انت الان شخص مصاب بمصيبة ايا تكن، الضغط النفسي جعلك تختل وبدأت تبحث عن شيء لتلومه، اول واوضح شيء هو ذو القدرة الكبيرة الذي لن ينقص من ملكه ان يرزقك من ما عنده ولن يتعبه ان يشفيك من مرضك ولن ياخذ من وقته ان يخرجك من محنتك.

ما هذه الخطيئة الكبيرة التي فعلتها لتستحق كل هذا؟ لو كان لا يبالي بك لكان افضل .. ولكنه في الحقيقة جاء العذاب منه هو اصلا!

بعد مدة تبدأ تخرج من الموضوعية تماما وتسيطر عليك بشريتك الناقصة وتصبح منحازا في الاحكام على الله .. منحازا في الاقول الجدلية حوله ويعجبك اي يكن مايدينه وتشعر صح صح! ياله من اله سادي هذا الذي يريد بشدة ان يعذبنا في الدنيا والاخرة.

ليس هذا سبب الالحاد الرئيسي طبعا .. ولكن نظرة الكثيرين للامر انه حتى لو كان الاله موجودا فهو مجرد وحش يحب الاذية والشر ولايستحق ان اعبده او انصاع له فضلا عن ان احبه واتقرب له ويفضلون حين التفكير بفرضية وجود اله ان يضعوا نفسهم موضع المتمردين الذين يقفون مع الحق وحقوقهم حتى لو اضطروا لمواجهة القوى العظمى في الكون! -بغض النظر عن كون هذا فكرة مضحكة وحدها، اشبه بطفل زعلان على الكبار ويحاول ان يجعلهم يندموا على كونهم زعلوه من البداية-.

لذلك هذا الامر عامل نفسي قوي في الميل نحو الاستسلام والتخلي عن الاله الذي بنظرك لم يتخلى عنك فقط بل هو من وضعك في هذا.

من السهل جدا على المسلم او معتنق اي ديانه حتى ان يقع في هذا ايضا .. تخرج منهم كلمات عند المصائب مثلا والمحن وقد ينسون لاحقا او يستغفرون عنها ويسألون الله برحمته ان لايؤاخذهم بها وبضعفهم مجرد لحظة ضعف عاطفية انسانية يعني!

ولكن .. الفكرة الجدلية التي ذكرتها في الاعلى بغض النظر عن حقيقة وجود اله او لا الكثيرون يكرهون بالفعل الاله ايا يكن الذي سيكون اله هذا الكون كله قبل ان تثبت لهم حتى وجوده من عدمه .

وهذا ما يثير استغرابي!

أعني بالتحديد تفضيل فكرة المعاناة لأجل لاشيء ! على المعاناة التي لن تذهب هباء منثورا؟ وان تفضل العذاب الابدي لاجل الوقوف مع مبدأك الذي هو حقك وحنقك وغضبك وحزنك على نفسك .

انهم يرفسون تماما كل احتمال للتعويض عنهم او مراضاتهم، وكل فكرة تقول بان هذا كله سينقلب في صالحهم، ولكنهم لا يرون بأسا في أن الحياة كلها بلا معنى.. وان عذاباتهم كلها لاتعني شيئا البته لاي شيء في الكون.

بعد ذلك .. لماذا استمر في الشقاء؟ واكمل في البلاء للنهاية؟ لماذا انا ارضى على نفسي كل هذا العذاب لاجل لاشيء؟ ثم اذا فكرت في احتمال وجود الله كشرت وقلت اوه هذاك الذي لايعبء بتعبنا وعذابنا، ليس هناك مفهوم بلاء البته بل انه مرفوض تماما حتى لو كان ماسينالهم منه امر ينسيهم كل مامروا به!

يوَدُّ أهلُ العافيةِ يومَ القيامةِ حين يُعطَى أهلُ البلاءِ الثَّوابَ لو أنَّ جلودَهم كانت قُرِضتْ بالمقاريضِ