يتناول المسلسل السيرة الذاتية لخامس الخلفاء الراشدين (عمر بن عبد العزيز)، بداية من نشأته كشاب أموي، وحتى وصوله إلى كرسي الحكم، كيف قاد البلاد وحكمها بالصلاح والعدل في ظل عصر كان مليء بالفتن والحروب ورغم أن حقبته لم تكن حقبة الخلفاء الراشدين من صحابة الرسول لكن لتطبيقه العدل وقيامه بإجبار علية القوم من الأغنياء والأمراء و الوزراء بالتخلي عن قسم كبير من ثرواتهم قبل تطبيق أي ضريبة على الشخص العادي ، وفي عهده يقال أنه قام بتزويج كل الشباب وتوفير السكن لهم والقضاء على الفقر تماماً ، ولكن بالنظر للواقع الحالي الفعلي حيث تتسع دائرة الفقر بشكل مستمر وتزداد الفجوة يومياً بعد يوم في بلادنا العربية بين الأغنياء والفقراء ، حيث يزداد الأغنياء فوحشاً وإنعزالاً عن المواطن العادي البسيط داخل مدنهم الخاصة الذكية وحراستهم المشددة حيث يمكن أن تصل وجبة إفطار بسيطة لمرتب أسرة كاملة لمدة شهر أو أكثر من شهر ، لذا هل من المقبول أن يأتي حاكم أي بلد عربية ذات يوم قريب ويقوم بفرض ضرائب على الأغنياء لمكافحة الفقر؟ (بنفس طريقة عمر عبد العزيز) وستكون مع أم ضد تلك الفكرة ؟
مع أم ضد فرض ضرائب على على الأغنياء لمكافحة الفقر؟ مسلسل عمرو عبد العزيز
مما قرأته أن في عصر الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لم يُترك فقيرٌ واحدٌ في دولته، حتى الحيوانات نالت نصيبًا من هذا الرخاء!
هذا يُظهر براعة الفلسفة العميقة التي يقوم عليها نظام الزكاة في الإسلام، وليس الأمر مقتصرًا فقط على فرض ضرائب على الأغنياء، بل هو نظام متكامل للتكافل الاجتماعي الذي يعزز العدالة الاقتصادية ويحقق التوازن بين طبقات المجتمع.
في هذا النظام يُسمح للغني أن يزداد غنى، لكن في نفس الوقت يُضمن ألا يزداد الفقير بؤسًا أو فقرًا. وحتى توزيع الزكاة بشكل عادل، لا يُشجع الفقير على التبعية أو الاتكالية من الفقير، بل يساعده على سد حاجاته الأساسية وتمكينه من تحسين وضعه.
وحتى توزيع الزكاة بشكل عادل، لا يُشجع الفقير على التبعية أو الاتكالية من الفقير، بل يساعده على سد حاجاته الأساسية وتمكينه من تحسين وضعه.
وأضيف أيضاً محمود أن من دلائل عبقرية التشريع الإسلامي أن الزكاة تُفهم على أنها حق الفقير في مال الغني. فهنا لا يشعر الفقير أنه عالة على المجتمع او على الأغنياء بل هذا حقه قد فرضه الله له من فوق سبع سموات في كتاب خالد إلى يوم الدين. هذا التشريع يحترم الفقير جداً ويجعل نفسه رضية سوية فلا يشعر بالدونية بل قد يعينه ذلك على العمل و الإغتناء لاحقاً. فليس منة من الأغنياء ما يقومون به من أموال الزكاء بل هو فرض لهم في أموالهم. أعتقد أن هذا النظام لا نجده في أي نظام مالي سواء رأسمالي أو اشتراكي حيث يشعر الفقير بالهوان و بالضعة و الأغنياء يتفضلون عليه!
فرض ضرائب على الأغنياء لمكافحة الفقر فكرة قد تبدو عادلة، لكن النجاح في تنفيذها يعتمد على كيفية تخصيص هذه الضرائب بشكل مباشر لتحسين حياة الفقراء. حتى لو كانت هناك نية طيبة، مجرد فرض الضرائب دون خطة محكمة لا يضمن بالضرورة القضاء على الفقر. لابد من توفير فرص عمل، تعليم، ورعاية صحية تساعد في بناء مجتمع متوازن. العدالة في توزيع الموارد لا تتحقق فقط بالضرائب، بل بتطوير شامل للأسس الاقتصادية التي تضمن أن الجميع يستفيد من ثمار النمو والتقدم.
كيف يمكن ضمان أن الضرائب ستُستخدم بشكل فعّال في محاربة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية؟
من وجهة نظري أن الطريقة المناسبة لضمان استخدام الضرائب بشكل فعّال لمحاربة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية تتطلب وضع آليات واضحة وشفافة لتخصيص تلك الإيرادات، بحيث تُعطى الأولوية للمشروعات التي تُحدث تأثيرًا مباشرًا على حياة الفقراء. يمكن للدولة مثلاً أن تنشئ لجان مختصة تضم ممثلين عن المجتمع المدني والخبراء، تعمل على تقييم الأولويات التنموية وتحديد المجالات الأكثر حاجة مثل التعليم، الرعاية الصحية، والتنمية الاقتصادية. كما يجب أن تكون هناك متابعة دورية وشفافة لكيفية إنفاق هذه الضرائب، مع تقارير مفصلة تُنشر للجمهور لزيادة ثقة المواطنين في هذه الإجراءات. وبجانب ذلك، من المهم تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والمجتمع المحلي، حيث يمكن للمشاريع المشتركة المساهمة في خلق فرص العمل وتحفيز النمو المستدام. بهذه الطريقة، يمكن أن تتجاوز النتائج الجوانب المالية الضيقة للتضامن الاجتماعي، وتحقق تأثيرًا إيجابيًا يتجاوز الجوانب الاقتصادية ليشمل الرفاهية العامة للمجتمع فهل تتفقي مع هذا الرأي أو لديك فكرة أفضل؟
أتفق معك في أهمية وجود آليات واضحة وشفافة لضمان استخدام الضرائب بشكل فعّال. من الضروري أن تكون هناك استراتيجيات محددة تركز على الأولويات التي تحتاج إلى تحسين بشكل عاجل، مثل التعليم والرعاية الصحية، لأن هذه المجالات تؤثر بشكل مباشر في حياة الناس. كما أن الشراكات مع القطاع الخاص والمجتمع المحلي تساعد في تسريع عملية التنمية وتوفير فرص العمل. المفتاح هنا هو الالتزام بالشفافية والمحاسبة لضمان أن الأموال المجمعة تُستخدم في تحقيق الفوائد الحقيقية للجميع.
المفتاح هنا هو الالتزام بالشفافية والمحاسبة لضمان أن الأموال المجمعة تُستخدم في تحقيق الفوائد الحقيقية للجميع.
نعم أدرك أن هذا هو المفتاح ، ولكن تحقيق ذلك هو المشكلة .. فكيف نحقق الشفافية في بيئة غير شفافة يرفض فيها الجميع تقريباً التعامل بشفافية .. لأنها ببساطة ستعريهم ؟
على الرغم من صعوبة الوضع، يمكن تغيير هذه البيئة عبر خطوات تدريجية. الشفافية لا تعني بالضرورة تعرية الأشخاص، بل هي عملية بناء ثقافة من الثقة والمساءلة. قد يبدأ التغيير بتطبيق آليات رقابة مستقلة، وتعزيز قيمة المحاسبة على جميع المستويات. هذا سيساهم في تغيير النظرة السائدة، ويخلق بيئة أكثر انفتاحًا واهتمامًا بمصلحة الجميع على المدى الطويل.
