الفيلم من بطولة ألباتشينوا يتحدث عن محاولة أب وشماس إجراء عملية طرد أرواح خطيرة داخل الدير لتأكدهم بأن الشخص ممسوس ، وهي قصة تشبه عشرات الأفلام المشابهة، وفي الواقع الفعلي قد يقابل أي شخص في بعض الأحيان أشخاص مؤمنين بتسليم أمورهم بالكامل لبعض الدجالين ، أحد القصص التي مررت بها هي أستعانة أحد أصدقاء عمتي الشابات (الذين فات قطار زواجهم فيما يبدو) لشكها أنها ممسوسة أو مسحورة فتستعين بشيخ ليطرد الأرواح وهي كانت تثق في جداً وتعرف شجاعتي وكانت تريد وجودي للتأكد أن هذا الرجل شيخ وليس دجال قد يستغل الموقف، وبالفعل دار نقاش حول كيف يشخص هذا الرجل إنها ممسوسة وليست مريضة نفسية لكن ما يهم هنا هو مدى التشابه الشديد بين أعراض المس والكثير من الأمراض النفسية والعصبية على سبيل المثال .. أعراض الصرع والفصام ، فإذا وجدت أو قابلت موقف مشابه كيف تقاوم شخص قد يكون دجال بالعلم؟
كيف تقاوم الدجل بالعلم ؟ The Crucifix: Blood of the Exorcist
عن نفسي تعاملت مع الكثير منهم في حملات تنظيف المقابر والتوعية مع المؤسسة، كان ذلك في مصر وليبيا ومرات كثيرة في السودان.
كنا نتعامل معهم بالقرآن، نقنع الضحايا بأن ايات الشفاء من القرآن فلو بهم شئ عليهم به ونواجه الدجال بأسلوبه إلى أن يمتنع أو يتم اتخاذ إجراء أمني ضده بالتعاون مع مؤسسات كانت شريكة معنا في هذه النوعية من المشاريع.
صديق لي مرة في السودان جلس يرتعش وجعل شخص يمارس عليه طقوس الشفاء وافتعل أنه تعافى، وكان قبلها قد صور فيديو يوضح نيته لفعل ذلك ليكشف نية الدجال للجميع وقتها
من طريقة سردك أثارت لدي فضول شديد لمعرفة تفاصيل أكثر فيبدو أن تجربتك غنية بالمواقف التي تستحق التوقف ونقاشها، بالأخص وبحسب ما سمعت فأرض ليبيا والسودان تمتلئ بحسب علمي بالسحرة والمشعوذين والدجالين ، وفيما يبدو أنها أرض خصبة نظراً لطبيعة البلاد التي تعتمد على القبلية أكثر من التمدن .. ولدي سؤال بخصوص تلك النقطة :
ونواجه الدجال بأسلوبه إلى أن يمتنع أو يتم اتخاذ إجراء أمني ضده بالتعاون مع مؤسسات كانت شريكة معنا في هذه النوعية من المشاريع.
كيف تواجه الدجال بأسلوبه ، وما هو الإجراء الأمني الذي يتخذ ضده وطبيعة تلك المؤسسات التي كانت شريكة معكم؟
صديق لي مرة في السودان جلس يرتعش وجعل شخص يمارس عليه طقوس الشفاء وافتعل أنه تعافى، وكان قبلها قد صور فيديو يوضح نيته لفعل ذلك ليكشف نية الدجال للجميع وقتها
حيلة شديدة الذكاء .
أسلوب الدجال يعتمد على الإيحاء والثقة في القول ليظهر لك أنه على علم ودراية، وهنا تلعب معه لعبته، كنا نجلس ومعنا مسجل صوت نخبره مثلاً أن ( شحيف جني الماء يقدر على أنه ينزل مياه جوفية لزرعة فولان ؟ وكم تريد مال ؟ ) هنا غالباً يقول نعم ويطلب مال أو ذبيحة أو قربان، هكذا أنت اوقعت بكذبه فلا يوجد شحيف ولا يوجد لفلان هذا زرعة من الأساس.
نستخدم هذه التسجيلات فيما بعد لتوعية أهل القرى والقبائل بخطر الدجالين ونصبهم وخداعهم، كانت أحيانا وخصوصا في السودان جلسات بحضور شيوخ طلبوا من دجالين أن يقوموا بقتل القطة أو جعل فلانة العذراء حامل أو... غالباً ما كانت تفشل هذه الأمور.
أما عن الإجراء القانوني فهو معروف في أي بلد مسلم الحبس حسب جرم الدجال ومدة الممارسة والأدلة، لكن دورنا أن نقنع أهل القرى أنه نصاب فعلاً وإلا ستحدث مصيبة لو تم إتخاذ إجراءات ضد دجال كان يراه أهل القرية ملاذهم الأمن.
