تحذير: هذا الكلام يعد فضفضة دون مصادر وفقط ذكر للتجارب لذا أنت لست مضطرًا لتصديق كل ما يقال، واذا أردت يمكنك العودة لكتاب دين الإنسان الباب الأخير الفصل السابع، فيتم ذكر فيه مصادر وشرح لما يقال هنا، كما يبدو أن إفرازاتي الحسوبية على أشدها اليوم، ويجب أن أنشرها في مكان ما.

منذ بدء الإنسان الحياة على هذه الأرض أحس بتوحده مع هذا العالم ووجود قوة أخرى ومستوى آخر غيبي يتخلل هذا العالم، ولكنه مدفوعًا بغريزة نحو البقاء اضطر لاستخدام عقله بالطريقة العلمية مختزلًا كل شئ ومحاولًا صنع الأدوات ليعيش، وبعد ألاف السنين ظل فيها شعور الانسان اللاواعي بهذه القوة، زاد شعور الانسان الواعي ووصل لمرحلة موازنة بين الوعي واللاوعي وأكتشف وجود الآلهة التي استمر بعبادتها والتي حافظت على هذه الموازنة بين الوعي واللاوعي رغم تقدم الانسان السريع وازدياد اعتماده على الوعي، ولكن وصل اعتماده على الوعي إلى مرحلة كسرت الموازنة بين العالمين، عالم الغيبيات وعالم المرئيات، فقرر الانسان أنه لا وجود لهذا المستوى القدسي الآخر الذي لا يستطيع أن يراه مدفوعًا بغريزة علمية حلت مكان الغريزة الأولى، وقرر أن يعتمد على الوعي وحده في البحث عن حقيقة هذا العالم، والآن وصلنا لهذه المرحلة لنجد أن الوعي يعيدنا مجددًا لتصديق اللاوعي.

كثرت محاولات أختزال الانسان العالم إلى مكونات أولية أعتقادًا منه أنه هكذا سيفهم العالم، متناسيًا أنه لفهم أي لوحة يجب أن يأخذ الصورة الكاملة لا أن يقتطع أجزاء من اللوحة ويقول أنها هي مكوناتها، فالصورة الأكبر هي الوسيلة الوحيدة لفهم الأمور، كما أن السياق هو الوسيلة الأهم لفهم الكلمات، وحاول الانسان اختزال العالم للعناصر الأربعة: الماء والنار والهواء والأرض، ثم حاول الفلاسفة اختزال العالم لأول مفهوم ما زلنا نستخدمه منذ 2000 سنة وهو الذرات، فأعتقد أرسطو أن العالم يتكون من ذرات لا يمكن تجزيئها ولا يمكننا تخطئة الرجل حاليًا والقول أن الذرات يمكن تجزيئها لأن استعمالنا للكلمة مختلف عن استعماله لها، وبالفعل مر الزمن وأكتشفنا مع بدايات ميكانيكا الكم -تقريبًا أسرع نظرية تطورًا- وجود العناصر والجزيئات والذرات والبروتونات والنيترونات والالكترونات، ثم قسمنا الهادرونات (البروتونات والنيترونات) إلى كوركات، وقلنا أننا نقترب من فهم العالم!! وابتعدنا قليلًا قليلًا عن النظر للعالم بصورتها الكبرى مما أوجد هذه الفجوة بين النسبية وميكانيكا الكم، حيث تهتم الأولى بالعالم الكبير والثانية بالعالم الصغير، ثم وجدنا وأكتشفنا الحكمة التي أستمرت الأديان تقولها طوال عمرنا وهي أهمية العقل والإنسان في العالم، فتخبرني الأديان أنه لا يمكننا الوصول للخلاص إلا باستعمال العقل -استخدمت هذه الكلمة لانها تفيد معظم المعاني عند نهاية الكون مثل الاستنارة والنيرفانا والقيامة وهكذا-، فنجد أول تجليات هذا العالم الآخر والمستوى الآخر من الوجود في مبدأ الريبة -اللا يقين- لهايزنبرج فيقتل أحد مسلمات الفيزياء لقرون والتي تضع الانسان ك"مراقب" ليظهر لنا أن الانسان دوره في عملية الرصد هو "مشارك" وأن برصده لأي شئ فهو يساهم في إيجاده، فبينما يقع هذا الشئ في عالم من الاحتمالات -كقطة شرودينغر- يأتي الإنسان ليرصده ويجبره على إتخاذ وضعية معينة تبعًا لأدوات الرصد والإختبارات القائمة وهكذا، وهذا كان أول دليل قوي على دور الإنسان في الكون وعلى أهمية العقل الذي هو جزء من الكون في فهم الكون، واثبات أن ما نرصده وما نذاكره وما نتعلمه ليس الحقيقة بل نظرتنا للحقيقة وخريطتنا للحقيقة، فنحن نرصد حقائقنا نحن، ونرصد تفاعلاتنا مع الحقيقة ، وما ينطبق على الذرات التي هي المكونات الأصغر لكل شئ أكبر، يجب أن ينطبق بالتالي على المكونات الأكبر حتى لو ظهر بشكل خافت جدًا وغير ملحوظ، ثم جاء أينشتاين ليثبت لنا أن الضوء ذو طبيعة مادية وموجية وفقًا للطريقة التي نريد قياسه بها، وجاءت تجربة الشق المزدوج على الالكترونات لتظهر لنا أن المادة أيضًا يمكن أن تكون لها طبيعة موجية ومادية!! قاتلة بهذا كل المفاهيم السابقة مثبتةً أننا لا ندرس الحقيقة، بل ندرس ما نراه حقيقة، أما الحقيقة فهي في عالم آخر من الاحتمالات لا يمكننا الوصول اليه الا بالتأثير عليه مؤكدةً أننا ندرس أنفسنا في دراستنا للكون!، وجاءت ظاهرة التشابك الكمي لتؤكد على وجود هذا المستوى الآخر الذي أحس الإنسان بوجوده منذ القدم، فتثبت لنا أن ما كان لدينا من مسلمات ليس بمسلمات حقيقةً فمسلمة سرعة الضوء تنهار أمام ظاهرة التشابك الكمي والتي تجعل الذرات تبدو وكأنها مربوطة بحبل خفي وعلاقة خفية، وجاءت نسبية أينشتاين بقانونه الشهير: الطاقة= الكتلةxمربع السرعة، والتي نظرنا لها دائمًا على أنها الطريقة والوسيلة التي تتحول بها الطاقة الى كتلة عند تجاربنا في المصادم الكبرى، متناسين تمامًا أن ما تقوله المعادلة هو تاكيد على عدم وجود الكتلة أصلًا وأن المادة ما هي إلا تجلي من تجليات الطاقة وهي نتاج لقياسنا لها! وأن الطاقة التي أحس بها الإنسان منذ القدم بتسريها في الكون موجودة وأن الكون كله ما هو إلا وهم وخيال -على رأي بن عربي- وأنه كله تجلي لطاقة ودور الانسان في فهمه موجود! وجاءت معادلات فينمان ونظرية المصفوفة S لتؤكد لنا على وجود التجربة الروحية والعقل الكوني وأنه ممكن بالفعل، فتثبت لنا أن كل شئ يبدو مترابطًا في الكون وأنه يمكننا النظر إلى الكون على أنه شبكة ضخمة من العلاقات وان الجسيمات حوادث ولا وجود لها إلا في علاقتها مع بعضها البعض، وهذا يعني بشكل أو بآخر أن كل جزء في الطبيعة ينطوي على الجزء الآخر، وبعد اثبات نسبية الزمكان على يد أينشتاين وأصدقائه، وقتل قوانين السببية في تجربة التشابك الكمي، نجد أننا أمام كون لا يمكن تفسيره إلا نسبيًا! وأن كل موجود محتاج لآخر لتفسيره وأن هناك ما يشبه العقل الكوني المكون من علاقات تربط بين كل شئ والذي هو طاقة تسري في الكون كما ظهر في تجربة الشق المزدوج على الالكترون، حيث سار الالكترون في المسار الذي توقعنا أن يسلكه اذا كانت له طبيعة موجية!! الالكترون كان يعرف ما نحاول فعله! أو هذا ما ظهر لنا، فنحن ظننا أن له عقل لأنه ظهر لنا أنه يعرف، ولكن المشكلة أن كل هذا من اختلاقنا، فالكون دون الوعي هو عالم من الاحتمالات كما تصوره لنا ميكانيكا الكم، والوعي دون الكون لا وجود له.

