التساؤل مفيد فقط اذا تبعه تعب في البحث والتحقيق لكن التساؤل دون بحث يعني ياتي احد ويقول انا سالت وهذا جهدي اريد الاجابة فعليه ان يتقبل الاجابة مهما كانت غير مقنعة لان المجيب له حق ان يقول وانا اجبت وهذا جهدي.

بدل ذلك انصح الناس والشباب هنا (والحانقين على الدخول لمدرسي والذين هم تحت اباء سيئين لذلك هم يلحدون او تحت حكومات ظالمة او لاي سبب اخر) ان يتعبوا في البحث قبل ان يطرحوا اسئلتهم

فمثلا في قضية علم الله الموضوع كبير. وانصح قبل ان يجيب احد ان يبحث اولا عن تعريف العلم وانواعه فمن ثم لما يضع احد في اجابته العلم حضوري ام حصولي يمكن مناقشة الامور اما السائل الذي لا يعرف الفرق بين العلم الحضوري والحصولي فلا يمكنه فهم الاجابة ان وجدت.

من الغباء ان تقول ان نيوتن غبي لانه لا يفسر فيزياء الكم او ان النسبية نظرية خاطئة لانها لا تفسر الجزئيات الصغيرة او ان الكيمياء قدمت للفيزياء الكثير دون مقابل او ان الرياضيات هي التي مهدت الطريق للفيزياء في حين ان هذه الاخيرة تحتقرها.

على العموم موضوعنا هنا هو لماذا يريد الله ان يختبرنا؟

بشكل عام لا بد لك يا عزيزي الا تفكر بالله كثيرا اكثر من نفسك.. ان اردت البحث عنه فلا بد ان تعرف نفسك اولا فمن عرف نفسه عرف ربه وكما يقول الرومي

لطالما بحثت عنه

تلمسته على صليب المسيح ..لكنه لم يكن هناك

سافرت إلى معابد الهند وجبال الثلوج المقدسة ..لكنه لم يكن هناك

بحثت في كل وادٍ ..وقفر ..لكنه ما كان هناك !

ولّـيت شطر الكعبة ..أتلمس منه أثرا ..لكنه لم يكن هناك

لازمت أهل العلم والفلسفة أسألهم عنه ..لكنه كان أسمى من كل حروفهم ..ومعانيهم

وحينما أطرقت ..ونظرت ملياً في قلبي

عرفت انه لم يكن.. سوى هنــاهنا بقلبي .. حيث أقام !

من هنا ان اصررت على معرفة ما (في نفس الله) كما يعبر القران في حوار بين الله والسيد المسيح فابشرك ان هذا غير ممكن.

لكن عموما يمكن عقلنة الموضوع مع العلم ان هذا لن يفيدك في شيء.

  • الله له ارادة
  • الله فعال لما يريد
  • اراد خلق العالم
  • رسخ قاعدة ان الظلم محرم على نفسه
  • الظلم هو التدخل في الارادة الحرة للانسان
  • لا يمكن خلق علم يجمع بين عدم ظلم الاله وانسان لا يفعل الا الخير دون ارادة حرة
  • الله يريد خلق العالم قطعا
  • خلق الله العالم مع ارادة حرة للانسان
  • الارادة الحرة للانسان انشات الشر. الانسان مسؤول عن شروره.

هذا كله مقدمات لماذا يريد الله ان يختبرنا والجواب هو لا يفعل ذلك.

وسنفصل الموضوع هنا

كلنا يدرك ان المعرفة البشرية اما ان تكون عقلية الاصل او تجريبية. وهناك الخصام المعروف بين ديكارت وهيوم في الموضوع لكن هيوم في عصرنا انتصر بلا شك ودعمه كانط ذو العقل الجبار فالواقع الان ان التجربة اصل كل معرفة لكن كانط يضيف حيثية الا نها لا تاتي خاما قط كما هي في الواقع بل تقولب مباشرة حسب ذهن البشري وذلك عبر المقولات واهمها المكان والزمان.

اما ان اردت ان تؤيد المستر ديكارت واخوانه وتقول ان العقل اصل كل شيء فلا بد ان تكون عبقريا وتواجه حجج هيوم واخوانه وكانط القوية والصلبة جدا (وقد يستغرقك ذلك خمس سنوات من التفرغ التام للتفكير) وهذا ليس مزاحا كانط كمثال كان متفرغا للتفكير في هذه القضايا وليست هواية له.

اختصارا (لا يمكن تعقل العالم ومعرفته الا من خلال التجربة)

والتجربة هي بالذات البلاء والامتحان حسب درجاته فشم عطر واكل ايس كريم وتمتع بضوء الشمس في حديقة يماثل منطقيا التعذب تحت حرارة الشمس او البرد القارس او السقوط من درج.. العالم موضوعي تماما ومن ناحية المنطق كلها تجارب. هناك طبعا تجارب قاسية مؤلمة واخرى سارة وسعيدة لكن هذا غير مهم السوء والحسن كما يقول البعض امر عقلي اما العالم موضوعي تماما ولا دخل له بالسمات التي تلصقها على الاحداث.

التجربة هي الفتنة وهي البلاء والاختبار وهدفها هو تعريف الانسان على الامور ..لا يوجد تجربة لا يوجد تعقل للعالم لا يوجد تعقل للعالم لا يوجد حديث عنه اصلا

فبغرض ان يتعقل الانسان العالم لا بد من التجربة ودليل ان التجربة هي بذاتها الابتلاء صلاة المسيحيين التي تقول

وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ، لَكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ، لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ. آمِين

لكن من الواضح انه من المستحيل ان تخلق عالما لا يمكن سبره وتعقله الا من خلال التجربة وفي نفس الوقت تخلق انسانا يعرف دون تجربة.

اذن لكون الانسان لا يمكنه المضي في حياته الا بتعقل العالم

ولكون تعقل العالم لا يتم الا بالتجربة

من هنا كانت التجربة ضرورية لتعقل العالم

اما الله عز وجل فما اراده هو خلق العالم وقد خلقه ولن يستشير احد بالطبع لانه ان فعل ذلك لم يكن حرا في ارادته وبخلقه لعالم كما هو قرر شيئين ان لا يظلم وبالتالي كانت ارادة الانسان حرة ومن حرية الارادة خرج الخير والشر. وقول ان الله كان يمكن ان يمنع الشر المترتب عن خطوة جعل ارادة الانسان حرة لكنه لم يفعل صحيح لكنه ان فعل كانت الخطوة الثانية متحكما في قراره الاول وكان قراره غير حرا فكما انه قال افعلوا ما شئتم ومع انه مطلع على نفسك فلم يقتل الملحدين بالاحتراق الذاتي مثلا لذلك لا بد ان تحترم ارادته الحرة في خلق العالم وعدم التدخل في ارادة الانسان الحرة التي قد تفعل الشر في الكثير من الاحيان.


@Fekr