التسجيل في مواقع التواصل مجاني، وكذلك استخدامها.. بضغطات يسيرة يمكنك أن تمتلك حسابا أو أكثر في تلك المنصات، لكن ما حدود العلاقة المنظمة بين المستخدمين ومقدمي الخدمة؟ هل تعطي «المجانية» لمقدم الخدمة الحق الكامل أن يتصرف في موقعه وفق هواه؟ أم أن له هو الآخر ضوابط يلتزم بها؟

الحقيقة أن المجانية ما هي إلا أحد الإغراءات التي يقدمها الطرف الأول لإقناع الطرف الثاني بالاتجاه إليه دون غيره، فالمجانية لا تنزع عن الأخير حقوقه، ولا تجعل الأمر كله بيد صاحب العرض، فالعقود -العرفية والكتابية- دائما تخضع لبديهيات منطقية تجعل كل طرف مقيّدًا بالتزاماته.

حين تنشيء حسابا في فيس بوك أو تويتر، وتبدأ في نشر ملاحظاتك ومنشوراتك، وصورك ومقاطعك، وغيرها من ذكرياتك الأخرى، واضعا لنفسك أرشيفا إليكترونيا مضمونا، حسب ورقة تعريف الموقع وآلية استخدامه.

فجأة، يُغلق الموقع حسابك دون سابق إنذار، بزعم أن ما تنشره يعتبر «محتوى يحض على الكراهية».. نعم، من حق مقدم الخدمة أن يصنف المحتوى المنشور كما يشاء، لكن النص المكتوب في النهاية يبقى حقا خالصا لصاحبه، من حقه أن يستعيده ويعيد نشره في منصة أخرى لا تعتبره مخالفا لسياستها.

المستخدم حين ينشر مادته على منصة ما، لا يحتفظ عادة بنسخة أخرى منها، ثقة في الطرف الثاني، الذي وعده -وغيره- بأن يبقي هذا الموقع مجانيا ومتاحا للأبد، وأنه يمكنه الاعتماد عليه في ذلك، المجانية والاستمرارية في الأساس هي التي أغرت المستخدم للبقاء، وتم عرضها كمنحة لا تستجلب حقا مصاحبا.

الآن، تٌقدِم تلك المواقع على حظر أي حساب بشكل نهائي ومفاجيء، ودون سابق إنذار أو منح فرصة للمستخدم كي يلملم أوراقه القديمة قبل مغادرة مكتبه الشاغر، هذه أدنى صور احترام المستخدم حتى وإن تم طرده.

في الحقيقة، تلك المنصات هي التي تخالف كل يوم سياسة الاستخدام، وهي الأولى بتطبيق حدودها.. وإن حرمان المستخدم من استعادة «أملاكه» فجأة، ودون مهلة محددة وكافية ، ليس سوى استيلاء وسرقة وتجريد للمستخدم من حقوقه، وإن تخفى حول حجج تقنية.