داخل أحداث فيلم الرعب Bring.Her.Back وبعيداً عن قصته لاحظت تفصيلة صغيرة أستوقفتني في مشهد كان هناك طفلة تم تبنيها هي وأضطرت الأم لتبني شقيقها معاها، وقامت باستقبالهم بشكل جيد مع أهتمام خاص بالطفلة وتجاهل تام لشقيقها (بشكل متعمد) حتى أن الأم المتبنية للأبنة كانت تأخذ سيلفي معاهم تعمدت أن لا تظهر شقيقها بالصورة وتصرفت بطريقة عادية بعدها وكأن هذا طبيعي .. الأمر ليس في تفرقة المعاملة فقط ولكن الحرص على إحراج الشقيق الذي شعر بكونه منبوذ بلا أي ذنب أقترفه سوى أن الأم لم ترغب بتبنيه ، وبالحقيقة تعرضت لموقف مشابه كان لدي أحد الأصدقاء من كتاب السيناريو الذي عرض علي مشاركة في إخراج فيلمه وحصل على دعم إنتاجي من جهة إنتاجية شهيرة بمصر وذهبنا هناك للحصول على الدعم لأتفاجئ بأن يتم معاملتي بقلة زوق متعمدة مثل أن يتم إحضار مقعد لصديقي وتجاهلي وتركي واقفاً ، ولكن صديقي رفض الجلوس قبل إحضار مقعد لي ، وكنت سأعتذر عن الفيلم لولا تمسك صديقي الشديد بي لدرجة أنه كان ليتخلى عن الدعم الذي يحتاجه الفيلم بشدة من أجلي ، فأكتشف لاحقاً أن الجهة الإنتاجية لديها مخرج أخر مفضل فقاموا بمعاملتي بقلة زوق بهدف إحراجي بشكل متعمد وجعلي أترك الفيلم وهو ما حدث بنهاية الأمر .. فأنا لا أود لصديقي أن يخسر دعم فيلمه من أجلي .. بالأخص أن الحصول على دعم إنتاجي لا يأتي بسهولة .. لا أعرف هل كان علي أتمسك وأتجاوز وأتحمل المواقف المحرجة حتى لا أضيع الفرصة أم لا .. ولكن بالنسبة لي أنا لم أشعر بالندم على تلك الفرصة .. لم أكن لأطيق شخص يتعمد إحراجي دون أن يكون لي رد فعل ..والآن ماذا عنك ؟ ما الذي تفعله مع الأشخاص الذين يتعمدوا إحراجك كيف تتصرف معهم؟
الأشخاص الذين يتعمدوا إحراجك كيف تتصرف معهم؟ فيلم Bring.Her.Back
للأسف لدي مشكلة حقيقية في هذا الأمر، فعندما يتعمد أحدهم إحراجي أصاب بصدمة لحظية وكأن الزمن يتوقف، أعجز عن النطق أو الرد، ويخيم عليّ صمت غريب لا يشبهني أبدًا 😅 وكأن عقلي قرر أن يأخذ استراحة دون سابق إنذار، لكنني قررت مؤخرًا أن أتدرب على التحكم في رد فعلي وأجهز بعض الردود البسيطة التي تساعدني على الرد بهدوء وثقة، حتى لا أترك الموقف يمر دون أن أعبر عن نفسي، ورغم أن الأمر يحتاج إلى وقت وممارسة، إلا أنني مصممة على أن أتجاوز هذه الصدمة وأصبح أكثر قوة في مواجهة مثل هذه المواقف.
هذه بداية جيدة جداً يا بسمة ، ولكن بالنسبة لتلك النقطة:
لكنني قررت مؤخرًا أن أتدرب على التحكم في رد فعلي وأجهز بعض الردود البسيطة التي تساعدني على الرد بهدوء وثقة، حتى لا أترك الموقف يمر دون أن أعبر عن نفسي
كيف تفعلين ذلك بالتفصيل؟
واجهت هذا الموقف كثيرًا لذلك قررت يوما القيام بشيء غريب نوعاً ما وهو أن أبدأ بتسجيل صوتي أثناء ممارستي للردود على مواقف محرجة حدثت معي أمام نفسي، وأكرر العبارات التي أريد قولها حتى أشعر بالراحة معها، وبعد عدة مرات لاحظت أن ردودي أصبحت أكثر هدوءًا وثقة عندما أواجه نفس المواقف في الواقع، وهذه الطريقة العملية ساعدتني كثيرًا في التحكم برد فعلي والتعبير عن نفسي بثقة وبدون تردد.
