فيلم "وش في وش" (2023) – الخلافات تكشف حقيقة العلاقات

نحن نفهم فكرة تخطي الخلافات الصغيرة بصورة خاطئة وهذا ما يحرمنا الانتفاع بقيمتها وأثرها في العلاقات، فالصواب أن نتخطى الخلاف ولا يعد له أثر لا نذكره ولا نتركه يؤثر علينا أي نتخطاه ونغفره بالكامل وهنا لا تحدث تراكمات تؤدي لانفجار طرف من طرفي العلاقة، ولكن ما يحدث هو العكس حيث نكتم الخلاف بالكامل لنحافظ على الاستقرار الظاهري بينما تنمو الكراهية والأحقاد داخلنا

في رأيي أن الخلافات الكاشفة لخبايا العلاقات قد تنفع في وقت مبكر في العلاقات الجديدة مثل فترات الخطوبة بين المخطوبين على سبيل المثال.

لكن في العلاقات الأكثر رسوخاً مثل العلاقات الأسرية، فلا أرى داعي لتهيئة خلافات قد تسبب سوء فهم أكثر من كشف الخبايا.

فالإنسان وقت الغضب لا ينطق ما بداخل قلبه كما هو شائع، بل يفتعل الكلام افتعالاً ويختار أصعبه وأشده إن كان يصدقه أو لا، لذلك يقال: أخرجه الغضب عن طوره، وأفقده الغضب عقله.

أعتقد أن الخلافات تكون وسيلة لتقوية الروابط والعلاقات وفهم أكثر لشخصيات الأشخاص التي نعيش معهم لنكون متفهمين لأفكارهم ومواقفهم أكثر، لكن ذلك في حال وجود شخص واحد على الأقل قادر على إدارة تلك الخلافات وتوجيهها في ذلك المسار. ففي بعض الأحيان قد يتحول الخلاف إلى مجرد حلبة قتال لتفريغ المشاعر السلبية تجاه الآخرين بحجة اختلاف وجهات النظر، وهو ما قد يدمر العلاقات بدلا من تقويتها

بالرغم من أنني لم أشاهد فيلم "وش في وش"، ولكن ما لفت انتباهي هو فكرة "البيوت أسرار"، والتي في رأيي تحمل جانبًا كبيرًا من الحكمة. من وجهة نظري، الخلافات العائلية يجب أن تبقى داخل حدود المنزل. كل عائلة لها خصوصيتها، وإذا تم نشر الخلافات بين أفراد العائلة الكبيرة، فمن المحتمل أن تتسع المشكلة وتكبر أكثر من حجمها الحقيقي.

ألا ترى أن من الأفضل أحيانًا إخفاء الخلافات لحين حلها بشكل شخصي، حتى لا تتفاقم الأمور بسبب تدخل الآخرين؟

السرية في هذا الموضوع ليست للحفاظ على الوحدة الظاهرية فحسب، بل أيضًا لحماية العلاقات من التدخلات الخارجية التي قد تعقد الأمور وتزيد من حجم المشكلة. عندما تبقى المشكلة داخل حدود البيت، يمكن للعائلة الصغيرة أن تجد حلولًا دون أن تتأثر بالعوامل الخارجية أو التوقعات من الأفراد الآخرين. في النهاية، نحن من يستطيع تحديد الطريقة التي نحل بها مشاكلنا، ودون تدخل من أحد قد نجد الطريقة الأفضل للتعامل مع الأمور.

الخلافات غالبا ما تكون أكثر من مجرد نقاش أو مشادة، بل فرصة لإعادة بناء الجسور بين الناس وتفهم دوافعهم، إذا كانت تُدار بحكمة وعقل، فإنها تُنير الطريق لحلول قد تكون غائبة تحت سطح الهدوء الزائف. أما إذا كُبتت، فقد تتحول إلى فتنة تهدم أكثر مما تبني!