مع طبعا، لكن قبل زيادة الضرائب عليهم، سأجبرهم على رفع رواتب العاملين عندهم الذين هم مصدر هذه الثروة الهائلة، لكن من المهم أن أوفر لهم أمانا استثماريا وأقلل من دفع الرشاوى والمحسوبيات واقدم لهم خدمات أفضل يجعلهم يشعرون بالأمان الاستثماري، ثم أفرض عليهم هذه الضرائب كي يستفيد الجميع
أكثر ما يعجبني في وجهة النظر تلك إنها مبنية على رؤية واضحة وموضوعية ، ولكن هل تعتقد أن الأغنياء سيقبلون دفع تلك الضرائب ، والسؤال الأشد تعقيداً هل سيقبل المنتفعين من الرشاوي والمحسوبيات من التخلص منهم بتلك البساطة وهم يتحكمون في صناعة الكثير من قرارت المؤسسات التي يعملون بها ؟
طالما هذه الدائرة النفعية تستمر في الدوران فليس هناك حل الا بتغيير نظام الادارة ككل ويكون الحل من الجذور ، والضحية واضحة وستزداد معاناتها
لكن بالنسبة لتلك النقطة أجدها شائكة لأن تلك التجمعات لا تعمل بشكل عشوائي فعندما تجد مثلاً موظف مرتشي فهناك شخص أكبر منه يرشيه ، وعندما توجه مؤسسات ترتشي فتخيل حجم منهم أكبر ويقوموا برشوتهم والانتفاع منهم .. ماذا ستفعل حينها ، ما أحاول قوله هنا حتى لا يأخذ الموضوع صبغة سياسية قد تفرض علينا أنه في العصور السابقة (العصر الزمني للإسلام) كانت فترة الناس سليمة كانوا يبحثوا عن تغيير حقيقي ، كانوا لديهم مثلاً إستعداد كامل للوقوف خلف رجل واحد مثل عمر عبد العزيز ومساندته حتى يأتي لهم بالحقوق، كما أن عصره لم يشهد تغلل قوات خارجية في شئون البلد الداخلية بنفس الدرجة التي يحدث فيها الأمر نفسه حالياً في مجتمعات الدول النامية ، فهناك قوى إستعمارية خارجية متعددة تحركها المصالح والأطماع في ثرواتك هي من تتحكم في المنظمومة الداخلية فهمت ما أقصده صديقي؟
عندما بدأت الأفكار السياسية والاقتصادية الحديثة من رأسمالية واشتراكية وشيوعية وما تحتوى عليه من أفكار تحدد ارتباط الدين بتطور الدوله وتعدد أفكار الأشخاص، أصبح الناس عموما يدافعون عن أفكارهم المتعددة بشكل أهم من بناء الدولة، يضحون في سبيل أفكارهم بالدولة نفسها، والصراع يستمر ويكبر حتى يفشل الجميع
الأفكار في الأساس هدفها المصلحة -وإن كنت غير مقتنع بالأفكار الحديثة كلها-، لكن الناس يتعاملون مع الأفكار على أنها أهم من المجتمع نفسه، وأهم من مصلحة الناس، فلا مانع من ضياع مصلحة الناس في سبيل الحفاظ على مصلحة الفكرة
أصبح الناس عموما يدافعون عن أفكارهم المتعددة بشكل أهم من بناء الدولة، يضحون في سبيل أفكارهم بالدولة نفسها، والصراع يستمر ويكبر حتى يفشل الجميع
وهذه هي الكارثة بحق ، فنجد الأشخاص ينحذوا لأفكارهم لمجرد إنها أفكارهم ، هذا التعصب الأعمى القميء المدمر لقد أصبت في وصفه بدقة، ولكن يقفز في ذهني سؤال ملح ومهم أرغب في معرفة إجابتك عليه ، هل ترى أن الحل الرديكالي كالذي فعله (عمرو عبد العزيز) في فرض ضريبة بالقوة على الأمراء والأغنياء هو الحل الأمثل الحالي مهما خلف ذلك من عواقب ، أم ترى أن الأهتمام بإصلاح الفكر والتغيير البطيء هو الأنسب مع مجتمعنا؟
التعليقات