أن فساد نظام الأسرة يرجع في الغالب إلى عدم مبالاة الآباء أو إهمالهم. ففي كثير من الأسر لا يبذل الآباء جهداً كافياً في سبيل تهذيب أبنائهم والإشراف عليهم، وبمجرد أن يصبح الأبناء قادرين بدنياً على الاعتماد على أنفسهم فإنهم يتركونهم وشأنهم دون رقابة أو توجيه. ونتيجة لذلك يجد الأبناء أنفسهم على اتصال بأشخاص خارج المنزل ويصبح صيرورتهم مجرمين أولاً متوقفاً على نوع النماذج التي يصادفونها في المجتمع الخارجي. وهذا الإهمال من الآباء في تربية أبنائهم يصاحبه في الغالب سلوك إجرامي من جانب الآباء أنفسهم، ومن المحتمل كذلك أن يتحقق هذا الإهمال في الأسر التي تنتمي إلى أدنى المستويات الاجتماعية والاقتصادية وتقيم في المناطق الموبوءة المكتظة بالسكان أكثر مما يتحقق في عائلات الطبقة المتوسطة. وتبعاً لذلك فإن احتمال ارتباط الطفل ـ الذي يهمل آباؤه تربيته ـ بكثير من نماذج السلك الإجرامي يكون احتمالاً كبيراً.

وثمة مشكلة أخرى تنصل بنظام الأسرة وتربية الأبناء وتبدو في عائلات المهاجرين. فالآباء الذين يكونون ناجحين في معاملة أبنائهم وتهذيبهم في المجتمع الريفي، يجدون أنفسهم عاجزين عن ذلك متى هاجروا إلى مجتمع حضري. ويرجع السبب في ذلك من ناحية إلى جهل الآباء بظروف الحياة الاجتماعية في المدينة وسرعة إدراك الأبناء لهذه الظروف الأمر الذي قد يحمل الأبناء على النظر إلى آبائهم نظرة استخفاف أو سخرية.