لم نعد ننتظر ونذهب بشغف إلى نوادي القراءة كل أسبوع لمناقشة كتاب ما ومشاركة اهتماماتنا مع القرّاء الأخرين وإعارة واستعارة الكتب الورقية.

ولم نعد نشتري أقراص الـ (CD) للأفلام أو ينقلها صديق لنا على فلاش من أجل مشاهدة مجموعة من الأفلام بشكل منتقى أو حتى عشوائي.

وبالرغم لما توفره مواقع مثل IMDb من تقييم للأفلام وGoodreads من تقييم للكتب وكذلك بعض المميزات الأخرى مثل حفظ الأفلام التي قمت بمشاهدتها أو الكتب التي قمت بقراءتها، ومساعدتك في اختيار الفيلم أو الكتاب التالي الذي تودّ أن تشاهده/تقرأه.

لكن ما مدى ثقتنا بهذه المواقع؟

حين تطرح اسم لكتاب أو فيلم على صديق أو أحد أفراد العائلة اليوم يذهب مباشرةً لتلك المواقع كي يحسم قراره في مشاهدته أو قراءته من عدمها وهذا يمحو بشكل كبير أساس مهم وهو المغامرة الشيقة في حكمك أنت على الفيلم دون اللجوء لحكم جاهز، فأحياناً هذه الصفة تجعلك مترقباً مستمتعاً وتحمل لذة أكثر من معرفتك أن الفيلم الذي تشاهده أو الكتاب الذي تقرأه هو بالفعل حصل على تقييم رائع في مواقع التقييم.

لا أتحدث عن مغامرة عمياء تفتك بهامش وقتك، ما قصدته هو المغامرة المستندة لبعض الأمور المنطقية والصفات الشخصية التي تجذبك كمشاهد يمكنك الاستناد عليها واختيار فيلم مقارب لذوقك الخاص أو كتاب قريب من مستوى فكرك.

بالتأكيد هناك فرق بين اختيارنا للفيلم واختيارنا للكتاب فقد ينجح ممثل في جعل كل أفلامه رائعة ولكن لا ينجح الكاتب في جعل كل كتبه بنفس المستوى وقد يحدث العكس لكننا لسنا بصدد الحديث عن ذلك.

نبدأ بمواقع تقييم الأفلام

بعض المعلومات التي قد تصدمك معرفتها عن كيف تؤثر عوامل ديموغرافية في حصد تقييم الفيلم، والديموغرافيا عزيزي القارئ (إن كان تعرفيها غائباً عن بالك) هي علم السكان وما يتمعون به من خصائص وإلخ..

فموقع IMDb وهو بالعادة يخضع لتقييم المستخدمين العاديين، فقد أظهرت دراسة أن معظم مستخدميه من الرجال ويميلون في دعم الأفلام التي يرون أبطالها من الرجال بشكل أكثر من الأفلام الأخرى.

على سبيل المثال (شخصياً أعتبره فيلم رائع) لكن فيلم The Shawshank Redemption وتقييمه 9.3 من أصل 10 مستند على تصويت حوالي 1.86 مليون مستخدم،، 1.2 مليون من هذه الأصوات جاءت فقط من الرجال، قام الموقع بتعديل هذه الديموغرافيات لكن ما يزال 70% من الرجال يعتبروا الناخبين الأوائل للأفلام على هذا الموقع.

أما موقع الطماطم الفاسدة Rotten Tomatoes فالحكم يكون للنقّاد مما يجعل ترتيب الأفلام مختلف تماماً عن موقع IMDb، وهناك قضايا تم رفعها من قبل فريق عمل بعض الأفلام على الموقع بسبب قيام الموقع بإبراز أصوات عدد أكبر من النقّاد الرجال في الأفلام الأوائل المعتمدة على الموقع 760 رجلاً مقابل 168 امرأة وبعدها بعام وجدت دراسة أُجريت بجامعة في ولاية سان دييغو أن 27% فقط من الأراء المعتدة من النقّاد في هذا الموقع تعود لإناث!

لذا اختر فيلماً وحسب

إذا كنت مستخدماً يختار فيلمه بأسلوب بسيط في الغالب ستلجأ لموقع IMDb، أمّا إذا كنت ناقداً أو شخصاً ينتقي الأفلام بفلسفة خاصةستذهب نحو موقع Rotten Tomatoes ولكن في جميع الحالات وهذا مثال بسيط هناك أفلام لا تستحق التقييم المذكور على كلا الموقعين وربما تجد فيلماً به تفاصيل وقصص تشبهك وتجد تقيمه لا يتعدى 10/4.

لذا إذا كنت تحتاج رأيي فقم بالمخاطرة واختيار فيلم حسب ذوقك وما يأخذك إليه اهتمامك الخاص أو فيلم رشحه لك صديقك بتلقائية ولا تعتمد بشكل كبير على هذه المواقع.

هامشاً: المثال الذي ذكرته حول التأثير الديموغرافي بين كون غالب المستخدمين من الرجال هو فقط مثال تم اجراء الدراسات عليه لذا أرجو ألّا نخوض في الأمر على أنه تفريق بين الجنسين أو الانحياز لأحدهما ونترك صلب الموضوع.

ننتهي بمواقع الكتب وتقييمها

المتصدر بالتأكيد هو موقع Goodreads، ومن استخدامي له لأكثر من ثماني سنوات وجدت القرّاء الأجانب (واعذروني أصدقائي على صراحتي) ولكن غالباً في الأدب العالمي والمترجم ما يكون للقرّاء الأجانب المصداقية الأكبر في التقييم.

أمّا بالنسبة للكتاب العربي فهناك عوامل كثيرة غير جودة الكتاب تتحكم في عملية التقييم، فأنت تذهب بشكل بسيط كأي قارئ تريد أن تقرأ كتاب شائع لكنك تجد مفارقات كبيرة في تقييم الكتاب، تجد شخص يضع له العلامة الكاملة وشخص يضع له نجمة واحدة فتضيع بين الرأي الشائع وعوامله(منها الاعجاب بالكاتب بغض النظر عن المضمون) والرأي الحقيقي(المضمون أولاً)، بين الكتاب ذو المحتوى السطحي والضعيف وبين الكتاب العميق، وقد حصل لي ذلك شخصياً في ثلاثة كتب تقريباً كانت المراجعات فيها ممتازة لكني ما لبثت بالقراءة حتى وجدت اختلاف كبير فلم أعد قادرة على الثقة الكاملة في هذا الموقع.

وأنت صديقي هل تثق بهذه المواقع بشكل كامل سواء كان لاختيارك فيلم أم كتاب؟ وهل وقعت في فخ التقييم الكاذب لكتاب أو فيلم وجدت تقييمه ممتاز على تلك المواقع لكنه لم ينال منك اعجاباً؟ وهل هناك استراتيجية تتبعها في التعامل مع هذه المواقع؟