة التي تربط تلك المصطلحات ببعضها.

وبذلك يكون تعريف “البيانات العملاقة” Big data هو مجموعة هائلة من البيانات يمكن تحليلها حسابيًا للكشف عن أنماط واتجاهات وعلاقات تربط سلوك البشر بتفاعلهم، بينما تعريف “الحوسبة السحابية” Cloud Computing هو استخدام شبكة من الخوادم servers المضيفة لدى الإنترنت لتخزين ومعالجة البيانات بدلًا من استخدام خادم محلي أو جهاز حاسب شخصي، وتعريف “التحليلات” Analytics هو المعلومات الناتجة عن تحليل منهجي للبيانات أو الإحصاءات، وأخيرًا تعريف “ترابط الأشياء بالإنترنت” Internet of things هو تطور مقترح للإنترنت حيث يمكن لكل الأشياء في الحياة اليومية أن تتصل به وتكون قادرة على إرسال واستقبال البيانات.

لنأخذ مثالًا يجيب على أحد الأمثلة التي تم طرحها:

هاتفك الآيفون مثلًا يمكنه أن يسجل كل شيء عنك. كل المواقع التي تتصفحها عليه، ومتى تتصفحها، وكم مرة تقوم بذلك، والكلمات التي تبحث عنها، والصور التي ترفعها أو تحملها.. إلخ. ليس ذلك فقط بل أيضًا الموسيقى التي تسمعها والمطربين وترتيب الاستماع وتكراره، ناهيك عن تسجيل موقعك في الشارع، وسرعة سيرك. هذا إلى جانب رسائلك النصية، وبريدك الإلكتروني، وكلمات السر، وبيانات بطاقاتك الائتمانية.

إذًا فإنَّه لن يكون من المستغرب أنْ تجد تطبيقًا لسماع الموسيقى يقدم لك قائمة مذهلة من كل الأغنيات التي لم تسمعها بعد لأنه قد قام بتحليل بياناتك واستنتج ذوقك العام ونوعيتك المفضلة من الموسيقى. الشيء نفسه قد يحدث بأن تجد تطبيقًا يقترح عليك أفضل الشوارع التي تسلكها للذهاب إلى وجهتك بما أنه قد حلل سرعتك، وتاريخ تحركاتك، ويمكنه معرفة كثافة السيارات بالشوارع كلها. وإذا أردت كتابة رسالة نصية فإنه بمجرد بدء الرسالة تجد أنه يتوقع كلماتك التالية لأنه قد حدد أسلوب كتابتك، وموعد كتابتها، ونوعية مراسلاتك مع قائمة معارفك.

يمكنك أن تسرح بخيالك قليلًا (ولو أنه ليس خيالًا في الوقت الحالي بل بدأ تنفيذه بالفعل) فتجد نفسك لا تحتاج لضبط منبهك ليوقظك فهو يعرف متى نمت وكم تنام في العادة وفي أي مرحلة من النوم أنت ويوقظك في موعد مناسب بحيث لا تكون مجهدًا. وذلك الميزان في غرفتك لا يقيس وزنك فقط بل يقيس نسبة الدهون في دمك والسعرات الحرارية التي تحرقها. والمدفأة أو سخان المياه لا يحتاج للضبط فهو يعرف درجة الحرارة الخارجية في ذلك الوقت من اليوم ويستطيع أن يعدل الحرارة ذاتيًا. وساعة يدك التي تقيس نبضك وضغط دمك ونسبة السكر تنبهك إلى موعد تناول طعامك وتناول دوائك حتى لا تتعب وأيضًا تتوقع بحلول أزمة صحية لك قبل أن تشعر بأعراضها.

ليس ذلك فحسب فإن الثلاجة في مطبخك والسيارة في مرآبك يرسلان لهاتفك رسائل عند حدوث عطب أو حاجتهم للصيانة. والنباتات في حديقة المنزل ترسل لهاتفك موعد احتياجها للرىّ. والتلفاز يعرف من يجلس أمامه الآن فيتحول ذاتيًا للبرامج التي يحب مشاهدتها أو يعرض إعلانات عن السلع التجارية التي تهمه ويقدم له مقترحات للقنوات التي تلائم ذوقه. أما عن حاسبك فإن المواقع المختلفة ترشح لك الأخبار التي تحتاج أن تقرأها وتوقعات سوق المال وعروض المنتجات التجارية والرحلات السياحية للمدن الساحلية فقد اقترب موعد إجازتك السنوية وأنت موشك على أن تحصل على علاوة أيضًا وأنت من محبّي الشواطئ والمنتجعات والرياضات المائية ولست مغرمًا بالمدن الصاخبة أو السياحة الصحراوية أو الجبلية. كل ذلك يحدث دون أدنى تدخل منك!

مصدر الصورة:

http://www.scotland.gov.uk/...

كل ذلك قد يشعرنا بالانبهار والرعب أيضًا. فكيف سيصير العالم إذا انتشرت هذه التكنولوجيا حول العالم بالشكل الذي يتيح لها معرفة كل شيء عن كل شخص، واستطاعت بالفعل توقع كل شيء وأصبح القرار في يد مجموعة محدودة من البشر فقط هي التي يمكنها فك الشفرة وفهم المعلومة وتقييم الأفعال. لهذه الأسباب عليك أن تعرف هذه الكلمات لأن الفرصة لازالت أمامك. فالتقدم التكنولوجي يسير في اتجاه مضطرد يمكن تمثيله بمنحنى أُسّي Exponential بينما فهمنا لبواطن عمله وكيفية استغلاله لصالحنا يسير في نمط خطى Linear وفي الفجوة المتزايدة بين المنحنيين تكمن الفرصة في أن نفهم ما يدور ونلحق بالركب ونحافظ على حقوقنا أيضًا. وهذا ما سنتعرف عليه في الأجزاء القادمة.

المصادر: