في بدايات الإنترنت، كان المشهد أشبه بساحة مفتوحة للجميع، يمكن لأي شخص أن يُطلق مدونة أو موقعًا بسيطًا ويجد جمهوره من خلال شغفه وتميز محتواه. أما اليوم، فالمشهد تغير بشكل جذري، وتحول الإنترنت من مساحة حرة للإبداع إلى ساحة احتكار تسيطر عليها حفنة من الشركات العملاقة، مدعومة بقوة الذكاء الاصطناعي.
لم يعد يكفي أن تكتب مقالة جيدة أو تنشر فكرة مبتكرة لتجد طريقك إلى القراء. الآن، خوارزميات محركات البحث ومنصات التواصل تتحكم بشكل شبه كامل فيما يظهر للناس، مفضلةً المحتوى الضخم المُنتج بكميات مهولة بواسطة الذكاء الاصطناعي أو عبر غرف تحرير ضخمة تابعة للشركات الكبرى، على حساب المحتوى الفردي المستقل. والنتيجة كون الناشرين المستقلين، مهما كان تميزهم، يختفون تدريجيا تحت طوفان المحتوى المؤتمت الذي يُغرق الإنترنت كل يوم.
هذا الانهيار لا يمكن نسبه إلى الذكاء الاصطناعي وحده. الذكاء الاصطناعي مجرد أداة. المسؤول الحقيقي من وجهة نظري هو جشع الشركات الكبرى التي تسعى لابتلاع كل شيء، حركة المرور والإعلانات والأرباح وحتى انتباه الناس. بدلا من استخدام الذكاء الاصطناعي لدعم التنوع والإبداع، استُخدم لتعزيز الاحتكار والهيمنة على المشهد الرقمي.
وهكذا، بدلاً من أن يكون الإنترنت مكانًا تنبت فيه الأفكار الجديدة، يتحول تدريجيًا إلى مقبرة للمبدعين، حيث لا مكان إلا لمن يملك الموارد لاجتياح الخوارزميات بأطنان من المحتوى المصمم خصيصًا لتصدر النتائج.
هل بقي هناك فرصة حقيقية للناشرين المستقلين في هذا العصر؟ أم أن مصيرهم أصبح محسوما في معركة لا يملكون أدواتها؟
التعليقات