الموضوع قد يناسب مجتمع ثقافة أكثر من مجتمع العلوم ، لأن الموضوع مختلط بالعلم والدّين.
تضاربت الأراء ولا زالت حول الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، هل هو حقيقة أم مجرد كذبة لفّقها البعض ؟!
مبدئيًّا الإعجاز العلمي في القرآن الكريم صحيج كامل الصحة ومثبت ، أي أنه ليس اعتقاد ( يمكن صائب أو غير صائب ) ، أمّا عن الغلو في الإعجاز العلمي فهو موضوع آخر ، فالغلو في أي شيء يفسده ، هذا لا شكّ فيه ، مازاد عن حدّه انقلب ضدّه ، فهناك طوائف متعمدة في إقحام الدّين في أغلب المواضيع العلميّة وبحجج ضعيفة أيضًا ، لكي يتحصّل على الإعجاز العلمي بأسره على النقد من العلماء وحتّى من العامّة ، ببساطة يكرّه الناس في الإعجاز العلمي ، فمؤخّرًا كنت أناقش أنا والأصدقاء أحد الأشخاص ، وكان يدخل الدين والأحاديث في أي موضوع علمي ، فهو كان يظهر لنا أنه مسلم وقد كان يقول بصحة الإعجاز العلمي ولكنّه في الحقيقة كان يحاول إعطائنا فكرة بأن الإعجاز العلمي وهم ، وبعد ذلك بفترة اكتشفنا أنّ ذلك الشخص كان ملحدًا ، مندس في الإسلام ويحاربه من الداخل !!! ذكّرني بعبد الله بن سبأ.
قال تعالى :
(ثٌمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاْءِ وَهِيَ دُخَاْنٌ) من سورة فصّلت.
هذه الحقيقة عن أنّ السماء تتكون من دخان لم يصل إليها العلماء إلا من زمن قريب ،إذًا كيف هي في القرآن المنزّل قبل 1400 عام ؟!
( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِيْنَ كَفَرُواْ أَنَّ السَّمَوَاْتِ وَ الأَرْضَ كَاْنَتَاْ رَتْقَاً فَفَتَقْنَاْ) من سورة الأنبياء.
الأرض والسماء كانتا ملتصقتان قبل ملايين السنين ثمّ حصل الانفجار العظيم ، وهذا حسب آخر ما توصّل إليه العلم الآن.
(وَ جَعَلْنَاْ مِنَ المَاْءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاْ يُؤْمِنُوْنَ) من سورة الأنبياء.
أي خليّة حيّة تتكون من نسبة عالية من الماء ، وإن فقدت 30% من هذه الكمية ستمت.
( وَ الشَّمْسُ تَجْرِيْ لِمُسْتَقَرٍّ لَهَاْ ذَلِكَ تَقْدِيْرٌ الْعَزِيْزِ الْعَلِيْمِ ) من سورة يٰس.
الشمس تتحرّك ولكنّها ثابتة بالنسبة للمجموعة الشمسية فهي تمشي إلى حين أن تتغيّر هيأتها وتلك نهاية المجموعة الشمسية ، لا يعلم أحد إن كانت نهاية المجموعة الشمسية هي يوم القيامة أم لا ، أما عن موضوع أن بعد ملياري سنة سينتهي الكون ، فهي مجرّد توقعات مبدئية مبنيّة ليست مثبتة كباقي النظريات العلمية.
( وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقَاً حَرَجَاً كَأَنَّمَاْ يَصَّعَّدُ فِيْ السَّمَاْءِ ) من سورة الأنعام.
من كان يعلم قبل 1400 عام بهذه الظاهرة الفيزيائية الحيويّة ، هل كان لهم أباتشي آنذاك ليصعدوا بها.
(وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَاْرَ فَإِذَاْ هُمْ مُظْلِمُوْنَ) من سورة يٰس.
نحن في النهار على وجه الأرض نرى السماء والكون مضيء وكأنّه لا ظلام في هذا الكون ، ولكن الحقيقة أنّ الكون مظلم في جميع الأوقات ، وهذه الحقيقة أثبتتها الأقمار الصناعية التي اخترعت في القرن الأخير.
( وَ جَعَلْنَاْ السَّمَاْءَ سَقْفَاً مَحْفُوْظَا ً) من سورة الأنبياء.
انقسموا في تفسير هذه الآياء.
1_ السقف المحفوظ هو الغلاف الجوي.
2_ السقف المحفوظ هي السماء التي لم يصل لها الإنسان إلى يومنا هذا.
وكلتا الحقيقتان صحيحتان بعيدًا عن أيهما الأصح لتفسير الآية.
والعديد من الآيات الأخرى التي تدل على الإعجاز العلمي في القرآن ، وتظل المشكلة أن آراء الناس منقسمة حول هذا الموضوع في الأغلب :
1_جهة يسار الّتي تقول بوهم الإعجاز العلمي وتبعده من العلم بعد كامل ( أغلبهم ملحدين حسب ما رأيت ).
2_جهة يمين وهي التي تبالغ في الإعجاز العلمي وتقحمه في أي علم وكأنّ القرآن الكريم كتاب علمي في الأصل وليس كتاب إلٰهي شامل فيه شريعة تنظّم الحياة وتأمر الناس بالمعروف وتنهي عن المنكر ، وكذلك في هذا الكتاب بعض الحقائق العلميّة التي وُضعت ردًّا على الّذين يكذّبون بهذا الكتاب العظيم ، فترى الآيات الّتي بها الإعجاز العلمي تبدأ ب " أولم يرى الّذين كفروا " و " آية لهم " أي أنّها رد لا بعده رد للذين يكذبون القرآن الكريم ويقولون أن محمد صلى الله عليه وسلم من كتب القرآن !!.
وللأسف لا نرى جهة كبيرة في الوسط بين الغلو والإفراط ، فجهة اليسار تبالغ وجهة اليمين تعارض بشدّة !!
فحقيقةً أن علاقة العلم بالدّين ليست علاقة تنافس وتضاد بل علاقة تكامل ، فالعلم ( الفيزياء والأحياء والفلك و....) ، فالّدين أمر بالعلم وليست مسابقة من يثبت نفسه كما يعتقد البعض.
الموضوع مفتوح للنقاش.
التعليقات