هل فكرت يومًا في التحضير إلى مشاهدة فيلم سينمائي ؟

لا أقصد هنا تحضير البوشار والمشروب، بل أقصد تحضير ذهنك وإنتباهك لمشاهدة كافة تفاصيل الفيلم حتى تستطع بناء رأي صحيح عنه .

يظن البعض أن مشاهدة الفيلم مجرد إنتباه لأحداث أو التركيز مع مُمثل مُفضل، في حين أن هُناك علم خاص بمشاهدة الأفلام، ولا يُقلل هذا العلم من متعة الفيلم؛ بل يجعلك التذوق السينمائي تُشاهد الفيلم من معايير مختلفة ويُبرز لك كيف ترتبط العناصر الفنية ليصل لك المعنى في مشهد واحد !

من أهم الكتب التي تناولت كيفية مُشاهدة الأفلام، كتاب بعُنوان فن الفرجة على الأفلام للكاتب جوزيف. م. بوجز، ويتناول الكاتب فيه العناصر التي يجب الإلتفات إليها أثناء مشاهدة الفيلم من أجل الإستمتاع بكل لحظة فيه، وفهم الرسالة المقصودة في كل مشهد .

أحيانًا ينتهي فيلم وأنت تتسائل عن المقصود من النهاية، أو تبدو لك بعض الأحداث مفتوحة في حين أن الفيلم مُكتمل العناصر الفنية وأوصل رسالته كاملة عبرها، فليست الأحداث فقط هي التي تتصاعد أثناء المشاهدة، بل حتى زاوية التصوير أو بؤرة الإضاءة أو أسلوب القطع بين المشهد والأخر يكون له دلالة ومعنى مُرتبط بالأحداث .

لخص الكاتب العناصر التي يجب الإنتباه إليها عند مشاهدة الفيلم في عدة عناصر ورتبها كالتالي :

التيمة والبؤرة:

وهي الغاية والهدف من الفيلم والبؤرة كمصطلح سينمائي هي النقطة التي تلتقي عندها أو يفترق الحدث، وبتطبيقها على الفيلم السينمائي فهي النقطة التي يدور حولها محور الفيلم من البداية للنهاية .

العناصر الروائية والدرامية:

وتتمثل تلك العناصر في تصاعد الأحداث والحبكة والبناء الدرامي بينهما، حيث أن من المفترض أن يزداد عنصر التشويق أثناء المشاهدة، ويستطيع أي شخص محترف الحكم على جودة الفيلم من خلال تصاعد الأحداث في أول 10 دقائق تقريبًا، إذ أن وتيرة الأحداث البطيئة عنصر من عناصر فشل الفيلم .

العناصر المرئية

وتشمل كل ما تراه أثناء المشاهدة من صورة وإضاءة وعناصر تكوين سينمائي كالديكور والملابس وحتى اكسسوارات الممثلين ومايدور حولهم في الخلفية من أحداث، والكثير من الأفلام لم تحصد جوائز بسبب وقوعها في أخطاء غير مقصودة في تلك النقطة، كظهور قطعة ديكور من عصر مختلف .

المؤثرات الصوتية والحوار

الأصوات في الخلفية، كصوت رنة الهاتف أو صوت إطلاق النار، جميعها عناصر مُركبة على شريط الصوت الخاص بالمشاهد وأي خطأ في وقت المؤثر الصوتي يؤثر على المشهد كليًا .

يظن البعض أن الحوار هو الجزء الأسهل، ويعتمد عليه الكثيرين في مشاهدة الأفلام، إلا أن كل جملة تصدر في المشهد لابد أن تكون لها معنى مُرتبط بالأحداث، حتى الجمل العابرة لابد أن تكون كثيرة، فذلك يؤثر سلبيًا على جودة الحوار .

الموسيقى

للموسيقى دور كبير في توكيد حالة الفيلم، عادة ما تكون أفلام الرعب ذات موسيقى مميزة تجعل المستمع يعرف مباشرة أن الفيلم رعب، من المفترض أن يكون التذوق السينمائي لكافة الأفلام بنفس الطريقة، وأن تنجح الموسيقى في تعزيز فكرة الفيلم وإبرازها للمشاهد والمستمع لتكتمل الحالة الفنية وتصل للجمهور العادي، فتخيل أن تشاهد مشهد حزين بموسيقى فرح كم سيفقد المشهد من حالته !

الإخراج

تكتمل اللوحة الفنية بالإخراج، فالمخرج هو المسئول عن توظيف كافة العناصر المذكورة في الأعلى بحيث يكون كل منها في مكانه الصحيح، وحتى الممثلين الذين يظهرون أمامك على الشاشة هم إختيار المخرج، أي ممثل تجده غير مناسب لدوره فهذا خطأ إخراجي، وأي مشهد غير مناسب مع تسلسل الأحداث خطأ إخراجي أيضًا، فكافة العناصر في الأعلى هي عناصر تنفيذية، ثم يأتي فريق الإخراج ليُبذل جهده حتى يصل لنا بالصورة الأخيرة التي تتجسد في فيلم .

بعد معرفتك لتلك العناصر والبدء في التركيز عليها، ستُدرك أن هناك فارق كبير بين مشاهدة الفيلم في صالة السينما أو مشاهدته على التلفاز؛ وستُصبح لديك فرصة لتعلم الكثير من المعاني والرسائل السينمائية التي لم تكن تُدركها من قبل .

بعيدًا عن تلك المعايير، ما هي معاييرك الأساسية التي تبني عليها رأيك في الفيلم السينمائي ؟ وفي رأيك أي من تلك المعايير المذكورة يُمكن الإستغناء عنها ؟