كنا نجول أيضا في حملات تنظيف القبور ونهدد أهل العشائر أننا نعرف من فعل ذلك ولن نكشفه إلا لو كرر فعله.. لم نكن نعرف شئ فقط نمنعهم وغالبا ما كانت الخدعة تساهم في تقليل سحر القبور
كالعادة مادة مثيرة للأهتمام يبدو أنك مررت بتجارب شيقة ، ولكن أكثر ما أعجبني هو المنهجية التي تتبعها أنت والمؤسسة التي تعمل معها في علاج تلك المشاكل الحساسة ... التي تتواجد في بيئة حساسة... لا أرغب في أن أطيل عليك ولكن لدي فضول لمعرفة أشياء أكثر حول الدور الذي تلعبه تلك المؤسسة التي تمارس خلالها تلك المهام ، حيث يبدو أنها المرة الأولى لي التي أسمع بها عن مكان يمارس تلك النوع من المهام.
الهلال الأحمر واليونيسكو أنا عضو نشط بكليهما نشاط وظيفي ليس تطوعي، هم تقريباً يقدمون كل ما قد يخطر أو لا يخطر على بالك من مشاريع الدعم والتنمية والإغاثة في بلاد آمنة أو أخرى بها صاروخ يسقط كلما يتحرك عقرب من الساعة
ولكن صديقي أسلام بحسب ما ذكرت أجد أن الأنشطة التي تقدم ذات طبيعة أو صبغة دينية أكثر من كونها مجتمعية وأخلاقية فكيف لمؤسسة مثل الهلال الأحمر أو اليونسكوا للقيام بهذا الدور أو بتلك الفاعليات!
بصراحة أعتقد أن الشريحة التي يستهدفها الدجالين من المجتمع غالبا لا تهتم للعلم أو النقاش المنطقي اطلاقا. فحتى لو حاورت الدجال لساعات وأثبت له ولكل من يتبعه ويصدقه انه كاذب وأنه لا يقدر على فعل أي شيء فغالبا لن يصدقوني واذا رد علي بأي كلام فارغ بصوت جهوري وكاريزما عالية، وهي الأمور التي يعتمد عليها ليقنع الآخرين، فكل ما بذلته من جهد سيذهبب مع الريح. أعتقد أن هذه الممارسات الدجلية يجب أن يتم تجريمها ويعاقب عليها قانونيا لأن الحل الرادع هو الأمثل في تلك المواقف من وجهة نظري
لا تناقش دجال أبداً في ساحته فلابد له أن ينتصر فقط ، عليه أن يستعين ببعض أيات قرآنية ليظهرك في خانة الشخص الذي يعترض على أيات الله أنها سلاح لدي معظمهم .. حاول أن تفعل مثلي في تلك النقطة حيث تأخذ الدجال للعلم مثل أن تسأله هل يعرف أعراض الشيزوفرنيا أو أعراض الصرع العلمية ، وهل تحقق أن المريض الذي يعالجه ليس مريض نفسي أو يعاني من علة نفسية وليست روحية ، أو تسأله كيف يفصل بين ما إذا كان هذا الشخص يعاني من مس أو سحر أو عارض نفسي .. ستجد معظمهم لا يملكون أي إدراك حقيقي للعلوم البشرية، وعندما يحاولون التسفيه أو التقليل من تلك النقاط عليك أن تواجه الدجال بما لا يعلم .. مثل كيف يمكنه قياس نتائجه .. أو تواجهه بأن أعتراضه يعني أعتراض على مفاهيم المؤسسات العلمية والجدالية وربما تصرح له أن لديك طبيب صديق ما رأيك أن تناقشه (لا تسمح له مطلقاً بالتأثير عليك) أو لا تجعله يستخدم مهارته التمثيلية والمسرحية للتأثير أو توجيه الحوار وكن هادئاً ولا تهرب أبداً من النظر أو التركيز في عينيه أثناء الحديث فهي كاشفة ... ولا تخف إذا أشار أو لمح أن بك شيء ... هي واحدة من الحيل لديهم للتأثير عليك .. أحتفظ بالنقاش علمي وموضوعي .
المشكلة أن هناك أشخاص يكونوا مؤمنين بالدجالين لدرجة خيالية وربما عند محاولة الحديث معهم أو توعيتهم يتهمونا نحن بالجهل! أو أن الشيخ المبروك سيسلط عليك أعوانه 😁
أما محاولة فضح الدجال نفسه فقد يقاوم ذلك بكل الطرق ويخدع من حوله بالكلام والاقناع اللذان في الواقع أساس نجاحه، بل ربما يعتبر من أمامه عدوًا أو تهديدًا يجب إسكاته، فالأولى هنا وزن الموقف بطريقة صحيحة ومعرفة ماذا نقول ولمن نقوله بطريقة يستوعبها، وأعتقد أن أساس الكلام هنا يجب أن يكون التذكير بالله فهؤلاء قد لا يستوعبون ما تشرح من علم.
