مرحبًا،

قامت شركة Google بالإعلان عن خدمة جديدة ضمن محرك بحثها، الخدمة تُدعى People Cards أو (بطاقات الأشخاص) وتم طرحها في الهند للتجربة. تعمل هذه الخدمة على منح المستخدمين امكانية ظهور أسمائهم ضمن نتائج البحث كما هو الحال مع المشاهير. في حال بحثت عن أي مشهور ممثل أو مغني أو لاعب كرة قدم غالبًا ستظهر بياناته الشخصية وحساباته في الشبكات الاجتماعية وغيرها من البيانات.

تقول قوقل أن الخدمة متاحة للمستخدمين في حال أرادوا ذلك عليهم فقط ملء البيانات الكاملة عنهم والتي تتعلق بالأسم، والبيانات الشخصية الأخرى ومكان العمل، وروابط حساباتك في الشبكات الاجتماعية، وسيرة ذاتية مختصرة وغيرها من التفاصيل الأخرى!

ثم على ماذا سوف تحصل؟!

مبروك سوف يكون اسمك ضمن نتائج البحث، أنت عبقري. أنت مذهل. هل أنت سعيد بذلك :)

حسنًا، يبدو الأمر مقلق جدًا من ناحية (الخصوصية) كيف لأي مستخدم أن ينشر كافة تفاصيل هكذا ضمن نتائج البحث ما هو الدافع الذي يجعله يقوم بذلك؟

هناك بعض مشاهير الشبكات الاجتماعية قد يكون هذا الأمر جيّد لهم، هم يستخدمون الشبكات الاجتماعية لغرض تجاري، وأفضل طريقة للبحث عنهم هو (ملف كامل بكافة البيانات) يتم عرضه في محرك البحث قوقل. وهكذا يصل لهم الجمهور بشكل أسرع.

لكن ماذا عن المستخدم العادي؟

ما هو الدافع الذي يجعل مستخدم عادي يستخدم هذا الأسلوب؟

لنفترض أن الهند بلد المليار مواطن يبحث الأشخاص هناك عن التميز ضمن هذا العدد اللانهائي من المواطنين، وقد يبدو من الرائع أن يبرز المستخدم بين الملايين من مستخدمي الانترنت هناك. ويجد أن محرك البحث قوقل قد أعطاه هذا التميز.!

لنفترض جدلًا أن الخدمة نجحت وكان هناك تفاعل من المستخدمين وبدأ المستخدم العادي يغذي محرك البحث بكافة البيانات والتفاصيل عن حياتة، تعليمه، سيرتة الذاتية، مكان العمل، الأسم، الحسابات الشخصية، وغيرها

سندخل بعد ذلك في (تقييم اجتماعي) بمعنى سيتم النظر لك اجتماعيًا على أن شخص (منبوذ غير معترف بك) في حال لم يكن لديك ملف شخصي على قوقل!، مع الوقت والضغط الاجتماعي وكلام الناس ستنشأ حالة (الرغبة في التواجد على قوقل) ليس بغرض الشهرة أو العمل التجاري أو البحث عن علاقات ضمن العمل. بل (استجابة للضغط الاجتماعي) من زملائك في العمل، العائلة، أصدقائك.

هذا الأمر سوف يستغرق سنوات حتى تقوم قوقل بأرشفة كامل البيانات الشخصية عن الشعب أو أي دولة تريدها. سندخل في مراحل لهذه الخدمة

١- الرفض والسخرية من الخدمة (فترة أشهر فقط)

٢- التجربة والاستكشاف

٣- الترويج للخدمة بين الاصدقاء والزملاء

٤- تحفيز الناس على التجربة

٥- مرحلة اللوم واستنقاص من لايوجد له ملف على الخدمة

٦- أي عمل تجاري أو نتائج البحث تتطلب التصريح بملفك الشخصي الكامل

٧-ثم نصل اخيرًا إلى مرحلة (التعري الكاملة)، كل بيانات الناس على قوقل.

لماذا تسعى قوقل لهذا الشيء؟

ليس خفيًا على الجميع أن البيانات هي (عصب الذكاء الصناعي)، ألق نظرة على ما تفعله الصين من جمع البيانات حول شعبها. وما تطمح له من جمع بيانات عن شعوب العالم. وقوقل وإن كانت تحمل نوايا طيبة في ظاهرها إلا أن العمل يمكن تصنيفه على أنه عمل تجاري بحت. الهدف منه استثمار هذه البيانات في خلق منتجات مثل الإعلانات وتعليم الآلة وغيرها.!

لماذا أنت متشائم الناس تعرض كل هذه البيانات وأكثر على مواقع التوظيف مثل لينكدإن وبيت كوم وغيرها؟

صحيح هذا الشيء معروف للجميع، لكن الوصول لتلك البيانات يتطلب عدة خطوات وإجراءات. أما تجارب قوقل وخدمتها ستكون متاحة للعامة. وكما نعرف أن نموذج قوقل الربحي قائم على الإعلانات فأنت هنا تغذي هذا النموذج. أما مواقع التوظيف لديها نماذج ربحية أخرى مثل الاشتراكات لمدراء التوظيف أو حتى للباحثين عن العمل. وأعتقد أنها تحفظ بيانات المستخدمين لحد ما.

عشر سنوات من الآن

أنا أفكر في الخدمة بعد عشر سنوات من الآن، وقد اصبحت متاحة في كل الدول. وكل شعوب العالم لديها هذه الصلاحيات في أرشفة البيانات الشخصية.

سيكون لدى قوقل (البيانات الشخصية عن كل سكان الكوكب)، وقد قام سكان الكوكب بوضع هذه البيانات برضاء تام منهم.

حسنًا؛ قد يبدو لك أني متشائم أو أحمل نظرة سلبية عن التقنية أو الشركات التقنية. لايهم ذلك!

أنا لديّ حساسية عالية جدًا من استخدام بياناتي الشخصية في الإعلانات أو الترويج للخدمات أو أعتقد هناك من يشترك معي في هذه (الحساسية المفرطة)، وعلى النقيض هناك من يقول بكل سخرية (ياعمي لو يبغى أي بيانات راح أعطيه). هذا الاستخفاف بالبيانات هو أمر خطير جدًا.

البيانات أمن قومي

يمكنك البحث بشكل موسع عن استخدام الشركات للبيانات وكيف تحصل على البيانات وكيف هي (حركة التسويق من خلال البيانات)و وكم هو حجم (سوق البيانات عالميًا). وكل هذه الأمور. ويمكن لهذه الأسئلة وغيرها أن تفتح لك بابًا حول ما هية البيانات ولماذا تلهث خلفها الشركات بعدة أساليب وحيل وطرق.

توتر العلاقات بين (الهند والصين)، وحرب (ترامب على التطبيقات الصينية) كلها حروب عنوانها الأكبر هو (البيانات أمن قومي).

ختامًا؛ أنا لست مسؤول عنك وعن بياناتك سواءً كنت تريدها منحها لقوقل أو الفضائيين أو تضعها تحت سريريك، أنا فقط أسجل أفكار عن مستقبل مثل هذه الخدمات وكيف ستنشأ الحروب من أجل البيانات. :)