الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)

الجلالين :

"الحمد لله" جملة خبرية قصد بها الثناء على الله بمضمونها على أنه تعالى مالك لجميع الحمد من الخلق أو مستحق لأن يحمدوه والله علم على المعبود بحق . "رب العالمين" أي مالك جميع الخلق من الإنس والجن والملائكة والدواب وغيرهم وكل منها يطلق عليه عالم يقال عالم الإنس وعالم الجن إلى غير ذلك وغلب في جمعه بالياء والنون أولي العلم على غيرهم وهو من العلامة لأنه علامة على موجده .

الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)

إبن كثير :

وقوله تعالى " الرحمن الرحيم" تقدم الكلام عليه في البسملة بما أغنى عن الإعادة قال القرطبي إنما وصف نفسه بالرحمن الرحيم بعد قوله رب العالمين ليكون من باب قرن الترغيب بعد الترهيب كما قال تعالى " نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم" وقوله تعالى " إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم " قال فالرب فيه ترهيب والرحمن الرحيم ترغيب وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع في جنته أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من رحمته أحد " .

مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)

الجلالين :

"مالك يوم الدين" أي الجزاء وهو يوم القيامة وخص بالذكر لأنه لا ملك ظاهرا فيه لأحد إلا لله تعالى بدليل "لمن الملك اليوم ؟ لله" ومن قرأ مالك فمعناه مالك الأمر كله في يوم القيامة أو هو موصوف بذلك دائما "كغافر الذنب" فصح وقوعه صفة لمعرفة .

إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)

الطبري :

القول في تأويل قوله تعالى : { إياك نعبد } قال أبو جعفر : وتأويل قوله : { إياك نعبد } : لك اللهم نخشع , ونذل , ونستكين , إقرارا لك يا ربنا بالربوبية لا لغيرك . كما : 144 - حدثنا أبو كريب , قال : حدثنا عثمان بن سعيد , قال : حدثنا بشر بن عمارة , قال : حدثنا أبو روق , عن الضحاك , عن عبد الله بن عباس , قال : قال جبريل لمحمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد : إياك نعبد , إياك نوحد ونخاف ونرجو يا ربنا لا غيرك . وذلك من قول ابن عباس بمعنى ما قلنا , وإنما اخترنا البيان عن تأويله بأنه بمعنى نخشع , ونذل , ونستكين , دون البيان عنه بأنه بمعنى نرجو ونخاف , وإن كان الرجاء والخوف لا يكونان إلا مع ذلة ; لأن العبودية عند جميع العرب أصلها الذلة , وأنها تسمى الطريق المذلل الذي قد وطئته الأقدام وذللته السابلة : معبدا. ومن ذلك قول طرفة بن العبد : تباري عتاقا ناجيات وأتبعت وظيفا وظيفا فوق مور معبد يعني بالمور : الطريق , وبالمعبد : المذلل الموطوء. ومن ذلك قيل للبعير المذلل بالركوب في الحوائج : معبد , ومنه سمي العبد عبدا لذلته لمولاه . والشواهد من أشعار العرب وكلامها على ذلك أكثر من أن تحصى , وفيما ذكرناه كفاية لمن وفق لفهمه إن شاء الله تعالى .

اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)

الجلالين :

أي أرشدنا إليه

"صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين" (7)

الجلالين :

"صراط الذين أنعمت عليهم" بالهداية ويبدل من الذين لصلته به . "غير المغضوب عليهم" وهم اليهود "ولا" وغير "الضالين" وهم النصارى ونكتة البدل إفادة أن المهتدين ليسوا يهود ولا نصارى والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا