هل شعرت من قبل أنك تشم الضوضاء وتتذوق الأشكال، أو أنك تسمع الألوان وترى الأصوات؟ هذا هو الحس المترافق Synesthesia.
قد يبدو الأمر غريبًا في بدايته، فالحس المترافق ليس مرضًا ولا اضطرابًا عقليًا، ولكنه ظاهرة يحدث فيها خلل في الإدراك مما يؤدي إلى تداخل الحواس مع بعضها، فتحفيز حاسة ما ينتقل تلقائيًا لحاسة أخرى. وبناءً على ذلك تتداخل الحواس فيرى الشخص لونًا معينًا حينما يسمع صوت أحدهم، أو يشم رائحة مميزة حينما ينظر إلى شكل ما.
ومن هنا جاء الحس المرافق، وهي ظاهرة تصيب 4% من الأشخاص حول العالم، ويعتقد العلماء أنها صفة موروثة مؤثرة على مناطق محددة في الدماغ. هذه المتلازمة مزمنة ولاختلاف الحواس وتداخلها معًا تم استنتاج حوالي 100 نوع من أنواع الحس المرافق.
بالرغم من ندرة المتلازمة ولكني أعتقد أن معظمنا مر بتجربة مشابهة في حياته، فعلى سبيل المثال حينما كنت في المرحلة الابتدائية كنت أسمع إذاعة القرآن الكريم بمجرد رؤيتي لشعاع الشمس يقتحم الغرفة، في إشارة لبدء اليوم. ارتبط الأمر بين الشمس والإذاعة نتيجة الروتين اليومي المتكرر، لدرجة شعوري بالإذاعة بالرغْم من عدم تشغيلها بعد.
ربما تشعر وكأنك ترى لونًا ما بمجرد سماع صوت أحدهم، وكأن هذا اللون ارتبط بهذا الشخص.
وأصحاب متلازمة الحس المرافق يشعرون بمذاق ما بعد شم رائحة ما أو رؤية شكل ما. أو يشعرون بملمس محدد عند رؤيتهم لأمر ما، أو سماعهم كلمة ما عند تذوق نوع معين من الطعام. وهو ما يسبب إزعاجًا وتوترًا للشخص وبالأخص في مواقف يحتاج فيها إلى التركيز على حاسة معينة، ولكنه يشعره وكأنه يمتلك الحاسة السادسة في مواقف أخرى.
وقد أُجريت بعض الدراسات عن هذه المتلازمة ليجدوا أن بعض هؤلاء الأشخاص يؤدون بصورة أفضل من أي إنسان طبيعي في اختبارات الذاكرة وقياس نسبة الذكاء والحس الفني.
وهو ما يأخذني لموقف مررت به، إذ كانت إحدى زميلاتي تضع رائحة معينة عند دراستها للمادة أ، ورائحة أخرى عند دراستها للمادة ب، وحينما ترغب في المراجعة الرئيسية كانت تعطر الجو بالرائحة المعنية بالمادة وتبدأ في المذاكرة بدقة شديدة ورائعة. وهذا الأمر قد فعلته نتيجة نصيحة أحدى الأساتذة في الجامعة سواء باستخدام الألوان أو الروائح وغيرها، المهم أن نربط المادة بشيء ملموس لنتذكره عند الحاجة. فهل مررتم من قبل بتجربة مثل هذه بأن تربطوا الألوان بالأشكال والمذاق بالأصوات؟ وكيف برأيكم يمكن للمصاب بهذه المتلازمة استغلالها لصالحه؟
التعليقات