عفوا...للمدينة أْدَمنّا البقاء فيها دون خوف أْدَمنّا هواءها وسماءها.. هذه المدينة التي تمتصنا امتصاصا كلما ابتعدنا عنها لسفر اخترناه مضطرين، و كأنّنا نخون العهد حين نختار هجر المهد، إلا أنّنا نفشل في الصمود فنختار العودة إلى واديها راغمين ... مهما كنا عنها بعيدين فعفوا... تماما كالرجوع سمك السلمون إلى منبع الماء الذي ولد فيه.

عفوا... فقد تغلغلت في أوساط مجتمعاتها اليوم و التي اشتهرت بالتعايش شعبها منذ سنيين بما يطلق عليه بالعرقية والعصبية فأصبحت في كل جانب من جوانب حياتنا اليومية، أصبحنا كقبائل بدائية يحكمها قانون بدائي، قد يحتاج فيها الواحد منا إلى بطاقة تعريف لا يعني فيها الجانب الشخصي بحد ذاته فهي بلا قيمة لما تحمله من معلومات بل إلى بطاقة ووثائق تبرز بوضوح انتماءه العرقي، ومنطقته ولونه الفكري ولباسه....فعفوا

عفوا .. فبمثل هذه التصرفات الغير الطبيعية، من شأنها إهلاك الحرث والنسل وإفساد البلاد والعباد، ولهذا نهانا الرسول "ص" عنها بقوله ":دعوها فإنها منتنة" فلم يقول متعفنة وفاسدة بل تتعدى نتانتها إلى الإضرار بالغير، جراء تلكم الروائح الكريهة المنتنة التي تنشرها... فعفوا

رجائي من كل مسلم جزائري غيور أن يعتز بانتمائه دون تعصب ولا عصبية، وأن يعمل على نشر المعرفة، والتعارف والاعتراف بين أفراد الدين والوطن والتاريخ الواحد.

عفوا...فقد احترق و ُخّرب وُدمّر كل شيء لكن يبقى الإنسان ذلك الجوهر الغالي والنّفيس وتبقى الأخلاق والقيم لشعب لازال يقاوم ليعيش ولتعيش قيمه ..فعفوا

عفوا ... إن نحن أضعنا مفاتيحك وسط السخام فقد عانيت يوما ما لتسلّمينا إياها حتى بنينا بها حضارة، وهكذا سنفعل فلا تشككي ذرة في وعد الله فيك.. لأنّنا بإذنه سنفعل ..فعفوا؟