Everybody in this country should learn to program a computer ... because it teaches you how to think

–Steve Jobs

هل حقا يجب أن يتعلم كل شخص البرمجة حتي يتعلم كيف يفكر ؟

هل يعمل العقل البشري بنفس كيفية عمل الآلة ؟

أجد أن الطريقة التي يحل بها الحاسب المشكلات بدائية جدا وما نجده من تطبيقات الذكاء الصناعي ما هو إلا كم هائل من هذه العمليات البدائية كي تبدوا أكثر ذكاءا .

بينما عندما أنظر لطفل صغير وكيف يحلل البيانات ويجمعها ويكون استنتاجه أجد عقلا حرا واسع الوظائف من الظلم حقا أن نشبهه بالآلة

وكي تضح الفكرة أكثر أنقل إقتباسا من مقالة كيف نكتسب علومنا ومعارفنا

وأعتذر مقدما لطول الإقتباس .

من عجيب خواص الإنسان وبديع أفعاله، فإنه إذا رأى فرساً واحدا استطاع بعقله أن ينتزع من ذلك الفرس معنى (الفرس المطلق) الذي يشترك فيه الصغير والكبير، والبعيد عنه في المكان والقريب، فيدرك (الفرسية) المجردة المطلقة ويعرف معناها، ويفرق بين هذا المعنى المجرد وبين غيره من المعاني ككبر حجم الفرس ، وطول ذيله، وما إلى ذلك ، مما يتصف الفرس ببعضها أو لا يتصف ، وذلك لأن القدر المخصوص، واللون المخصوص في الفرس ، ليس أمرا ذاتيا لمعنى " الفرس " المجرد، بل إنه أمر يعرض له في الوجود.

وليس هذا من باب التمييز الإحصائي للصفات (pattern recognition) الذي يوجد في نظم التعليم الصناعي

(Machine learning) كما فهمناه من المتخصصين في هذا المجال. فما يحصل في حالة التعليم الصناعي حتى الآن بحسب من رجعنا إليهم من أهل الاختصاص هو أن الحاسوب يقوم ببناء نموذج إحصائي للصفات المتكررة في الكلب مثلا، فإذا عرضت عليه آلاف الصور للكلب استطاع تحسين هذا النموذج بحيث يمكنه تحديد ما إذا كانت الصورة التي تعرضها عليه صورة كلب أم ليست صورة كلب بدقة كبيرة. وينقسم التعليم الصناعي إلى موجه (supervised) أو غير موجه (unsupervised)، وفي كلا الحالتين لا يمكن للحاسوب أن يدرك معنى الكلب المجرد، بل ولا يمكنه - إلى الآن - إذا أدخلت له صورة واحدة للكلب أن يميز غيرها، بل لابد من بناء هذا النموذج الإحصائي عن طريق آلاف من المدخلات حتى تتحسن دقته.

أما الإدراك العقلي الإنساني فإنه بخلاف ذلك. فإنه يدرك المعاني المجردة من مشاهدة جزئية واحدة. فإذا رأى كلبا واحدا، فإنه يدرك معنى الكلب مجردا من الصفات التي قد تتغير فيه، فإذا رأى عشرات الكلاب بعد هذه المشاهدة الواحدة استطاع أن يميزها. فالعقل الإنساني يدرك المعاني المجردة، وليس فقط الصفات المتشابهة.

فالعقل هو القوة القادرة على إدراك الكليات ، فترى الطفل الصغير يفرق بين الكرسي والأريكة (الكَنَبة) مع كونه لم ير كل كراسي العالم ، ولا كل أرائك العالم.

وأمر بسيط كهذا – معرفة الكرسي وتمييزه من غيره – هو مما ظلت تجري فيه المحاولات في الذكاء الصناعي كثيرا لنمكن الحاسوب مثلا من التفرقة بين الكراسي وغير الكراسي حال كون الكرسي الذي يعرض عليه ليس له نفس الأبعاد التي للكراسي التي عرضت عليه من قبل وسُجّلت في ذاكرته. فمثل هذا التفريق يفعله الانسان دون أن يشعر بفضل هذه القوة التي نسميها العقل.