على الرغم من الأحداث الدرامية التى يحملها فيلم Everest والقادرة على تحريك قلوب الملايين من مشاهدي الفيلم الذى عُرض منذ سنوات فى مصر بالتزامن مع عرضه فى الولايات المتحدة الأمريكية، الا ان الحديث عن الفيلم فى مصر حديث ذو شجون.

فيلم Everest الذي قام بأخراجه المخرج الأيسلندي (بلتازار كورماكور) يحكي عن محاولة مجموعة من متسلقي الجبال المحترفين، الوصول لقمة جبل (إفرست) التى تُعد اعلى قمة جبل فى العالم، ويستعرض الفيلم المحاولة الشاقة لفريق التسلق للوصول لقمة الجبل، والتى تحولت فى النهاية لمعركة بقاء على قيد الحياة، بأكثر من كونها محاولة التنافس على لقب أو هدف عظيم.

اعاد الفيلم Everest لأذهان المصريين الأحداث المؤسفة التى شهدها مجموعة من الشباب اللذين حاولوا تسلق جبل (سانت كاترين) فى مصر شتاء عام 2014 والتى راح ضحيتها مجموعة من الشباب المصري، الذين ضلوا طريقهم فى محاولتهم تسلق جبل سانت كاترين، ولقوا نحبهم فى حدث تابعه الشعب المصري بأكمله.. يمكن قراءة المزيد عن هذه الواقعة من هنا

يبدأ الفيلم Everest بمشاهد افتتاحية تعريفية، استعرض فيها المؤلف (سيمون بيوفوي) قدرته على ربط الشخصيات الأساسية للأحداث بعضها ببعض، وتعريفنا كمشاهدين على الأبطال الرئيسيين للعمل، وعلى رأسهم (جيك جيلنهال) فى دور (سكوت فيشر) و (جايسون كلارك) فى دور (روب هال)، ثم تدخل (كيرا نايتلي) فى دور (جان هال) للأحداث فيما بعد لتبدأ الصورة فى الوضوح وتبدأ الأحداث فى التشابك بداية من النصف الثاني للفيلم، وهي بداية متأخرة نسبياً لجرعة التشويق والأثارة فى الفيلم.

على الرغم من القدرات التقنية الهائلة التى استعرضها الفيلم فى محاولة انقاذ المفقودين على جبل إيفرست، الا اننا لاحظنا ان تقنيات الأنقاذ فى ظل الظروف الجوية السيئة لم تختلف كثيراً بين حالة سانت كاترين وحالة إفرست، فعلى سبيل المثال الطائرة المروحية التى تم ارسالها لأنقاذ المتسلقين فى الفيلم تعرضت للتحطم، ولم تنجح فى انقاذ من تاهوا بين جنبات إفرست، واضطروا للاعتماد على انفسهم للعودة لمنطقة التجمع، بينما خدمتهم الظروف بوجود هاتف للأقمار الصناعية ومركز اتصالات يقوم على التنسيق بين المتسلقين، وهى الأمور التى لم تكن موجوده فى حالة (سانت كاترين).

على الرغم من الطقس الحار الذى تمر به البلاد، الا ان الفيلم نجح فى نقل حالة البرودة القاسية على قمة إفرست، وأظهر الفيلم كيف يمكن للطبيعة أن يكون لها الكلمة الأولي والأخيرة، وكيف يمكن لغضبة واحدة منها أن تطيح بمجموعة من المتسلقين ظنوا انهم على دراسة كافية بكيفية التعامل مع الجبل الأعلى فى العالم.

لعبت المؤثرات الصوتية والبصرية دوراً كبيراً فى أحداث الفيلم، وتكاتفت الموسيقي التصويرية مع هذه العناصر لخلق حالة من الترقب سحبت المشاهد من مقعده الوثير فى دار العرض لكهوف إفرست حيث الصقيع والأنهيارات الثلجية المتكررة. وأثارت اللحظات التى توقفت فيها الموسيقي التصويرية عن العمل توتر المشاهدين للحد الأدني، خاصة وأن الصورة كانت تعرض فى تلك اللحظات أقوي مشاهد تلاعب الطبيعة بالبشر الواقعين تماماً تحت سيطرتها.

على الرغم من قوة الأداء التمثيلي للأبطال، الا ان المشاهدين فقدوا تعاطفهم معهم لفشل السيناريو فى خلق الترابط المناسب بين المشاهد والابطال، على الرغم من تخصيص النصف الاول من الأحداث لخلق هذا الترابط الذى لم نشعر به خلال الأحداث فى النصف الثاني، ولعل الدفع بعدد كبير من الأبطال –بعضهم فى أدوار ثانوية- كان السبب الرئيسي فى تشتيت ذهن المشاهد والهائه عن التعاطف مع أبطال الفيلم. وفى رأينا فأن الفيلم لم يكن يستحق الدعاية المكثفة التى سبقت عرضه، وان كان الأقوي بين باقى أفلام الأسبوع التى استقبلتها دور العرض فى مصر.

اقتبس الفيلم أحداثه عن قصة حقيقية، حيث تعرض مجموعة من المتسلقين لخطر الضياع والكفاح من أجل البقاء على قيد الحياة على قمة الجبل فى فترة التسعينات، وعلى الرغم من صدور العديد من الكتب التى تعرضت للحادث، الا ان صناع الفيلم فضلوا كتابة قصة وسيناريو الفيلم دون الاعتماد على أي من هذه التصورات.

لا يعتبر فيلم إفرست التناول الوحيد للجبل الاشهر فى العالم، بل تم انتاج فيلم وثائقي قصير فى 1998 عن احد محاولات تسلق الجبل، وقام بالأداء الصوتي فى الفيلم الممثل الشهير (ليم نيسون)، كما ان مجموعة من الحلقات القصيرة تم انتاجها عام 2007 توثق المحاولة الأولي لوصول مجموعة من المتسلقين الكنديين لقمة الجبل.

كرد فعل فني سريع على حادث سانت كاترين فى مصر، تم الدفع بفيلم (باب الدنيا) الذى يعتبر فيلماً وثائقياً لتأبين ضحايا الحادث وخاصة المخرج الشاب (محمد رمضان) الذى راح ضحية الحادث. لكن السؤال الذى نختتم به تقريرنا الحزين عن (إفرست).. الا يستحق حادث سانت كاترين ان يتم توثيقه بفيلم روائى طويل و (ثقيل) بقدر (إفرست)؟!