جاء فايروس كورونا (كوفيد-19)، وأثر في فلسطين كما أثر في العالم أجمع وفي كل فئات المجتمع، حيث وصل مداه ليطال كل جوانب الحياة، بما في ذلك الجانب الاجتماعي والاقتصادي، بشكل نتج عنه أضرار مست فئة مهمة من أطراف المجتمع الفلسطيني، خاصة العاملين في القطاع الخاص، وأقصد في بالقطاع الخاص العاملين في المنشآت الخاصة كالمطاعم والفنادق ولأعمال الحرة الأخرى، والذين فقدوا وظائفهم بسب جائحة صنفتها منظمة الصحة العالمية بأنها أسرع الأوبئة أنتشاراً بين البشر على مر التاريخ.

وقد قامت الحكومة الفلسطينية ومنذ الوهلة الأولى إلى إحداث صندوق مالي خاص لمواجهة “كوفيد-19”، والذي عرف باسم (صندوق وقفة عز) بالإضافة إلى حث الشعب على التبرع، ورأينا خلال هذه الأزمة حدوث نكسة قوية على الإقتصاد الفلسطيني، من خلال أزمة رواتب الموظفين، وركود القطاع الخاص، رأينا ايضاً بعض المبادرات الشخصية التي ساهمت في توزيع بعض الأموال ولأغذية على بعض الأسر التي عانت من هذه الأزمة الكبيرة.

مع بداية الأزمة وخاصة في 5/3 من عام 2020 رأينا إجراءات تسعى السلطة الفلسطينية من خلالها نحو منع إنتشار العدوى بين صفوف المواطنين ولم تكترث للجانب الإقتصادي في بداية الأزمة، ولم تنتهج خطة للعمل على خلق التوازن العام للمنظومة الاقتصادية للبلاد، بعد ما خلفته الأزمة المرتبطة بفيروس كوفيدـ19، وللحيلولة كذلك دون توقف بعض القطاعات الخاصة, والمساهمة بشكل كبير في الحفاظ على إنتاجية القطاعات الخاصة، وبالتالي محافظة البعض على وظائفهم.

وفي منتصف الشهر السادس من عام 2020 وبعد البدء بالتخفيف التدريجي لحالة الطوارئ الصحية بسبب كورونا التي تم الإعلان عنها في فلسطين منذ مارس الماضي، وبداية عودة الحياة إلى طبيعتها بشكل تدريجي، نجد مجموعة ممن أصبحوا يعرفون بـ “تجار الأزمة”، يتفننون في استغلال الظرفية الاستثنائية التي تمر فيها فلسطين، حيث تفاجأ مجموعة من العاملين في القطاعات الخاصة بإنهاء عقود عملهم وتسريحهم، ليجدوا أنفسهم من أزمة إلى أخرى، ونجد أيضاً نوع من أنواع الضعف في قانون العمل الفلسطيني, ونجد أيضاً إنعدام التوازن الحقيقي بين تخفيف الاجراءات وانعاش الاقتصاد, ولكن ومن وجهة نظر الكثير أن فايروس كورونا أصبح أحتلال من نوع أخر, أو شبيه بالأحتلال الإسرائيلي, حيث تتفنن دولة الأحتلال في حجز اموال المقاصة, ويتفنن فايروس كورونا وبعض تجار الأزمة في إرهاق الأقتصاد الفلسطيني.

ولا يزال هذا الصراع الخفي، الظاهر، بين من يريد أن يستغل الأزمة من جهة، ومن جهة ثانية بين فيروس كورونا الذي يفتك بمصائر الناس من كل جانب، في فلسطين في ضل غياب نص قانوني صريح، يؤطر الوضعية التي تعيشها البلاد حاليًا.

وعلى رغم أن هذه الإشكالية تتسم بصفة اللحظية، أي أنها موجودة طالما أن فايروس كوفيد-19 لازال موجود، فهي في نفس الوقت تضع مسؤولية أمام القانون الفلسطيني، من أجل تعزيز المنظومة القانونية الفلسطينية بنصوص تعالج هذا الأشكال، والحالات المشابهة مستقبلًا.

أظهرت هذه الأزمة خللاً واضحاً في البنية التحتية القانونية سواء الدستورية أو العادية وأظهرت خلل في مفهوم الوعي الشعبي ، ولابد ايضاً من النظر إلى الإدارة الصحية وخاصة إدارة الأزمات الوبائية التي شهدتها فلسطين لأول مرة في عهدها الحديث ، حيث ان معظم ـ الدول ـ اتجهت إلى إعادة النظر في منظومتها الأساسية وذلك لتعزيز أمنها الداخلي بكل مكوناته وتعزيز المنظومة الصحية ومنظومة إدارة الأزمات، فأصبح التركيز على تأمين الغداء والدواء والطاقة، من ضم أولويات الدول، وخاصة بعد ما ظهر جليًا أن مجموعة من الدول والتي كانت تعتبر من بين الدول المتقدمة على المستوى العالمي، عانت وبشكل كبير في تدبير أزمة كوفيدـ19.

الطالب الحقوقي: أسامة إبراهيم عيد