بالنسبة لي مؤمن بما تعلمته من الرسول صلى الله عليه وسلم ( رحم الله من عرف قدر نفسه) فهنا لا اعطيها أكثر من حقها ولا أقل من ذلك، وهذا يجعلني أرفض مثل هذه المواقف رفض تام، ولا أذكر أنني ندمت على ذلك من قبل، حينما أقرر خسارة عميل أو التخلي عن مشروع مع المؤسسة فقط لأن أحمق يعتقد أنني أقل خبرة مما يجب، أنا لا أقف وابرر وابرهن، أنت أما تعرف قدري أو لك مل تريد وسأنصرف أنا لمن يعرفه، لكن المهم هنا أن نفصل بين عدم تقبل الإحراج، وبين تصرفات مدفوعة بغرور أو جهل بقيمة النفس وما تستحقه
أنا طبيب، وأرى مثل هذه المواقف تحدث أمامي كل يوم. في المستشفى، ليس من الغريب أن يستهزئ الاستشاري بالنائب الأصغر أو يتعمّد تجاهله أو حتى إحراجه أمام الزملاء – لا لشيء إلا لترسيخ السلطة أو "تربية المبتدئ"، كما يعتقد البعض.
لكن ماذا نفعل؟ هل نترك المناوبة ونمشي؟ هل نواجه شخصًا هو في موقع تقييمنا وكتابة تقرير قد يؤثر على مستقبلنا المهني؟ الأمر ليس بهذه البساطة، والرد الحاد في هذه السياقات قد لا يُثبت أنك تعرف قدرك، بل قد يفسّره البعض على أنه قلة نضج أو "عدم تحمل الضغط"، وهي تهمة قد تدمّر مسيرتك قبل أن تبدأ.
الإشكالية هنا أن أسلاك قدم لنا يا ياسين الحل السهل وهو الثأر للكرامة بغض النظر عن تابعات ذلك ، فأنا أريدك يا إسلام أن تتخيل إنك تتعرض لتلك النوعية من المضايقات في عمل يتحقق منه لك دخل ثابت تعتمد أنت عليه وكل أسرتك .. حينها قد يكون البحث عن طريقة مختلفة لعلاج تلك المشكلة هو الأمر البديهي والأصح .. ولكن ما هو الحل المختلف من وجهة نظرك يا ياسين أنت وإسلام الذي من شأنه الحفاظ على كرامتنا دون التخلي عن وظيفتنا مثلاً من شخص يتعمد إحراجنا؟
أرى أن من أفضل الخطوات الممكنة هو بناء شبكة دعم مهنية داخلية. بمعنى أن الإنسان لا يخوض مثل هذه المواجهات منفردًا. بل يسعى إلى خلق علاقات مهنية متزنة ومحترمة مع زملائه، وربما بعض المشرفين المتفهمين أو الإداريين الذين يمتلكون حسًا بالعدالة. فوجود شبكة داعمة، ولو بشكل غير مباشر، قد يغير مسار الأمور دون الحاجة إلى صدامات مباشرة.
كما أنه من المفيد جدًا توثيق تلك المواقف، لا بغرض الانتقام، ولكن لتكون حُجة تُستَخدم في حال قررت مستقبلاً التحدث إلى جهة أعلى أو طلب استشارة مهنية أو قانونية.
هذا خيار ممتاز ، ولكن في الوظائف المتدنية لا يتم التعامل غالباً مع الموظفين بهذا الحس العادل أو لا يسمح لهم بتكوين شبكة علاقات مع مشرفين أو مديرين ، وبالتبعية لا ينظر لموظف أو عامل بسيط أو ساعي أو فرد أمن أنه له نفس الحقوق الخاصة بالمشرف .. لأن المشرفيت هم تابعين للإدارة ولا يمكن للإدارة أن تعادي مشرف للدفاع عن عامل ، بل يعملون على تهدئة الأمور والعامل بكلمات بسيطة ولكنهم لا يتحذوا إجراء أو عقوبة مباشرة لأي مشرف يقوم بأي تجاوزات من هذا النوع.
أنا أتفهم الغضب أو الاحباط الناتج عن تعمد الغير لإحراجك ولكن لو كنت مكانك كنت لأتمسك بالفرصة، برأيي ما يفعلوه لا يحرج أحد سواهم، ما معنى ألا اعطي كرسي لشخص، هل هي لعبة أطفال! هذه مواقف تافهة من قبلهم لو حدثت معي كنت سأضحك وأكمل ما جئت لأجله، ولكن أعتقد أنهم ربما كانوا ليتسببوا في إيضاع الفرصة على صديقك وأنت لم تحب أن تخاطر بذلك وهذه تضحية جميلة تحسب لك، أما بشكل عام بالنسبة للتعامل مع الإحراج أنا أنظر للصورة الأكبر، من يحاول إحراجي ولماذا وهذا هذا الأساس أعطي ردة الفعل المناسبة، بعض المواقف لا تستحق سوى أن تضحك وتمضي في سيرك وبعض المواقف يجب أن تلزم الآخرين حدودهم.
