لا أعرف ما الذي دفعني لأن اكتب لكِ رسالة، ولكنني شعرت اليوم فجأة أننا عِشرة طويلة جدا، فانت رفيقتي منذ كنت في الحادية عشرة من عمري، لا تفارقينني أبدًا إلا عند النوم .. أشعر كأنك صرت جزءًا من تكويني وشخصيتي... في طفولتي كانوا يشيرون إلي بك (البنت اللي لابسة نضارة) أو (البنت أم نضارة)... لا أخفيك سرا كنت أستفز جدا من ذلك، حتى في مراهقتي حين كان الفتيان العابثون يعاكسونني في الطريق كنتِ أول ما يلفتهم فيعلقون عليه: يا دكتورة!... انت جميلة لولا هذه النظارة!.. أيضا كنت أستفز جدا من هذه التعليقات.. ثم كبرت وانتهت كل هذه السخافات.. لنا معًا مواقف وحكايات... هل تذكرين يوم انكسرت ليلة امتحاني بأحد سنوات الجامعة، يومها نزلت أمي مسرعة لتشتري لي نظارة أخري تنقذ بها الموقف، وذهبت إلى الامتحان بنظارة غير أنيقة ولكنها المتاحة لإنقاذ الموقف...لم تكن هذه المرة الوحيدة التي انكسرت فيها؛ فأزمات انكسارك لم تنته على مدى رحلتنا معًا وأغلبها كان بسبب اهمالي للحق؛ فقد اعتدت أن أتركك في أي مكان ليدوسك أحدهم مرة، أو يجلس عليك أحدهم أخرى... ربما آن الأوان لأعتذر لك عن ذلك, ولكن اعفني من الوعد بعدم تكراره فعدم الاكتراث أحد سماتي الأصيلة يا عزيزتي.. ولكن عليك أن تذكري لي أن لم أهمل تنظيفك وتلميع زجاجك أبدًا مثلما يفعل الآخرون, فأنت دائمًا لامعة وجميلة، حتى وأنا أستمتع بالبحر أقوم بمسح رذاذ الماء عنك كل خمس دقائق.. حاولت التخلي عنك أثناء رحلتنا معًا, مرة حين جربت العدسات اللاصقة فلم أحبها وعدت إليك، ومرة حين قررت إجراء عملية تصحيح الإبصار, ثم جبنت وانتصرتِ.. غيرت شكلك ونوعك مرات لا أستطيع عدها.. يبدو أنك قدري الذي صاحبني كارهة له أحيانًا وراضية به أحيانًا, ولكننا معًا.. تعرفين!... أحيانًا أنظر إلى نفسي في المرآة مرة بك ومرة بدونك.. أجدني بك أجمل يا صديقتي.