نقلا عن حسابه الرسمي، بتصرف.


إِنَّ الحمدَ والثَّناء هُما لله وحده، هو الَّذي غرس فينا العقل والفُضول وحُبَّ السُّؤَال، وأَنعم علينا بالفكر والمَعرِفة والاستدلال، وأَبعدنا عن الجدل والقِيل والقال، فنجَّانا مِن الضَّلال وكشف لنا الجمال، هو الأَوَّل والآخِر والأَصل والمُنتهَى، وبه نستعين.

//

أَمَّا بعدُ،

//

هذا هو مُؤَلَّفي الثَّانِي في مَباحِث العلوم والمعارف التَّطبيقيَّة، ويُعْنَى بالتّرانزِستُور ثُنائِيّ القُطب، وهو عُنصرٌ إِلكترونيٌّ صُنِّع في مخابِر الأَبحاث مُنذ أَكثر مِن نصف قرنٍ من الزَّمان، فأَحدث ثورةً تقنيَّةً لا نزال نعيش في ظِلالها حتَّى اليوم، فلا يَكاد يخلو جهازٌ إِلكترونيٌّ حديثٌ مِنه. ناهيكَ عن كون دراسة التّرانزِستُور ثُنائِيّ القطب هي أَوَّل المَداخِل إِلى الهندسة الإِلكترونيَّة. وعلى الرُّغم من ذلك، فلستُ أَعرف فيما قرَأتُ، بالعربيَّة والإِنگليزيَّة والفرنسيَّة، كِتاباً مُختصَّاً بهذا الشَّأن بحدِّ ذاته.

//

يقع هذا الكِتاب في ثمانية فُصولٍ، أَوَّلها نَبذةٌ تاريخيَّةٌ وشرحٌ عن أَصل اسم التّرانزِستُور وشكل رمزه، وثانِيها عن أَشباه المُوصِلات وهي المواد الَّتي تُشكِّل اللِّبنات الأَساسيَّة الّتي يُبنَى مِنها هذا العُنصر، وثالِثها عن بِنية التّرانزِستُور وإِعداد وصلاته الثَّلاثة والعلاقات الرَّئِيسيَّة النَّاظِمة لعمله، ورابِعها عن تحييز التّرانزِستُور ومعناه والدَّارات الإِلكترونيّة المُستعمَلة لتحقيق ذلك، وخامِسها عن نَمْذجة التّرانزِستُور، الخطِّيَّة مِنها وغير الخطِّيَّة، وسادِسها عن تطبيقات التّرانزِستُور كمُضخِّمٍ للإِشارات الصَّغيرة والكبيرة وكمِفتاحٍ إِلكترونيٍّ، وسابِعها عن استجابة التّرانزِستُور التّردديَّة وكيفيَّة تحديد ترددات قَطعه ورِبحه، وثامِنها عن مجموعةٍ مِن المهارات الأَساسيَّة في التَّعامِل مع التّرانزِستُور وورقة بياناته.

//

يتطلَّب تصفُّح هذا الكِتاب معرفةً مُسبقةً بأُسس الهندسة الكهربائِيَّة، وقد أَشرت في غير مَوضِعٍ في حواشي الكِتاب إِلى قوانينَ ونظرياتٍ استعملتها في مَتنه، كقانوني كِرشُوف ونظريَّة ثِيڤِينِين، وذكرتُ عندها نصوصها دون توسُّعٍ فهذا ليس شَأننا في مباحِث الكِتاب. بالإِضافة لذلك، فقد استعملتُ مقاديرَ فيزيائِيَّةٍ مع واحداتها القياسيَّة أَو المُشتَقَّة دون تعريفٍ أَو استنباطٍ، ومِنها على سبيل المِثال الشِّحنة الكهربائِيَّة وواحدتها الكُولُون، والمُقاوَمة الكهربائِيَّة وواحدتها الأُوم، وغير ذلك، فاقتضى هذا الاستعمال التَّنويه.