المشكلة أن هناك أشخاص يكونوا مؤمنين بالدجالين لدرجة خيالية وربما عند محاولة الحديث معهم أو توعيتهم يتهمونا نحن بالجهل! أو أن الشيخ المبروك سيسلط عليك أعوانه 😁
هذا يحدث كثيراً ، وفي المعتاد لا أتدخل في مثل هذه القصص ، لأن الإيمان المطلق بقدرة شخص على الشفاء يبرمج العقل حتى لتحفيز شعور أن أي شيء سيقوله هذا الشخص هو بالفعل دواء حقيقي .. يمكنك فقط الاستعانة بالقرآن والأحاديث النبوية للرقية الشرعية ، فهي الأساس والمدخل الذي يدخل منه أغلبهم .. فإن كان لك إطلاع كافي بها يمكنك مواجهة الدجال الحقيقي و ليس (المعالج بالقرآن) الذي لا يتقاضى أجر .. أن يظل يتبع الأيات .. وبمجرد أن يذكر طلبات معينة ... أو يحاول النطق بكلمات غير مفهومة أو يحرف في طريقة النطق للأيات والأحاديث .. حينها التدخل بكلام الله هو أصح طريقة لتوجيه المسار __هذا في حال قابلك موقف مشابه)) .
أشخاص مؤمنين بتسليم أمورهم بالكامل لبعض الدجالين ، أحد القصص التي مررت بها هي أستعانة أحد أصدقاء عمتي الشابات.
أعتقد أن ما يجعل هؤلاء يصدقون هذه الأشياء هي اليأس لا أكثر. هم فقط تعبوا من آلامهم ولا يجدون لها علاج فأصبح ظهور شخص يدعي بأن لديه الحل هو بمثابة أمل لهم، التصديق هنا ليس عن اقتناع تام ولكن محاولة دفاع نفسية لكي يظل الإنسان يقاوم آملا في انتهاء مشكلاته، ولهذا في بعض الأحيان تجد أشخاص يشفون حقا بعض ممارسة هذه الطقوس، ليس لأن الطقوس حقيقية أو فعالة ولكن لأن الإنسان ظن أن مشكلته حقا هي المس والعلاج بالفعل هو الطقوس وهذا الوهم كفيل بأن يخدع الإنسان نفسه بالعلاج.
أعتقد أن ما يجعل هؤلاء يصدقون هذه الأشياء هي اليأس
اليأس والخوف هم أهم مخل للدجالين ومفتاحهم الأساسي للسيطرة على الوعي وتحريفه لمفاهيم دينية مشوهة .. أو خارج إطار الديني ولكن ترتدي غلاف التدين .. هناك أحد الأفلام المهمة لا أعلم إن كنت قد شاهدتيه أم لا للفنان الرائع أحمد ذكي (البيضة والحجر) حيث طرح هذا المفهوم بدقة وذكاء في شخصيته ..
التصديق هنا ليس عن اقتناع تام ولكن محاولة دفاع نفسية لكي يظل الإنسان يقاوم آملا في انتهاء مشكلاته، ولهذا في بعض الأحيان تجد أشخاص يشفون حقا بعض ممارسة هذه الطقوس، ليس لأن الطقوس حقيقية أو فعالة ولكن لأن الإنسان ظن أن مشكلته حقا هي المس والعلاج بالفعل هو الطقوس وهذا الوهم كفيل بأن يخدع الإنسان نفسه بالعلاج.
كلام صحيح مائة بالمائة هناك تجربة علاجية علمية أسمها البلاسيبوا (Placebo Effect) وهي ظاهرة نفسية وبيولوجية تحدث عندما يشعر الشخص بتحسن في حالته الصحية أو النفسية بعد تلقيه علاجًا وهميًا لا يحتوي على مكونات فعالة، مثل حبوب سكر أو حقنة ماء، بمجرد اعتقاده أن العلاج حقيقي. حيث إن الاعتقاد بفعالية العلاج يمكن أن يحفز الدماغ على إفراز مواد كيميائية مثل الدوبامين أو الإندورفين، مما يخفف الألم أو التوتر أو حتى أعراض الاكتئاب. على سبيل المثال، في التجارب السريرية، يُعطى بعض المشاركين دواءً وهميًا دون علمهم، ومع ذلك يبلغ العديد منهم عن تحسن في أعراضهم بسبب توقعهم للشفاء. وهذا ما يفعله بالضبط الدجال (الذي يجيد عمله) .
