"جميع الأعمال الفنية والأدبية والعلمية والمراجع المذكورة في هذه الرواية حقيقية" الاستهلال الذي جعل من "دان براون" روائي العصر الذي جاب الحاضر الماضي، فتارة يحكي أخر ما توصل له العلم من نظريات وأبحاث علمية دقيقة بلسان أحد أبطال الرواية بطريقة تضع القارئ في حيرة بين التصديق والتكذيب. وتارة يغوص عميقاً في تاريخ الحضارات وتفاصيلها ليربط التاريخ بالحاضر.

ففي روايته "الرمز المفقود" التي احتاجت حسب وصفه سنة ونصف لإتمامها أسهب الشرح في فيزياء الكم والطاقة، فأثار الجدل حتى بين المختصين لشرحه العديد من الأبحاث التي أثبتت أن (للفكرة طاقة)، وكيف أن اشتراك مجموعة من الأفراد في فكرة معينة وإيمانهم بها يعزز منها ويزيد من قوتها وانتشارها، واستفاض بوصفه التلفاز والإعلام الذراع الأيمن للفوضى ووسيلة لقيادة الشعوب وترسخ الأفكار واستعبادهم اقتصادياً وعلمياً واجتماعياً فكل تغير وتحويل في المعتقدات يبدأ بواسطة الإعلام فتبنى شعوب وتندثر أخرى.

بقيت هذه الفكرة عالقة في ذهني مع عدم تصديقي الكامل لها حتى قرأت كتاب "ترانسيرفينج الواقع" للعالم الروسي "فاديم زيلاند" المختص في فيزياء الكم، والذي كُتب اسمه ضمن قائمة الأكثر تأثيراً في العالم، حيث تكلم في كتابه عن فضاء الاحتمالات وتأثير الأفكار وقوتها وبأن تفكير مجتمع ما بشكل متشائم وتركيزه على السلبيات التي يعيش فيها يكَون طاقة ضخمة جداً تجذب كل التفاصيل التي تزيد من سوء الحياة ضمن هذا المجتمع والعكس صحيح فوصف الولايات المتحدة الأمريكية بأنها أرض الفرص بعيون المستثمرين مما ساهم بجعلها الدولة الأقوى اقتصادياً واحتكارها لأكبر تجمع شركات رقمية في العالم.

لو أردنا الاستفاضة لما انتهينا حيث تبقى فكرة "طاقة الكلمة والفكر" محط جدل كبير بين مؤمن وكاره، ورغم وجود عدد كبير من مدربي الطاقة والكارما والتنمية الذاتية إلا أن العديد من الأشخاص يرى فيها مصدر للدخل والربح الكبير وبيع كلامِ لا يرقى لمستوى تصنيفها علم من العلوم، فهي مجرد ندوات لشحذ الهمم ومصدر حماس لحظي ينتهي بانتهاء المتحدث، أما الفريق الثاني فيبالغ بوصفها أم العلوم فكلما تعمقنا في الداخل كلما تجلت الفرص والنجاحات في الخارج على مستوى الفرد والمجتمع.

أتمنى أن نتشارك في الأفكار والآراء، فقد ذكرت رؤوس أقلام لا أكثر فهدفي الإفادة لا الإطالة.