لماذا يتأثر المستهلكون بإعلانات المشاهير على وسائل التواصل رغم عدم توافر المصدقية أحيانا؟

أظن أن الأمر يأتِ من كوننا ننقسم إلى فئات في فعل ذلك، مثلاً أنا لا أتابعهم وأنتِ كذلك لا تتأثرين بهذه الإعلانات، وهناك فئة تتفق على أن هذا هراء وتكتشف بالفعل حيلهم في التسويق وتَبَنّي رأي المنتج الذي يتعاقدون معه.

إذا كنّا سنتقتصر بالحديث عن مشاهير السوشيال ميديا الذين انطلقوا من هناك وليس المشاهير على أرض الواقع مثل لاعبي كرة القدم فسنجد أن شهرتهم تكون محلية حسب مناطقهم، وبضعهم ينال شهرة أوسع في الوطن العربي.

وأعتقد الفئة التي تتابعهم هي الأكبر بسبب استهلاكية هذا العصر، الجميع مولع بالمنتجات الجديدة، بشراء الماركات، بالقيمة الاجتماعية التي تمنحهم إياهم هذه المنتجات، هذا التأثير مُعدي حتى أنا في فترةٍ ما لاصرار احدى صديقاتي قمت بشراء منتج وندمت لاحقاً.

لكن الفئات المستهلكة تؤثر وتتأثر بعادات الشراء الخاصة بكل فئة وهذا سبب آخر أراه مهم، ولولا تعاظم عدد الفئة الأولى وتأثيرهم على الفئات الأُخرى لمَا استمروا في شهرتهم بهذا الشكل، وكما قلتِ وجود الهواتف خدم تواجدهم.

الأمر يرجع بالأساس لما يمثله الشخص - النجم - من قيمه لدى الجمهور المتابع .

لعلك تذكرين سبب الشهرة الواسعة التي حصل عليها كتاب "فن اللامبالاة" وخاصة في الوطن العربي ، إنها صورة لمحمد صلاح نجم الكرة المصري الشهير وهو يحمل الكتاب بين يديه ، ما دفع المتابعين والمحبين - حتى لو لم يكونوا من القراء - لشراء الكتاب ومطالعته !!!

التأثير على سلوك المشترين ليس بالأمر السهل ولكن مع وجود السوشيال ميديا كعنصر وسوق إنتشار سريع وواسع ، فإن الوصول للمستهلكين أصبح سهلا ، والمعروض كثير ، فما الذي قد يدفع البعض لشراء منتجا على حساب الآخر !!

هنا يلجأ فريق التسويق لإستخدام مشاهير السوشيال ميديا بصفتهم الأقرب إلى الجماهير ، يتحدثون بلغتهم ، يعيشون بنفس نمط حياتهم ، يشاركونهم تفاصيل حياتهم ، وبالتالي فعرض المنتج وكأنه شئ أساسي في حياتهم ، يدفع المتابعين والمحبين للبحث عنه واقتناءه ، بنفس المنطق الذي حدث مع كتاب فن اللامبالاة .

وهل سبقَ لك أن اشتريتَ منتجًا فقط لأن مؤثرًا على السوشيال ميديا قام بمدحه؟

أنا شخص كلاسيكي بعض الشئ ، ولذلك فأنا أميل لشراء الأشياء التي أعرفها وجربتها مرارا ، ولست من النشطين على السوشيال ميديا أو المتابعين الجيدين ، فمن رأي أن ضررها أكبر من نفعها بكثير ، ربما أضطر للتواجد فيها أحيانا بحكم عملي ، ولكني لا أحبها في العموم .

ما هو سبب تأثيرهم على قرار المستهلك بالشراء

أرى أن السبب الرئيسي وراء تأثيرهم كونهم جزءا من الناس بطريقة أو بأخرى.

دعّينا نتفق أننا لا نعتقد في أذهاننا أن الفنانين والممثلين أشخاص عادية مثلنا تماما، ولو فهمنا ذلك فأدركناه على كبر، وذلك لوجود ذلك الحاجز الضخم ولو على الصعيد النفسي بين عالمنا الذي نعيش فيه وعالم هؤلاء الفنانين.

في المقابل: عندما يظهر مشاهير السوشيال ميديا، فتجدي من بينهم صديقتك في الجامعة، وزميلة أختك، وفلانة التي كانت جارتك فيما مضى، وفلانة التي تدرس في نفس الجامعة التي تدرسين فيها..سيختلف الأمر بكل تأكيد، سيرتفع معدل المصداقية سواء بشكل واعي أو لاواعي.

وأكبر دليل على ذلك، أننا لو دخلنا على صفحات إحدى المشاهير سنجد تعليقات الناس كُلها تدور في نفس السياق المتعلق بكونها تشبههم للغاية، وكونها مختلفة عن بقية المشاهير، أو يمدحونها لكونها غير متصنعة وعلى طبيعتها..إلخ.