ما لفت انتباهي دائمًا هو أن الناس تلجأ إلى فكرة المس والسحر أحيانًا كوسيلة للهروب من مواجهة الحقيقة أو من تحمل مسؤولية قراراتها البعض يجد راحة نفسية حين يعلّق فشله أو معاناته على قوى خارجة عن سيطرته وكأنها محاولة لا شعورية لتخفيف العبء الداخلي لكن هذا المسار خطير لأنه يسلم الإنسان بالكامل لمن يتلاعب بمخاوفه ويقرر عنه الحل والعلاج دون أي سند علمي أو ديني حقيقي برأيي الحل يبدأ من تقوية الوعي الذاتي وتعزيز ثقافة الاعتراف بالمشكلة كما هي والتعامل معها بعقلانية سواء كانت نفسية أو اجتماعية بدل أن نبحث عن شماعات غيبية ترهقنا أكثر مما تنقذنا
نعم لديك الحق أن الخوف من المواجهة ، كان لدي بعض الأصدقاء في مرحلة ما كان هناك أحدهم يعاني من عدة أمراض نفسية ، وكان يقوم بتأويل أي شيء يحدث له لأمور ميتافزيقية .. هناك من يقوم بالسحر له .. هناك من يحسده .. هناك من يؤذيه .. ولكن هذا بحد نفسه شائع، ولكن درجة التعلق بتلك التفسيرات مرهقة ، كان يرفض الذهاب لأي طيب نفسي أو معالج بالقرأن (حتى) كان يريد أن يقابل شخص .. يصنع لها عمل مضاد .. أو عمل يجلب لها السعادة والزواج .. والمقلق أنه بمواجهة هؤلاء الأشخاص ومحاولة تصحيح مفاهيمهم .. تجدي أغلبهم عندما يجدوا أنفسهم لا منطقيين في تصرفاتهم يعترفوا بالخطأ ، بل حتى يخبرونك أنهم سيذهبوا لطبيب نفسي، ولكن بحقيقة الأمر انه بمجرد تركهم يذهبوا بعدها لتنفيذ حلولهم .. وهذا مرهق ومؤلم .. الغريب أن المجتمع نفسه (حتى كثيراً ممن يبدو عليهم أنهم متعلمين أو مثقفين) يمجدوا بشكل مبالغ فيه الدجالين ويضعوهم بمرتبة العلماء .. أتذكر أنني قابلت أحد الدجالين في مناسبة ما .. ليتفاخر أمامي بمجرد أن بدأت بماهجمة طريقة تفكيره أنه لا يمتهن تلك المهنة من أجل المال .. وأن لديه زبائن من كبار الرتب في الشرطة وكبار الأطباء والمهندسين ... الغريب أن تلك النقطة بالتحديد لم يكن يكذب فيها بأي شكل.
أظن أن المشكلة الحقيقية لا تكمن فقط في الأشخاص الذين يصدقون هذه الخرافات بل في البيئة التي تطبع هذا التفكير وتغذيه منذ الطفولة كأنه من المسلمات لا يمس هناك فجوة مخيفة بين الثقافة العلمية وبين الموروث الشعبي وهذه الفجوة يملؤها الدجالون بسهولة لأنهم يعرفون كيف يلعبون على الوتر الحساس في النفس البشرية الخوف الحيرة الحاجة للتفسير والرغبة في السيطرة على المجهول المؤلم أكثر هو أن من يتجرأ على المواجهة أو النقاش العقلاني يتهم بأنه غير مؤمن أو بعيد عن الدين رغم أن الإسلام نفسه أمرنا بالسعي للعلم والتفكر وعدم اتباع الظن المشكلة مركبة تحتاج لوعي جماعي وتغيير في طريقة التربية والتعليم وحتى في الخطاب الديني نفسه ليعيد الأمور إلى ميزان العقل لا إلى أوهام تتاجر بضعف الناس تحت غطاء روحاني زائف
يكفي أن يكون فرد متعلم ومثقف علمياً ودينياً في أي عائلة لملئ هذه الفجوة والتصدي لتدخل الدجل والخرافات ، شخص يكون متدين بما يكفي ومتعلم بما يكفي، فأنا قد قابلت المعالجين بالقرآن (الغير دجالين) والدجالين بشكل واضح ، والدجالين في ثوب الدين بشكل ذكي ومقنع ، وهؤلاء أخطرهم حيث أنهم يمتهنون خداع الناس بثوب الدين ، هناك قنوات تلفزيونية كاملة قائمة على هذا البزنس الذي يذهلك كم هو ناجح، وينتشر بشدة في الأرياف فالشخص متوسط التعلم بالأخص الموجود في مناطق ريفية تجدي لديه قابلية أكبر للتصديق والخلط بما هو ديني وما هو خرافة أو دجل، حتى في الأفلام العربي القديمة لاسماعيل ياسين هناك مشاهد تؤكد على تأصل تلك العادة منذ القدم.
التعليقات