فور مشاهدتي لهذا الفيلم انتابتني مشاعر بالفخر والنصر والتحدي وشعرت بأنه يمكنني الآن أنجز أي عمل يوكل لي، وفي نفس الوقت كانت هناك حسرة كامنة يا ترى كم من أطفالنا لديهم أفكار ابداعية طمست بسبب الفقر أو بسبب عدم تلقيهم الدعم كون الكثير من العائلات تسخر من أطفالها وتستهزء بأفكارهم الصغيرة،

في هذا الفيلم فقط يمكنك أن تفهم حجم الخسارة الناتجة عن الاستخفاف بأفكار الصغار، ويمكنك أن ترى كيف أن الإيمان بفكرة طفل صغير قد تنقذ العالم من كوارث عظيمة.

الفيلم انتاج عام 2019

إخراج: الكاتب والممثل النيجيري شيواتال إيجيوفور ويعتبر هذا الفيلم أولى تجاربه الإخراجية

بطولة: الممثل ماكسويل سيمبا و شيواتال إيجيوفور

يروي الفيلم القصة الحقيقية لـ William Kamkwamba، الذي اخترع طاحونة هوائية في سنوات مراهقته ليساعد قريته في التخلص من المجاعة الشديدة والجفاف الذي كان يضرب مسقط رأسه في ملاوي.

قصة الفيلم:

تدور أحداث الفيلم حول الطفل ويليام والذي يعيش حياة بسيطة مع عائلته في ملاوي، يهوى ويليام تصليح الراديوهات القديمة والفك والتركيب واستخدام الخردوات للحصول على قطع تركيب، في ملاوي القرية البدائية الفقيرة والتي يضربها اما الجفاف أو السيول فتعاني من المجاعة والفقر الشديدين ويزداد الوضع سوءًا في ظل الفساد والاستغلال المنتشر،

كانت أجمل أيام وليام عندما التحق بالمدرسة ولكنه لم يستطع تسديد الرسوم المدرسية فتم طرده ولكنه بطريقة ما ينجح في التسلل إلى المكتبة والبدء في قراءة كتب عن الكهرباء والدينامو والمغناطيس ومن هنا يبدأ ويليام في القراءة محاولاً بناء طاحونة هوائية ليولد الكهرباء التي ستضخ المياه لري المزروعات وحتى ينقذ قريته و عائلته.

أهم الأفكار التي ركز عليها الفيلم:

-الحاجة والفقر يولدان الإبداع والاختراع

حاجة ويليام ورغبته في أن يسعد عائلته وينقذ أهله وأصدقاءه من المجاعة دفعته للقيام بتجارب وابحاث ونماذج بسيطة للطاحونة الهوائية، برغم الصعوبات التي واجهها، وبالفعل نجح في ذلك وأصبح أيقونة في ملاوي.

من أجمل العبارات التي لفتت نظري في الفيلم "الديموقراطية مثل الكاسافا المستوردة تتعفن بسرعة"

في نظر ويليام كان يشعر بأنه مسؤول عن إنقاذ قريته من المجاعة والتمسك بالقرية لآخر لحظة في الوقت الذي كان الجميع يفكر بالخلاص والهجرة إلى الشمال بحثاَ عن لقمة العيش، في الحين الذي لم تفكر فيه الحكومة بحل مشكلة الناس وحتى لم تمنحه الفرصة في أن يكمل دراسته في المدرسة، تناقض ومعادلة غريبة تفسر لنا الواقع السياسي الفاسد والي شهدته وما زالت تشهده ملاوي حتى الآن.

-ذكرت مؤسسة اليونيسيف الدولية بأن أزمة الغذاء المستمرة في ملاوي تؤثر على أكثر من 4 مليون شخص، ويشكل إجمال عدد النساء الحوامل والأطفال ممن هم دون سن الخامسة أكثر من مليون منهم، والحقيقة أن الأثر السلبي لانعدام الأمن الغذائي لا يقتصر على سوء التغذية فقط ولكن يمتد ليساهم في زيادة نسبة خطر الإصابة بالأمراض مثل الإيدز والكوليرا.

-الاصرار والعزيمة والتحدي يصنع المعجزات

يقول وليام I try and I made it

لم يحصل ويليام على الدعم من والده في البداية، حيث أن الفرصة الأخيرة لتجربته كان يحتاج فيها لدراجة والده،
تم مقابلة هذه الفكرة بغضب شديد من والده حتى أنه دفعه على الأرض وطلب منه بأن يبدأ العمل في الأرض ويبتعد عن هذه السخافات، ولكن كل هذا لم يوقف عزيمة ويليام الذي حاول مراراً وتكراراً حتى نجح في النهاية بإقناع والده ولم أر أجمل من العناق الأخير مع والده ونظرة الفخر عندما نجحت التجربة!

-من المشاهد المؤلمة بالفيلم عندما طلب الأب من كل فرد من عائلته بأن يختار وجبة واحدة يتناولها في اليوم، أحدهم اختار العشاء لأنه لا يستطع أن ينام و بطنه خاوية، والآخر الفطور لأنه يحب تناول الفطور، لحظة مؤلمة للأب والأم اللذان يحملان على عاتقهما هموماً ليس لهم فيها سلطان.

بوجود الملايين الذين يعانون من الفقر والمرض والمجاعة، هل تدرك حجم النعم التي تحظى بها يومياً؟ كم من النعم التي نحظى بها يومياً ولا نشكر الله عليها!

  • استوقفتني أحد المشاهد حيث باع الناس أشجارهم ولم يصمدوا أمام حاجتهم للقليل من المال الذي عرضته الشركات الاحتكارية التي ساهمت في إفقار الفلاحين، وسرعان ما قطعت هذه الأشجار وهذا أدى إلى أن تأخذ السيول المحاصيل الزراعية، وهنا دورأهل القرية ليس بقليل في دمار المحاصيل فلقد غلبت الحاجة والطمع المنطق وغاب هنا التكاتف الاجتماعي،

    بينما،،،

شاهدنا في نهاية الفيلم تكاتف السكان معا وقناعتهم بأهمية إتاحة الفرصة لويليام من أجل التوصّل إلى حل، وهو ما حدث في مشهد من أجمل وأكثر مشاهد الفيلم تعبيرا عن روح الجماعة في الثقافة الأفريقية.

كم تؤثر قرارات الناس في ظل الظروف الصعبة على حياة الجماعة؟

هل يحق لنا أن نفكر بشكل فردي ونبحث عن الخلاص بغض النظر عن مصلحة الجماعة؟

هل من الصحيح أن أهاجر وأترك بلدي لأبحث عن رزقي في بلاد أخرى؟