في ذاتِ يومٍ ،طلبتُ من إحدى صديقاتي بأن تقترح لي فيلما كي أشاهدهُ ، فرشّحت لي فيلما هنديا يُدعى “نجوم على الأرض ” أو “Taare Zameen Par” ، وعندَ متابعتي ، انبهرتُ من هذا الفيلم ومن مخرجه وأبطاله ...هم كانوا واقعيين فيه, حيثُ يتناولُ الفيلمُ قضيةً حساسة حولَ معاناة طفل في الثامنةِ مِنْ عمرهِ والصعوبات التي يواجهها في القراءةِ والكتابةِ المعروفة بـ”الديسليكسيا”. أي عُسر القراءةِ والمقصود بها اصطلاحًا ” اضطراب يتجلى في صعوبةِ تعلّم القراءة على الرغمِ من توافر التعليمات التقليدية والذكاء الكافي والفرصة الاجتماعية والثقافية الملائمة. حيثُ يتبع إعاقة إدراكية جوهرية، كثيراً ما تكون من أصل صحي .

دعوني أُحدثكم نُبذة حولَ الفيلمِ ، حيثُ أن هناكَ طفلاً هندياً يُدعى “إيشان" يبلغُ من العمرِ "ثمانية" أعوام، يُعاني من مرض “الديسلكسيا” حيثُ يجدُ الطفلُ صعوبة في القراءةِ والكتابةِ ، لقبه معلموه بـ «ملك الأغبياء» حيثُ كانوا دائمًا يُنادونه بـ: “غبي، فاشل، ، مجنون” ؛لأنه يعيشُ حياته الخاصة. كانَ يعجزُ “إيشان” عن التفريق بينَ الحروفِ والكلماتِ، وكذلكَ عن فهمِ النصِ المكتوب والتهجئةِ وصعوبةِ التمييز بينَ اليمين واليسار، كما أنهُ يكتبُ الكلمات والأعداد بطريقةٍ معكوسةٍ. ونتيجةُ ذلك قام والدهُ بإرسالهِ لمدرسةٍ داخلية حيثُ يكون بعيداً عن أسرته. وهو ما جعلَ “إيشان” يشعرُ باليأسِ والإحباطِ من ذلك الوضع.

كما كانَ يُعاني «إيشان» من صعوبةِ في الرياضيات، كصعوبةِ في العد بشكلٍ متتال وصحيح، وصعوبة في تفسير المرادفات والمفاهيم والرموز الرياضية، وربما كانت تواجهه مشكلات في الحسابِ العقلي.

كما كان يلاحظ عليه الشعور بالضغط عند تلقي الكثير من المعلومات، فقدان أو ضياع الأشياء، أو نسيان الواجبات ، كما كان يعاني من التشتت، التهور، عدم الانتباه، وفرط النشاط.

ومِنْ حسن حظ «إيشان» جاء "أمير خان " المعلم الذي يُدعي «نيكومب» مدرس الرسم ليكتشف حالة “إيشان” ويقتربُ من الطفل ويتوسل لناظر المدرسة أن يبقي “إيشان” في المدرسة. وتحت إلحاحٍ مستمر من «نيكومب» رضخ الجميع، وكانَ المعلمُ نقطةَ تحول في حياة طفل بعد أن كاد أن يقتربَ مِن الجنونِ..

وفى لقطةٍ رائعة يُنظم المعلمُ مسابقةً في الرسمِ ليعيد في المقام الأول لتلميذه الثقة بنفسهِ، ويتفوق الطالب على أستاذهِ. وفى لحظةٍ حاسمة يُعلن ناظرُ المدرسة فوزَ “إيشان” ، فيسعد الجميع ويترك “إيشان” الجائزة ويذهب إلى الجائزةِ الأكبر في حياتهِ وهى معلمه لكي يحتضنهُ ويقول له: شكرًا ولكن بدموعهِ!

ويبكي المعلمُ ويبكي الطفلُ ويبكي أصدقاء “إيشان” في الفصلِ وينتهي الفيلمُ بتحول “إيشان” لرمز العام بعد فوزهِ في مسابقةِ الرسم، وتستغربُ الأسرة تبدل حال ابنهم ,ولكن يعلموا أن وراءه «نيكومب» الذي أحيا نفسا كانت ستقتلها مجموعة من المرتزقة وضعوا في مكانة خطيرة، وهي مكانة المعلم .

بلا شك أن في قصة “إيشان” ، قامَ المدرسُ بتقديم علاج تعليمي يعتمدُ على الحواس في ترسيخ المعلومات، فالمصابون" بالدسلكسيا "تكون نسبة ذكائهم بالمتوسطِ أو الأعلى من المتوسط، أي أنهم أذكياء ولكنهم في الجانب التعليمي متدنين .

وبعدَ هذه القصة المليئة بالتحدي والإرادةِ وعدم اليأسِ .هل بإمكانكم أن تذكر لنا نماذج مِن الأشخاص التي عانت صعوبة التعلم في صغرها و لم تستسلم أو تُصاب باليأس ونجحت في حياتها؟