من هُنا يكمن السر، فعندما تقول لك أختك أنها جربت منتجا بعينه يختلف الأمر تماما عما لو شاهدتِ له إعلانا على شاشة التلفاز، وبما أنك اعتبرتِ فلانة تشبهك، لأنك كسرتِ الحاجز النفسي المتعلق بكونها من عالم مختلف عن عالمك، بالتأكيد سيكون تأثير رأيها في منتج مختلف عن إعلان عابر، سيكون رأيها بنفس قيمة رأي أختك أو صديقتك في العمل.

في الماضي ليس البعيد، كانت الإعلانات التجارية المتلفزة أو على الراديو شكلًا من أشكال الترفيه، حتى أن موسيقى بعض الإعلانات القديمة لا زلنا نطرب لسماعها

أذكر أنني أستمع إليها بشكل جيد ، حتى أنني أنتظر اللحظة التي يأتي بها الإعلان .

ما هو سبب تأثيرهم على قرار المستهلك بالشراء، وهل سبقَ لك أن اشتريتَ منتجًا فقط لأن مؤثرًا على السوشيال ميديا قام بمدحه؟

أعتقد يا سهى أنني سنشتري المنتج لمجرد أن هذا المنتج إشتراه فلان أو أنه منتج من دولة أوربية أو أن هذا المنتج يروج له مشهور ما ،مع أنني متأكدة من أن جودة المنتج قد تكون رديئة .

فمثلًا قبل فترة ليست بالقريبة إشتريت منتج للبشرة لمجرد أنه من دولة فرنسا ومدته صديقتي ، وندمت لاحقًا ، فجودة المنتج لم تكن جيدة .

لذلك قررت شراء المنتجات التي جربتها ولدي خلفية حولها .

تتعدّى كونها هراء، ولا ترتقي إلى مستوى الإعلانات وأهدافها في الماضي؟

طبعاً لا، تعدد الأساليب التسويقية وفعاليتها يعطيها ميزة وتفوق على الأساليب التقليدية. كما أود الإشارة أنه ليس بالضرورة أن يكون الإعلان واضح كونه إعلان للمشاهد، فبعض الناشطين في وسائل التواصل الإجتماعي أذكياء في طرحة و إذا ظهر لكِ كاعلان لا يظهر لغيرك كذلك.

رأيت في الأيام السابقة أحد الناشطين في اليوتيوب وفي المجال التقني بشكل خاص يقوم بفيديو كامل إعلان "الفرق بين استعماله لجهازين أولهم تقليدي والثاني حديث"، وقد كان الجهاز الحديث هو الإعلان.

هنا يدخل المشاهد مباشرة لرؤية الإعلان عن الجهاز الحديث وهو لا يعرف أنه إعلان من الأساس ويعتقد أنه تجربة لذلك الناشط ويرغب في التعلم منها (وهذه الطريقة مستعملة كثيراً)

ما هو سبب تأثيرهم على قرار المستهلك بالشراء؟

عندما نرى سؤالك هذا نستخرج متغيرين منه.. الأول التأثير والثاني سلوك المستهلك.

إذا تحدثنا عن أول متغير سنجد أن التأثير يرتبط بشكل رئيسي بالهدف من ذلك الإعلان من طرف الشركة المصدّرة، وكأبسط فائدة لها منه هو تعريف المنتج الجديد للشخص الذي يشاهد الفيديو حتى لو لم يكُن مستهلك له.

أما عن المتغير الثاني هو سلوك المستهلك (بما أننا إستخدمنا مصطلح المستهلك فهو قد اشتراه فعلاً ويستعمله)، قد يكون ذلك لحاجته له فعلاً (كنت أرغب في هاتف بمميزات معينة عندما أجده سأشتريه) وقد يكون لتأثره بذلك الناشط أو المؤثر وهذا السلوك منتشر كثيرا (سواء كان التأثير بطريقة العرض أو هوس المشاهد بذلك المؤثر)

هؤلاء من يسمون مؤثرين(قيمتهم بما يملكون من حسابات و ليس لهم عمل مميز)، و هم يختلفون عن المشاهير ( الذين عرفوا بعملهم في مجالات السياسة أو الرياضة أو الفن). بات المؤثرون أكثر قرباً، و الناس تتابعهم و تهتم بأخبارهم و كأن المؤثرين تربطهم صلة قرابة أو صداقة مع عامة الناس. هذا يساهم في تقبل الناس لإعلانات المؤثرين بغض النظر عن مصداقية الإعلان.

أنا لا أتابع أحداً من المؤثرين و لا أجد فيهم ما يستحق المتابعة، بالتالي لا أعلم عن إعلاناتهم و لا المنتجات التي يسوقونها. ما يصلني عن المؤثرين أجده بالصدفة في حال دخلت تويتر أو يوتيوب و ظهر لي فجأة.