استمتعت مؤخراً بمشاهدة فيلم Finch أحدث أفلام النجم توم هانكس، والذي يُعرض حصرياً على منصة Apple TV Plus. والتي في رأيي أفضل منصة ستريمنج، نتيجة تركيزها على الجودة لا على الكمية، على العكس من نتفليكس.

يحكي Finch عن توم هانكس، المهندس الذي ينجو بأعجوبة من دمار العالم، ليحيا حياة كئيبة اختفى فيها البشر أو تحولوا لكائنات بغيضة تقتل بعضها البعض صراعا على فتات الدنيا، يحاول Finch النجاة بنفسه وكلبه الأليف، من المصير المحتوم. لكن خوف (فينش) الدائم من الموت يدفعه لصناعة انسان ألي ليحمي كلبه في حال وفاته.

لعب فيلم Finch على عدة أوتار دفعة واحدة. فمن يريد مشاهدته كفيلم (ديستوبيا) لرجل يحاول النجاة على الأرض بعد تحولها لبيئة معادية، سيجد ضالته. ويمكن اعتبار الفيلم هو نسخة من Cast Away لكن مع كارثة تضرب العالم، لا بطل القصة فحسب. ويمكن مشاهدة الفيلم كقصة صداقة بين رجل وانسان ألي وكلب. وهي توليفة غريبة. والأغرب أنني ارتبطت كثيرا بالانسان الألي في الأحداث.

على العكس من العديد من الأعمال الفنية اليوم، يقوم ببطولة الفيلم حوالي ٧ أشخاص منهم كلب ومؤدي صوتي للإنسان الألي، وقائد سيارة لا يظهر سوى في مشاهد معدودة. هذا يعني أن توم هانكس يحمل العبء التمثيلي وحده تقريبا، وهو امر اعتدنا عليه من Cast Away يكرره هانكس من جديد بثقة وثبات يحسد عليهما. الرجل ممثل محترف قادر على ايصال أعقد المشاعر للمشاهدين دون أن يكون أمامه من يتلقى منه الكره ويعيد ارسالها له.

أيضا تلعب المؤثرات الخاصة والموسيقى التصويرية الناعمة، واستخدام الاضاءة الذكي، وأهم عناصر قوة الفيلم: أننا نرى الأحداث ونفهمها بشكل غير مباشر، مثل أن نرى (فينش) يقرأ عن الأعراض الجانبية للتعرض للأشعة فنفهم أنه مريض. وهذا احترام لذكاء المشاهد، وعنصر جذب هام. يجبرنا على المشاهدة لحوالي ساعتين دون ملل.

يحمل Finch في طياته رسائل مستترة.. أهمها السؤال: هل يأتي علينا زمن نثق فيه في الألة أكثر من ثقتنا في البشر؟ وهل نحمل بداخلنا عوامل فناء الكوكب؟ وهل ننتظر بالفعل نيزكا ليدمرنا أم أننا قادرين على تدمير أنفسنا؟

هذه أيضا هي أسئلتي لكم.. أختتم بها حديثي. ولكم مني تحية وحب