صراحةً انا فى غاية الحيرة من امرى .. كنت فيما سبق انكر الحسد والعين وليس تكذيبً بهما ولكن انكاراً لمفهوم الحسد والعين .. بالطبع لا استطيع نكران شئ ذكرة الله فى كتابة العزيز ولكن كان مفهومي ان الحسد والعين

هو مُجرد تمني زوال النعمة عن الآخرين، ولكنه يبقى حَسَداً لا قيمة له إلا إذا انتقل من مرحلة التمني إلى مرحلة التنفيذ، أي أن يشرع الإنسان في تحقيق رغباته ومطامعه بيده ، سوى ذلك فالحسد والعين هو شعور سلبي ونار تأكل صدور الحاسدين ولكنها في الحقيقة لا سُلطان لها على الغير بالمُطلق...

!!! وإن الاعتقاد بتأثير العين على الناس هو مجرد وهم كبير أنتجته لدينا أنظمة التخلف والتقليد الفكرية .. هذه الأنظمة التي أبعدتنا عن الفهم الصحيح للدين وعن رؤية القرآن العالمية للكون وللبشر

أقول أن الاعتقاد بصحة مفهوم الحسد الشائع بين الناس يُصيب المنظومة الكونية بخللٍ كبير، لا يستطيع أحد فيه أن يضبط إيقاع الكون.. فكلما اجتهدت وصنعت منافع للناس جاء لينقض اجتهادك وعملك من كان في قلبه حسد، والحُجة موجودة أن هذا حسد ومذكور في القرآن..والحقيقة أن فهمنا للحسد –الوارد ذكره في القرآن-هو فهم مغلوط وناجم عن تصورات اجتماعية وثقافية مغلوطة حتى من قبل أن يأتي الإسلام برسالته..لماذا لا نسأل أنفسنا ونُطلق لأذهاننا العَنَان..نحن نكره إسرائيل ولديها نعمة الأمن والمال، فلماذا لا نحسدها كي تزول هذه النعمة؟..وإذا كنا نكره لاعباً لكُرة القدم كليونيل ميسّي أو كريستيانو رونالدو فلماذا لا نحسدهم كي يُصابوا أو يهبط آدائهم في الملاعب؟..وإذا كنا نكره فناناً أو سياسياً أو عالماً اقتصادياً أو ذرياً فلماذا لا نحسد هؤلاء كي تزول النعمة التي أنعم الله عليهم بها ونكون ممن أقر الله أعينهم بهذا النصر ؟!...

في القرآن حين حَسَد إبليس سيدنا آدم وتمنى زوال نعمة الله من عليه ..لم يكن لإبليس سُلطة على أدم إلا حين قام بتتبعه وإغوائه، فانتقل الحسد هنا من باب التمني والرغبة إلى باب العمل، وهذا بالضبط هو المقصود من قوله تعالى..(ومن شر حاسدٍ إذا حسد)..ولو كانت للعين سُلطة تأثير -ولو بطاقة محدودة سلبية- لكان حسد إبليس لآدم كافياً لتحقيق رغبات إبليس ومطامعه..كذلك حين حسد ابن آدم أخيه على تقبل قُربان أحدهما دون الآخر..هل كان للحسد مفعول إلا حين انتقل هذا الحسد من باب التمنى إلى باب القتل؟!.

هل الحسد والعين حقيقة ام وهم؟