وفقًا لنظرية البوتستراب فإن المادة لا يمكن اختزالها إلى عناصر أولية لا يمكن تحليلها لأن الكون عبارة عن مجموعة من الحوادث المعتمدة على بعضها البعض (كما تثبت خرائط فينمان والمصفوفة S) بحيث لا يمكن اعتبار أي جزء أكثر أولية من الآخر لأن خصائص كل جزء تعتمد على خصائص الجزء الآخر، كما أثبتت نظرية بيل أن ما ينطبق على المستوى الذري ودون الذري (من خصائص ميكانيكا الكم والترابط العجيب والنسبية في الصفات) ينطبق بالتالي على المستوى الكبير من بشر وكواكب ونجوم.

ماذا أريد أن أقول من كل هذا؟

1- لا وجود للحقيقة لأن كل ما ترصده هو حقيقتك أنت أو وجهة نظرك للحقيقة ومعادلاتك ما هي إلى خريطة للحقيقة، أما العالم الحقيقي فهو مجرد عالم من الاحتمالات لا وجود له دون وجود الوعي الذي يجلبه للوجود وهذا يدل على أهمية الوعي للمادة واهمية المادة للوعي.

2- المادة صورة من صور الطاقة، وهذا يثبت وجهة النظر الدينية إلى العالم على وجود قوة تسري في الكون، وأن كل ما نراه وهم.

3- لا وجود للمكونات الأولية لأنها لا يمكن أن تكون أولية إذا أعتمدت في وصفها على وصف جزيئات أخرى كما أنها قابلة للفناء والاستحداث والتحويل، وهوا ما يجب أن يقضي على وجهة النظر الاختزالية، ويعجل بدفع وجهة النظر الكلية للظهور على الساحة.

4-ظواهر مثل التشابط الكمي يجب أن تغير فهمنا للزمان والمكان والسببية النسبية، فتخطي سرعة الضوء يعني أن العمليات تحدث في عالم آخر خارج الزمان والمكان ثم يظهر أثرها على عالمنا هذا، كما يجب أن نغير مفهومنا للزمان والمكان على أنهما بساط العمليات في الكون.

5-الكون عبارة عن مجموعة من العلاقات مكونًا شبكة ضخمة من العلاقات تكون ما يمكن وصفه بالوعي الكوني الذي يتضمن اللا وعي الإنساني، وأكبر دليل على هذا سير الالكترون بشكل موجي.

6- يجب أن نتوقف عن النظر باختزالية للكون لنستطيع التوحيد بين النسبية وميكانيكا الكم.

7- يجب التخلي عن النظرة القديمة للانسان على أنه "مراقب" للحقيقة، واستبدالها بكونه "مشارك في صنع الحقيقية.