يسرد الفيلم قصة الطفل زين الذي يعيش في أحد الأحياء العشوائية في ظروف أقل من الممكنة للحياة لعائلة تتكون من سبعة أطفال يشكي والدهم لاحقاً أن الطفل ينام في مساحة أقل من متر وتقول والدتهم أن ابنها الرضيع يرضع الماء والسكر.

المشهد الافتتاحي للفيلم يبدأ حينما يظهر زين مكبلاً بالأصفاد ويقاد إلى قاعة المحكمة ليمثل أمام القاضي بتهمة طعن زوج أخته القاصرة سناً، وأنت تنظر لعيناه المحمرة وملامحه المليئة باللوم والدموع الجامدة تستغرب كيف لطفل بريء أنا يفعل ذلك، وما إن سمح القاضي لزين بالتحدث قال "بدي اشكتي على اهلي لانهم خلفوني" في اشارة لانهم انجباه وهما غير قادران على الاعتناء به.

ومن ثم يعود الفيلم للبداية ليأخذك في رحلة كاملة قاسية داخل هذه الأحياء وكيف أن هناك أطفالاً مشردين يفتقدون أبسط امكانيات الحياة يعملون في الشارع ويتعرضون للتعنيف.

يتشعب الفيلم في سرده لقصة هذا الطفل إلى مشاكل أخرى مثل تزويج القاصرات حيث أن والديه يوافقان على تزويج اخته ذات 12 عاماً إلى الرجل الذي يؤمن لهم المسكن خوفاً من طردهم، كذلك تجارة البشر حيث يعرض قصة الأشخاص المشردين من جنسيات مختلفة وما يعانوه من استغلال، والكثير من القضايا المجتمعية كالفقر والجهل والحرمان التجويع، فقدان مرافق الحياة الأساسية وربطهم بشكل سلس مع قصة الطفل زين.

عمل عظيم لمخرجة عربية لبنانية نادين لبكي التي أرى أنها تتطور في اخراج حبكة الأفلام وعكس الواقع في فترات زمنية مهمة وعرض القضايا الانسانية بطريقة قادرة على تحريك مشاعرك ومعايشتك الفيلم كأنه قصتك وحياتك.

ستلاحظ عند مشاهدة هذا الفيلم أو إن كنت قد شاهدته هو قرب الكاميرا للوجوه ولقطها للتفاصيل حيث يشعرك هذا بعفوية المشهد وتلقائيته وستود لو أنك تستطيع مدّ يدك ومسح التعب والأوساخ عن وجوه الأطفال البريئة المعذبة.

تقول نادين عن كفرناحوم أنه يعكس واقع لبناني عربي لكنه ينفتح أيضاً على واقع دولي. الأطفال المهمشون حاضرون في بلدان كثيرة، وفي مجتمعات كثيرة، وهذا يضعنا أمام واقعية غابت عن أفلام الساحة العربية مؤخراً، فتجد فيلم أو فيلمان يعرضون المشاكل التي يعاني منها الواقع العربي اليوم، هذا إن وجد.

هل شاهدت هذا الفيلم؟ أو أي فيلم عربي يعرض رسالة مهمة وقيمة هادفة؟