الإعلان الترويجي أو الـ Trailer الخاص بأحد الأفلام، قد يكون السبب فى الإقبال على مشاهدته، أو على العكس تماماً قد يكون السبب فى إحجام المشاهدين عن متابعة عمل ما.. هذه القاعدة التى يعرفها تماما القائمين على صناعة الافلام فى هوليود، حتي أن معظم الافلام اليوم تتعاقد مع شركات متخصصة فى صناعة الإعلانات التشويقية والترويجية للأفلام ليخرج الإعلان بأفضل صوره.. لكن الإعلان الترويجي لفيلم Bad Moms تسبب فى حرق أحداثه وحرق معظم المشاهد الكوميدية التى شاهدناها خلال الأحداث.

    يبدأ فيلم Bad Moms من بطولة ميلا كونيس و كريستين بيل و كاثرين هان ومن إخراج وتأليف سكوت مور بمشاهد افتتاحية نري فيها حياة بطلة الفيلم وهي تعاني الأمرين من محاولة التوفيق بين متطلبات بيتها وأولادها وزوجها، وبين محاولة تحقيق ذاتها وزيادة دخل الأسرة من خلال العمل فى مهنة لا ترحم.

    هذه البداية والتى تذكرنا بحال العديد من الأسر فى مصر والمنطقة العربية، تمهد لبداية الشقاق بينها وبين زوجها، والذى تكتشف خيانته لها وإقامة علاقة ممتدة مع سيدة عبر الإنترنت من خلال مواقع المواعدة بالفيديو.. هذه القشة التى كسرت ظهر البعير فى فيلمنا، وأجبرت بطلته على طلب الإنفصال خاصة أن زوجها لم يكن يساعدها على الإطلاق فى الإهتمام بشئون الأولاد والمنزل.

    على الرغم من هذه البداية الدرامية، إلا أن سيناريو الفيلم يسحبنا لمنطقة أكثر كوميدية، عندما نتابع الحياة اليومية لبطلة الفيلم (إيمي) وهى تحاول التوفيق بين توصيل أولادها للمدرسة والوصول لعملها فى وقت مناسب، لكن حياة (إيمي) لا تخلو من بعض الترفيه عندما تجتمع مع صديقاتها الائى يعانين نفس المشكلة، الأمر الذى يجبرهم فى أحد الأيام على أن يقرروا جميعاً التخلي عن دورهم كأمهات جيدات والتحول لامهات شريرات مهملات لحقوق أولادهن.

    يلعب الفيلم درامياً على عدة أوتار وتيمات مكررة، لكن تناول الفيلم لها كان جيداً وكوميديا.. التيمة الاولي هى تيمة الحياة اليومية الكوميدية للبطلة، والتيمة الثانية هى التحول من أم جيدة لأم مهملة والمواقف الكوميدية المعتمدة على هذا التحول، أما التيمة الثالثة فتمثلت فى الربع الاخير من أحداث الفيلم عندما تحاول (إيمي) الفوز بإنتخابات المدرسة التى يدرس بها أبنهاؤها، وفى رأينا أن هذا الخيط الأخير كان الاضعف، وهذه التيمة كانت الأكثر إقتحاما للجو العام للفيلم.

    على الرغم من اعتماد الفيلم على تيمات سبق أن شاهدناها فى العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية مثل فيلم Sisters من بطولة تينا فاي والتى لعبت دور أحد الشقيقات التى تنقلب حياتها رأساً على عقب بعد أن تضطر للإقامة مع شقيقتها لفترة طويلة، كل هذه التيمات على الرغم من تكرارها إلا أن تقديمها فى فيلم Bad Moms جاء بشكل جديد وقادر على إثارة الضحك حتي فى أكثر المشاهد تكراراً وإملالاً.

    هذا هو الفارق الاساسى بين الكوميديا الغربية التى تقدمها هوليود وبين الكوميديا التى نقدمها فى المنطقة العربية في غالب الأحوال، ففى الأفلام الهوليودية يتم الإعتماد على أكثر من خيط درامي وأكثر من محور للسيناريو الخاص بالعمل، كما أن الكوميديا تنبع بالأساس من المشاهد والمواقف الكوميدية بأكثر من الإعتماد على الإيفيهات والمواقف المفتعلة.

    يُحسب النجاح الكوميدي للفيلم لقدرته على تحويل واقع تعاني منه الكثير من النساء فى أمريكا لقصة كوميدية تكشف الحقيقة وتفضح تكاسل الرجال عن القيام بمهامهم العائلية ويناقش هذه القضية بانسيابية وهدوء خلال طوفان من الضحكات اجتاح صالات العرض أثناء مدة الفيلم التى استمرت قرابة الساعتين.

هل ترى بالفعل أن الرجال متكاسلين عن القيام بمهامهم العائلية؟

وهل تتفق معي أن أعمال الكوميديا في مجمتعاتنا العربية فقدت الكثير من رونقها مؤخرا؟