لا يمكن الإختلاف على حجم الطفرة العلمية والعملية التى أدخلها (ستيف جوبز) على عالم التقنية فى العالم أجمع. هذا الرجل الذى يحمل نصف أصحاب الهواتف المحمولة بصمته فى جيوبهم، بينما يحمل النصف الأخر منتجات ساهم (جوبز) بشكل مباشر أو غير مباشر فى تطويرها وتقديمها بشكل متميز للجمهور. وهذا ما يحكي عنه Steve Jobs

فيلم Steve Jobs الذى استقبلته السينمات المصرية والعالمية مؤخراً ليس الفيلم الأول عن ستيف جوبز مؤسس شركة أبل ومديرها وصاحب أكبر ثورة تطوير فى تاريخ الحاسوب والهاتف المحمول، بل سبق الفيلم عدة أفلام ومحاولات لتقديم الشخصية المثيرة للجدل للرجل القابع خلف علامة التفاحة!

فى 2012 قُدم فيلما وثائقيا بعنوان Steve Jobs: Visionary Genius عن قصة حياة ستيف جوبز، وتم التركيز فى الفيلم على الفترة التى اطلق خلالها (جوبز) اجهزة (ايفون) و(ايباد) والتى احدثت تطوراً ضخما فى مجال التقنية والأتصالات.

وفى 2013 تم تقديم فيلماً اخر بعنوان Jobs من بطولة اشتون كوتشر فى دور ستيف جوبز، ومن اخراج جوشوا ستيرن.. فشل الفيلم فى احداث النجاح المتناسب مع شخصية (جوبز)، ولاقى استهجان العديد من الجمهور والنقاد، على الرغم من كونه فيلماً درامياً ويحاول الأبتعاد عن الفكرة (الوثائقية) التى لازمت الأفلام عن (جوبز).

اخر الأفلام التى تحدثت عن جوبز كان الوثائقي The Man In The Machine ، والذى يتشابه مع فيلم اليوم فى اسلوب الطرح العام المعتمد على محاولة الأجابة على سؤال واحد طوال أحداث الفيلم: هل كان ستيف جوبز رجلاً جيداً بنفس القدر الذى كانت عليه الأجهزة؟!

الإجابة هى: لا واضحة.. جلية كالشمس فى وضح النهار، وهذه المعلومة يؤكدها فيلم Steve Jobs المعروض مؤخراً. وهى خطوة جريئة تُحسب لصناع الأفلام التى تتناول قصص حياة المشاهير فى هوليود، وهى التطرق لحقيقة الشخص لا للصورة الجمالية التى يريد صناع الفيلم ان يعكسوها كما هو الحال فى مصر.

يبدأ الفيلم Steve Jobs بمشاهد افتتاحية عن حفل اطلاق اجهزة ابل ماكنتوش الى العالم، الحفل الذى تم اطلاقه عام 1984 كان نقطة انطلاق المخرج داني بويل الى عالم ستيف جوبز، لكن (بويل) اختار الطرق على الحديد وهو ساخن، فأقحم قضية معروفة فى حياة ستيف جوبز وهى رفضه الأعتراف بأبنته على الرغم من تأكيد كل المحيطين به على انها ابنته بالفعل!

يستكمل الفيلم Steve Jobs احداثه مع فشل اطلاق الماكنتوش واصرار (جوبز) على تقديم ما يراه مناسباً من خلال تأسيس شركته الخاصة (نكست) عام 1988 بعد طرده من ابل علي خلفية صراعات مع رؤساء مجلس ادارتها، وهى الفترة التى ابتعد فيها جوبز عن (ابل) قبل ان يعود لها من جديد ملكاً متوجاً.

لا يتعرض الفيلم Steve Jobs لفترة انتاج اجهزة (ايبود) و (ايفون) و (ايباد)، ربما لعدم وجود مناطق للصراع النفسى بين الابطال، فقد كانت شركة ابل فى اوج مجدها فى تلك الفترة، وكان (جوبز) قد استطاع ارساء الخطوط العريضة للتكنولوجيا الجديدة التى استطاع تصميمها، ايضا لم يتطرق الفيلم مباشرة للمشاكل والنزاعات القضائية الشهيرة بين ستيف جوبز و بيل جيتس مؤسس شركة (مايكروسوفت) على حقوق الملكية الخاصة بمنتجات الشركة الأخيرة.

على الرغم من كون الفيلم Steve Jobs يؤرخ لحياة ستيف جوبز، الا انه لا يظهره فى صورة الملاك، بل يستعرض كيف كان يعتبر جوبز عنصراً ضاغطاً على العاملين معه فى (ابل)، وكيف اصر على انتاج اجهزة لا يمكن تعديلها او التلاعب بمكوناتها او حتي اصلاحها لدي فنيي الكمبيوتر، وكيف رفض وبشدة الثناء على فريق العمل الذى انتج الجهاز الوحيد الذى كان يدر الربح على (ابل) فى واحدة من اصعب فتراتها الاقتصادية، بالاضافة لمشكلة (جوبز) الأخلاقية الأولي التى ناقشها الفيلم من المشهد الاول وهى رفضه الأعتراف بنسب ابنته.

الفيلم Steve Jobs من بطولة النجم مايكل فاسبندر فى دور ستيف جوبز، وكيت وينسلت فى دور مساعدة جوبز الشخصية وسكرتيرته (جونا هوفمان) او –زوجته فى العمل- كما يطلق عليها (جوبز) خلال احداث الفيلم، اما دور (ستيف وازنياك) فقام به الفنان سيث روجان.

على الصعيد الفني، يمكن اعتبار الفيلم محاولة جريئة لأقتحام عالم ستيف جوبز وتقديم فيلم (لائق) عنه، كان ينقص الفيلم بعض الأضافات على صعيد السيناريو، والأهتمام بظهور (جوبز) على المسرح مستعرضاً اجهزته وتقنياته الحديثة بدلاً من الأكتفاء بقطع المشاهد عند لحظة اعتلائه المسرح، لكن بشكل عام فالفيلم يصلح للمشاهدة لمحبى الأفلام التقنية والتكنولوجية، خاصة هؤلاء المهاويس بالتفاحة الألكترونية النصف مقضومة التى تدعي (ابل) !