بقلم : محمد الزعراط

جاء الميثاق الوطني للتربية والتكوين على حد تعبيرهم لخلق مؤسسة تعليمية مؤهلة وقادرة على المنافسة والانفتاح على المحيط السوسيواقتصادي، ومواكبة كل التطورات الواقعية الموضوعية المستجدة، والتأقلم مع كل التطورات العلمية والتكنولوجية. عقدين من الزمن مرّت على هذا الميثاق؛ لكن أين هذه المؤسسة؟ أو بالاحرى أين بوادر خلق هذه المؤسسة!؟، كان الجواب كافيا بإنزال المخطط الاستعجالي الذي يعتبر مؤشرا على عجز الميثاق لتحقيق ماجاء به، وصرفت عليه ملايير؛ ليعلن الملك عن فشله هو الاخر.

انتظار طويل منذ 1956 من طرف أبناء وبنات هذا الشعب على أمل إصلاح قطاع له من الأهمية ما له في تنمية البلاد والسير بها نحو التحرر من تبعيةٍ قائمة منذ عقود؛ لا زالت المنظومة التعليمية تعرف اختلالات واسعة أقرّ بها المتتبع العام قبل المتخصص، منظومة عنوانها البارز الفشل المتوالي للاصلاحات التي لم تنبني على تشخيص الواقع لسد الخلل، بل ارتكزت بالأساس على املاءات المؤسسات الدولية المانحة. يتابع أبناء الشعب المغربي تحت إصرار قوي من الجهات الوصية على تحميل أبناء الشعب المزيد من الأعباء المادية والمعنوية؛ المصادقة على مشروع القانون الإطار 51.17 ، والذي يندرج ضمن الرؤية الاستراتيجية 2015-2030. فـتحت ذريعة تنويع مصادر تمويل قطاع التعليم وإلزام الأسر الميسورة فقط دون الفقيرة، يهدف مشروع القانون الإطار إلى فرض رسوم في التعليم العمومي بسلكيه الثانوي والعالي؛ مع الإشارة إلى أن جل من يلج التعليم العمومي هم أبناء الأسر التي تعاني الفقر والهشاشة والتي يصعب عليها أحيانا اقتناء الكتب اللوازم الدراسية، بل والغريب في ذلك أن الدولة تعتبر الأسرة ذات الدخل الشهري 3000 درهم ليست بفقيرة، في حين أن الأسرة التي دخلها الشهري 4000 و 5000 درهم لا تستطيع تلبية كل متطلباتها المادية، خصوصا مع الغلاء المستشري في كل القطاعات الحيوية(سكن – ماء – كهرباء – معيشة - ....)، فما بالك إن كان عدد أفرادها الذين يتابعون دراستهم يفوق الإثنان والثلاثة .

نعم، إنها بلاد موازين التي اختلت فيها الموازين، وطغت السياسة الاستبدادية التي تستهتر بمستقبل البلاد وأبناء هذا الشعب الجريح، فكيف يعقل لبلاد الذهب والفوسفاط والفضة والموقع االاستراتيجي أن تنحني للإملاءات الخارجية دون النظر للواقع المعاشي للمغاربة. فالشعب المغربي ليس بحاجة للمهرجانات والسهرات، إنه محتاج لعقلية تدبر خيرات بلاده وتستثمرها في المغرب من أجل وقف تفكير الشاب والشابة في أفقه(ها) المسدود.

إن مشكل إصلاح قطاع التعليم ليس مرتبطا بمسألة التمويل بقدر ما هو مرتبط بكيفية التدبير والتخطيط، ومن هو أولى وأحق بأن يدبر.

فنحن؛ طلاب المغرب؛ كنا، ولازلنا، وسنظل نؤكد على أن المنطق الاستفرادي، والسياسة التحكمية، والطرق التي تدبر بها الدولة مثل هاته الملفات، لن تزيد الوضع إلا تعقيدا واستياء وتدمرا، ولن تزيد الأزمة إلا سوءا وتعمقا. فمثل ملف التعليم يجب أن تتعاطى الدولة معه بكل جدية ومسؤولية أكبر مع إشراك كل الفاعلين فيه.

هو حل واحد ووحيد قيل من قبل، وها أنا أعدت قوله ، لعل الجهات الوصية تستوعب مدى أهمية ضرورة هذا القطاع، وكذا ضرورة إشراك كل الفاعلين فيه بفتح نقاش عمومي جاد لا يستثني أحد؛ من أجل إصلاح يتحمل كل عضو في المنظومة التعليمية المسؤولية فيه .