//

إِنَّ مُحتوى هذا الكِتاب مَنشورٌ تحت رُخصة المشاع الإِبداعيّ: نسب المُصنَّف 4.0، وقد سبق أَن قمت بنشر أَجزاءٍ كبيرةٍ منه في مقالة التّرانزِستُور ثُنائِيّ القُطب في وِيكيبيديا العربيَّة، وهي المقالة الّتي طوَّرتها مما بين دفتي كِتابي هذا حتَّى جَعلتُها مَوسُومَةً بوسم المُحتوَى المُختار، فإِذ هي صدقةٌ جاريَّةٌ وعِلمٌ يُنتفَع به. وأَمَّا الصُّور والأَشكال، الَّتي يزيد عددها عن المِئَة، فهي في أَغلبها من إِعدادي وتصميمي، وقد قمت برفعها كُلِّها على وِيكيمِيديا كُومِنز بنسختين: عربيَّة وإِنگليزيَّة تحت نفس الرُّخصة السَّابِقة، وأَرفَقتُ في نهاية الكِتاب جَدولاً تفصيليَّاً يَتضمَّن الأَسماء الأَصليَّة للصُور الّتي استعملتُها وأَسماء مُؤَلِّفيها ورُخصها.

//

ولقد جاهدتُ جِهاداً كبيراً في سبيل تعريب المُصطلحات العلميَّة، وبحثت طويلاً عن الجذور العربيَّة المُقابلِة لكُلّ جذرٍ أَجنبيٍّ مُستعمَلٍ، وعن تصاريف الكلمات الدَّارِجة واستخداماتها، وأَوردتُ في النِّهاية سَرداً تفصيليَّاً يضمّ كُلَّ الكلمات المُعرَّبة الّتي أَتيتُ على ذِكرها في مَتن الكِتاب، كما حَرَصتُ على ضبط الكلام أَغلَبِه بالشَّكل، وذلك تحسيناً للفظ وحِفاظاً على سلامة النُّطق. بالإِضافة لما سبق، فقد استعملتُ في غير مَوقعٍ بَعضاً مِن الحُروف المُضافة للأَبجديَّة العربيَّة، وهي الباء (پ) والفاء (ڤ) المُثلثتَين والكاف المَشرُوطة (گ)، وذلك في الكلمات المُعرَّبة الَّتي تحتوي مقاطِعَ صوتيَّةً ليس لها مُقابِلٌ في الأَبجديَّة العربيَّة.

//

وإِنِّي أَتوجَّه بالشُّكر إِلى أُستاذيَّ القدير أُوكتَاڤِيان كُوريا الّذي زوَّدني ببعضٍ مِن أَهمِّ المراجِع الّتي اعتمدت عليها في هذا الكِتاب، وأَجابني غيرَ مرَّةٍ على عددٍ من القضايا مُناقشةً وشَرحاً، وكان صاحب الفضل في ترتيب الفصول كما سترِد فيما سيَأتي، وما كان بالإِمكان لهذا الكِتاب أَن يُبصر النُّور لولا هذه المُداخلات القليلة العدد العظيمة القيمة، واستوجب ذلك مِني ذكر مُساهمته عِرفاناً وتَثمِيناً.

//

وأَتمنى أَخيراً أَن يصل هذا الكِتاب إِلى أَيدي المُتحدِّثين باللُّغة العربيَّة مِن أَبنائِنا طلبة هندسات الكهرباء والإِلكترونيَّات والحاسوب وما تضمُّه مِن اختصاصاتٍ فَرعيَّةٍ، فيَكونُ أَحد أُسس دراستهم ومَرجِعاً يعودون إِليه كُلَّما اقتضت الحاجة، وتلك هي غايتي ومُرتجاي.

//

والله غالِبٌ على أَمرهِ، وهو وَليّ التّوفيق

===

رابط الوصول للكتاب: