مقدمة قبل الطرح:

ليس لدي من النقاط الإيجابية ما يكفي لمثل هذا الموضوع، علمت أنه عندما تصل نقاطي السلبية إلى رقم معيّن لا أعرفة، قد يلغى أو يحضر حسابي. بالمقابل، ليس لدي مانع في ذلك، وأنا أؤيّد قوانين المجتمع في حسوب I/O ولست ضدّها حتى لو تم حظر حسابي.

إذا لم يعجبك الطرح، أو يخالف ثقافتك وخلفيّتك الدينية، أفضّل أنك تقيمني سلباً بعدّة حسابات على أن تضيف تعليق تملأه العصبية والاتهامات أو تعيش دور المدّقق اللغوي. قيّم سلباً كما تحب، ففي هذا الموضوع أنا أطرح فكر، لك أن تناقشه بعلم واحترام، أو الامتناع عن المناقشة. أنا هنا لست عدوّاً لك، ولست أطارحك لغوياً.

الموضوع

لم يبتكر ماقاله الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حينما قال:

(أجمعت آراء السلف من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير وابن القيم الذين أجمعوا على ثبوت الأرض ).من هنا: إنَّ القول بأن الشمس ثابتة وأن الأرض دائرة هو قولٌ شنيعٌ ومنكر ، ومن قال بدوران الأرض وعدم جريان الشمس فقد كفر وضل ، ويجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافراً مرتداً ، ويكون ماله فيئاً لبيت مال المسلمين".

لم يختلف إسلام ابن باز عن إسلام إبن تيمية ومن قبله، ولم يختلف هذا الفكر عن فكر الكنيسة القديم ايضاً. فحينما يتعارض العلم مع الدين، يَهْدمون المتدينون العلم ليبقى الدين.

المثال الذي ذكرته سلفاً، هو من أبسطها، فقد حرّم أبن تيمية علم الكيمياء جملة وتفصيلا، وبذلك كفّر العالم جابر بن حيّان. ولم تقف معارضة الدين للعلم في ذلك الزمن، بل هي قائمة حتى الآن. فمثلاً حينما بدأت نظرية التطور. أنكروها رجال الدين النصارى والآن ينكرونها المسلمون.

ففي بداية إي إكتشاف يتعارض مع الدين، تكون تصريحات رجال الدين على مرحلتين كالتالي:

المرحلة الأولى:

الإنكار ودعوات القتل المبنية على التكفير، حتى تختفي وتندثر ولا يفكر فيها احد مستقبلاً.

المرحلة الثانية:

لأن الأولى دائما تنتهي بالفشل. ينقسم رجال الدين الى قسمين. القسم الأول، يضيف تلك النظرية العلمية أو الاكتشاف العلمية الى قائمة خطط المؤامرة. القسم الثاني يحاول أن يقرّب الدين إلى أن يصل لمرحلة يتقبّل بها النظرية الجديدة. وبعض رجال الدين من القسم الآخر يبالغ ويقول أن الدين أشار الى هذه النظرية قبل هؤلاء العلماء.

الآن أنت تسمِّها الكرة الأرضية وتشاهدها ببث مباشر كورية أو بيضاوية. وتشاهدها تدور حول الشمس مع كواكب أخرى. لكن مع ذلك هناك رجال دين يقولون العكس، وجميعنا شاهدنا فيديو الشيخ السعودي [1] الذي يحاول اثبات ثبات الأرض بنظرية علمية بستخدام قنينة ماء [2] والشاب الآخر الذي يبدوا منطقياً أكثر من الشيخ.

بينما تجد رجال دين آخرين، يقولون أن القرأن أوحى أن الأرض كروية منذ ١٤٠٠ سنة. وباقي التعبيرات على أن الأرض مسطحة هي تعبيرات مجازية.

أنا لا أتحدث هنا عن الدوغمائيون [3]، أنا أتحدث عن هؤلاء الذين يدعون أن الدين لا يتعارض مع العلم واللذين يدعون الدين هو الحقيقة المطلقة باثبات علمي.

يفيد العلم أن الكون يتوسّع ولم يُخلق في ستة أيام، أصلاً كيف كانت تعد الأيام في حين لم تكن شمساً ولا دوراناً؟

عندما تؤمن، بمعلومة من دينك، مثلا أستخلصتها من القرأن أو الكتاب المقدس. ثم أكشتفت مؤخراً أن تلك المعلومة خطأ مثبت مئة بالمئة. ووجدت آخرون يفسرون ذلك أنه تعبيراً مجازياً. مثل قصة ذي القرنين في القرأن عندما ذهب الى العين التي تغرب فيها الشمس [4]. ألا يجعل ذلك محلاً للشك أن كل المعلومات العلمية في كتابك المقدس أو دينك تعبيراً مجازياً؟ غير مؤهلة للثقة، وقابلة للشك؟

نظرية التطور هي أكثر نظرية أحدثت فوضى وإنزعاج من قبل رجال الدين، حسب وجهة نظري هي تعارض الدين فعلياً. ولازالوا رجال الدين يحاربون العلماء منذ التاريخ، كون لدينا تجارب كثيرة إسلامية ونصرانية وغيرها من محاربة رجال الدين للعلماء، وفي الأخير يكونون العلماء على حق ويأتون رجال دين جدد يتأقلمون مع النظريات الجديدة. في نظري غداً سوف تُشرح نظرية التطور في كتب عُلوم الدول الإسلامية ويسوف يتم صَبغها بطابع إسلامي مذيّلٌ بالآية (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا).

أحدهم أعطاني مقطع لذاكر او زاكر نايك يتحدث به عن نظرية التطوّر ويباهي بكونه دكتور. يقول نايك أن هي نظرية ليست حقيقة علمية وليس هناك أحداً من العلماء يؤمن بها الا القليل وليس لها أدلة اطلاقاً مما يجعلها فرضية وليست حقيقة. رد عليه السائل يقول، حسناً الجاذبية ايضاً نظرية! كيف تكون النظرية بلا أدلة؟ فقال نايك بغضب أنت جاهل والجاذبية قانون ليس نظرية.

عَجبت كيف يكون دارس تخصص طبّي ويسمّى عالم، فعلياً لايعرف الفرق بين الفرضية، والنظرية والقانون. ماقاله نايك، في الرد على السائل، كان ارتجالياً بعضه وبعضه قاله في مؤتمرات سابقة وصفق له الجمهور كثيراً. لا أحاول هنا أن أقلل من قدر الدكتور نايك. ولكن لا أظنه أفلح في إطلاق عبارات الجهل بغضب على طالب علم فيما كان هو يتفوّه بالكلام المخالف للعلم.

هل إعادة قراءة الدين هي الحل ليتوافق الدين مع العلم؟

شخصياً لا أرى ذلك. كان جواب البروفسور نيل تايسون في هذا الشأن مقنعاً [5]. فالنسبة لا أفضل أن أعبد إله الفجوات.

بالنسبة لك، حينما يؤكد العلم ما يتعارض تماماً مع دينك، ماذا تفعل؟

  • تتجاهل؟

  • تبدل إيمانك؟

  • تحاول إعادة تفسير الدين بما يتناسب مع العلم؟

  • تنكر العلم (ما تستطيع أثباته) كله لصالح الدين (مالا تستطيع اثباته)؟

أو الخيار الأكثر انتشاراً

  • تحارب العلماء وطلبة العلم وتتمنى لهم الموت إن لم تحاول قتلهم؟

[1] رجل دين - يحاول اثبات دوران الشمس حول الأرض، ودحض حقيقة دوران الارض حول محورها

[2] شاب يحاول اثبات المؤامرات ضد الاسلام في قول ناسا أن الارض كروية

[3] مصطلح دوغمائية

https://ar.wikipedia.org/wi...

[4] سورة الكهف 86

حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا.

[5] بروفسور نيل تايسون: مصالحة الإيمان مع العقل