في منهجيته العلمية، كان كارل بوبر يُسمّي العلوم علومًا حقيقية إذا كانت امكانية دحضها سهلة وواضحة، النظرية العلمية الصحيحة هي التي تدلّك على كيفية دحضها، وهذا عينُ ما دحض به إبراهيم الخليل حجج من أدّعى الربوبية فقال له:

"فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب"

لو أردت دحض النظرية، فأتِ بعكسها، اجعلها تأتي من المغرب وقد دحضتها!

في الفترة بين ثلاثينات وستينيات القرن الماضي، زاد الحديث عن أطباق طائرة، وصحون فضائية رآها الناس في باحات حيِّهم.

ومنذ ذلك الحين، زادت قدرتنا على أخذ صور بدقّة وجودة عاليتين، بشكل لا يُقارن مع ما كنّا نملكه في الماضي، لكن على ذلك، صور الأطباق الفضائية لم تتحسّن. وهؤلاء الذين كانوا يشاهدون الكائنات المحلّقة في الباحات لم يعودوا يرونها حين أمتلكوا أجهزة الأيفون!

واحدة من الطرق التي تُعرِّف بها القصص والأخاييل للعلوم الكاذبة هي أنّ القصة تتغيّر عندما تؤتى بأدلّة جديدة على الطاولة، بشكل يجعلها دائمًا غير قابلة للدحض.

إن لم نكن مُجهّزين لتغيير طريقة تفكيرنا أمام سيل الحقائق، فإنّنا نلجئ لطريقة دفاعية، نؤلِّف قصّة، أو نغيِّر من سياق قصّتنا الموجودة.

خذ مثلًا في كورونا، حين توالت الأدلّة على فائدة اللقاح، وزادت دقّة الاحصائيات، رأيت المُعارضين يُغيّرون من سياق قصصهم، ويجدون الأعذار الجديدة.

حينما تسمع قصّة، وتجدها قصّة مرنة تتغيّر بتغيِّر الأدلة، فأعلم أنّك تبتعد عن العلم ومنهجه.