هل ستتعاطف مع شخص طاغي إذا علمت أن ذلك نتج عن قسوة تعرض لها في حياته ؟! حلقة المركبة الأمريكية كاليستر - USS Callister من مسلسل The Black Mirror4

هل هو مُدرك لتلك الحقيقة.

أعتقد ذلك، لهذا يظهر عكس ذلك لكي يثبت لنفسه وللعالم أنه قوي.

الأمر أشبه بالطفل المتنمر فهو يعاني من نقص ما عندما يرى طفل آخر لا يعاني منه سيصبح أحد أهدافه ليظهر أنه قوي ليشعر الطفل الآخر أنه يعاني من النقص الذي يعانيه هو لا الطفل.

هل هو إنسان سوي نفسيًا ليتم مُحاسبته على الطريقة التي يتبعها في تعويض النقص لديه ؟

بكل تأكيد هو مريض ويحتاج للمعالجة، فمثل هذه التصرفات لا تصدر عن شخص شوي.. أما بالنسبة لمحاسبته أعتقد بما أنه يفرق بين الصحيح والخاطئ يمكن محاسبته بغض النظر عن أسباب حالته هذه، هل سيتم اسقاط العقاب عن السارق الذي احتاج النقود؟ طبعا لا، وهذا ما يحدث أيضا مع هذا الشخص فإذا لم تتم محاسبته يتحول لظلم.

فهو في النهاية لا يُريد شيئًا منهم سوى أن يشعر بالإنتصار عليهم والتميُّز عنهم لإرضاء المعاناة التي تدور في داخلة .

لماذا يريد الشعور بالانتصار عليهم والتميز عنهم؟! ذلك للفت نظرهم، فهو لم ينجح به بالأول عندما سلك سلوكا طبيعيا وكان لديه بالفعل ما يميزه.

بنظري ليس شرطا حدوث الأذى من المتنمر، فمثلا عندما يكون الشخص واعيا أو مدركا أن من أمامه ربما قد عانى في حياته، ولذلك أصبح على ما هو عليه، ربما يكون قادرا على التعاطف ولا يتأذى، ولا أرى غرابة في التعاطف في هذه الحالة؛ لأني شاهدت بنفسي تأثير الاهتمام والتعاطف على كثير من المتنمرين خاصة أطفال المدارس سواء من المعلمين -النُدُر بالطبع- أو من زملائهم، وكيف أن ذلك أسهم في صلاحهم. وكيف ندموا بعد ذلك على ما قاموا به!  

وفي نفس الوقت، عندما يتأذى شخصٌ نتيجة أفعال المتنمرين، ولأتحدث من وجهة نظري، فأرى أني رغم إدراكي واقتناعي بأن أغلب أشكال التنمر سببها الظروف المحيطة التي لم يخترها المتنمرون، فهنا أتذكر حقيقة أن لا حق لهم فيما يفعلون، ربما في بعض الأحيان لن أقوى على تفهمهم!

وفي نظري، في كلتا الحالتين هم بشر مثلنا جميعا، نخطئ ونجرح الآخرين بطريقة أو بأخرى، ولكن الفرق هو أن جرحه مكثف في نفسية من حوله، وربما أحدنا يفعل ما يفوق تأثيره على نفسية الآخرين في وقت ما!

ولا أقصد بالتعاطف أن يتم التساهل معهم، ولكن استيعاب مشاعرهم وحاجتهم العاطفية والنفسية، والتعامل معهم بإنسانية، وليس كمجرمين لا يغتفر لهم! وفي نفس الوقت، اتخاذ الإجراء الصارم معهم، كلٌ حسب جُرمه.

وربما لأني قابلت الكثيرين ممن تعرضوا للعنف أو التنمر ولم تتأثر نفسيتهم، وقلة قليلة جدا ممن قابلتهم تأثرت، لذلك أستطيع تفهمهم، ولكني في كل الأحوال أرى أنهم يستحقون فرصة أخرى، ويستحقون التعاطف والاهتمام والذي بنظري لا يتنافى مع نيلهم للعقاب. وإن لم أستطع أنا في حين من الأحيان، فلا أرى غرابة في آخر يقوى على التعاطف معهم!