"حط نفسك مكاني" جملة يستخدمها الكثيرين لكسب تعاطف من حولهم في موضوعٍ ما، وهذا بالضبط ما تجعلنا الأعمال الفنية الناجحة نقوم به عند قرائتها أو مشاهدتها، حيث نضع أنفسنا بشكل لا إرادي مكان بطل العمل أو إحدى الشخصيات، وهذا الفعل يسمى ب"الإحلالية"، أي نحل بأنفسنا مكان هذه الشخصية، فنتعاطف معها ونريد معرفة مثيرها، وبالتالي نُكمل العمل لأخره، ويصبح بذلك عمل ناجح. وهناك أيضاً بعض الأعمال الأخرى بمجرد أن تبدأ في قرائتها أو مشاهدتها تبتعد عنها، وتصبح بذلك من الأعمال الفاشلة، فهل تسألت يوماً عن سبب هذا التعلق أو النفور؟

في هذا الموضوع سوف نتحدث عن عنصر من أهم عناصر البناء الدرامي لأي عمل فني، وهو عنصر بناء الشخصية الدرامية، إذ إن هناك عدة عوامل أساسية يجب توافرها عند كتابة الشخصيات الدرامية.

للشخصية الدرامية ثلاثة أبعاد رئيسية، وهي البعد المادي، والبعد النفسي، والبعد الاجتماعي.

▪︎البعد المادي: المقصود به المواصفات الجسدية للشخصية، طويل أم قصير، نحيف أم سمين، لديه علامة مميزة بجسده أو بوجهه، الطريقة التي يسير بها، تعبيرات وجهه، أسلوب حديثه. ولنعطي مثالاً بالزعيم عادل إمام، قارن بين البعد المادي له في فيلم المشبوه وفيلم الهلفوت، اختلاف تام في كل شئ حتى نظرة العين.

▪︎البعد النفسي: هو ما يعكس طبيعة الشخصية، إنطوائية أم اجتماعية، سوية أم مضطربة، يوضح الأسباب الدفينة وراء ما تقوم به من تصرفات، يكشف دواخلها من مشاعر وإنفعالات ورغبات.

▪︎البعد الاجتماعي: يوضح من خلاله الطبقة الاجتماعية التي تنتمي لها الشخصية، وظيفتها، ديانتها، جنسيتها، ديانتها، وإلى أخره.

هذه الأبعاد الثلاثة هي التي تشكل الشخصية الدرامية وتجعلها حية، فإن استطاع الكاتب رسم كل بعد منهم بطريقة تتماشى مع الأحداث، وأن يقوم بدمجها معاً لتكوين شخصية درامية متكاملة، حينها يشعر القارئ أو المشاهد بأن هذه الشخصيات حقيقية، مثلها مثله، يشعر بها ويتعاطف معها. أما إن حدث خلل في أي بعد منهم، فسوف ينفر القارئ أو المشاهد من هذا العمل ويبتعد عنه، خاصةً في الأعمال المكتوبة، كالروايات والقصص، لأنها تعتمد على خيال القارئ في تجسيد شخصيات العمل أثناء القراءة.

من أفضل الأعمال الفنية التي رُسمت شخصياتها ببراعة، هى رواية "عمارة يعقوبيان" لدكتور علاء الأسواني، فبالرغم من كثرة شخصيات الرواية، واختلاف بيئتهم وثقافتهم، إلا أنهم جميعاً أخذوا نفس القدر من الإهتمام بأدق تفاصيل شخصياتهم... 

شاركوني بالأعمال الفنية التي رأيتموها ووجدتوا هذه الأبعاد متوفرة في شخصياتها، أو شخصية استطاعت أن تكسب تعاطفكم وحبكم لها.