بالتأكيد يا رنا الموقف لم يكن يتعلق بالمقعد فقط ، أنا فقط أنوه للأمر بمثل صغير يختصر ما حدث، لأن ما تعرضت له لاحقاً من الشخص المسئول هو سلسلة من محاولة التشويك والتشكيك والتسفيه من كل ما قدمت لأبرهن به على خبراتي بمجالي (والتي لم تكن سيئة بالمناسبة) ، ولكنهم حتى أضافوا بعض الشروط التعجيزية بهدف جعلي أكره العمل وأتركه ((ولكن برغم أنني نجحت بتجاوز معظمها) وبرهنت أيضاً على أنني مخرج موهوب ، ولكنهم بنهاية الأمر وضعوا أمام صديقي خيارين إما أن يكمل الفيلم بدوني أو لا يحصل على أي دعم ، وصرح لي صديقي وقتها أنه ينوي ترك الفيلم والاعتذار عنه وحينها طلبت منه أن لا يفعل وأن يستجيب لشروطهم، وحينها كنت قد كونت بالفعل فريق عمل قمت بصناعة فيلم بلا أي ميزانية وخمني ماذا كان أفضل من الفيلم الذي نفذه المخرج التابع لهم ، لكونه سرق مع المسئول أغلب الميزانية، ماعلينا ، لنعود لنقاشنا .
بعض المواقف لا تستحق سوى أن تضحك وتمضي في سيرك وبعض المواقف يجب أن تلزم الآخرين حدودهم.
نعم ولكن كيف نفعل ذلك بالتحديد كيف نلزم الآخرين حدودهم
أنا أرى أن سبب تصغير الأشخاص لغيرهم، والتقليل من شأنهم، وإحراجهم أمام الآخرين، غالبًا ما يكون نابعًا من عقدة نقصٍ دفينة تسكن داخلهم.
فحين يعجز الإنسان عن مواجهة مشاعره العميقة بالنقص أو الفشل، يلجأ — من حيث لا يدري — إلى آليات دفاعية تحميه من الألم الداخلي، فتسقط هذا الشعور على غيره.
من يشعر أنه صغير، يسعى لتصغير من حوله ، ومن يرى نفسه مهمَّشًا أو غير ذي قيمة، يحاول تهميش الآخرين، ليجد رفقةً في عجزه.
لهذا، لا ينبغي أن نأخذ الإحراج أو التهميش على محمل شخصي دائمًا. ففي كثير من الأحيان، يكون ما نواجهه انعكاسًا لمرايا مشروخة في داخل الآخرين، لا يرون أنفسهم بوضوح، فيشوّهون صور من حولهم ليطمئنّوا أنهم ليسوا الأسوأ.
أما عني، فعندما يتعمد أحدهم إحراجي، لا ألتزم الصمت حتى وإن كان الرد مقتضبًا، أحرص على أن أُظهر أنني مدرك لما حدث، وأنني لا أقبله.
وإن كان الشخص ذا مكانة في حياتي أو تربطني به مصلحة ما، أتعامل مع الموقف باتزان وهدوء، لكن دون أن أتنازل عن كرامتي، ثم أعيد تقييم العلاقة هل تستحق الاستمرار أم لا؟
أما إن كان شخصًا لا يربطني به شيء ذي قيمة، فإمّا أواجهه مباشرة، أو أنهي العلاقة تمامًا
لأن كرامتي تظل الأولوية الأولى دائمًا.
الإحراج المتعمد من الاخرين هو اختبارا لك في احترام ذاتك … وأنا لا أسمح بأن تمرّ الإهانة وكأن شيئًا لم يكن.
ولكن إذا قابلتك مواقف إحراج بسيطة لا يمكن تجاهلها وفي ذات الوقت هي لا تستدعي تصرف عنيف أو قوي ، مثل أن تكون بين أصدقائك ويأتي صديق جديد يتعمد مصافحة الجميع ويتجاهلك ، هل تتجازو عن هذا؟
سأحرجه بالمبادرة أولاً، وبابتسامة سأُسأله إن لم يرني أو إذا كانت لديه مشكلة ما جعلته لا يلقي عليّ التحية.
هذا التصرف البسيط سيُقلِب الموقف، حيث سيدرك أنني لاحظت تجاهله، وأنني لا أقبل أن أُستصغر أو أتجاهل.
بهذا أُحوّل الموقف من ضعف إلى قوة، سأحرجه بعدما كان يحاول إحراجي مؤكدة وجودي بثقة دون أن أفقد هدوئي أو توازني، وأجبره على إحترام وجودي بطريقة ذكية .
التعليقات