أنا من الأشخاص الذين يعانون من صعوبة في تعلم اللغات الأجنبية بغض النظر عن الإنجليزية، بسبب الظروف المحيطة التي أجبرتني على تعلمها منذ الصغر. حاولت أكثر من مرة تعلم الألمانية لكن الأمر باء بالفشل الزريع رغم تشابهها مع الإنجليزية، وحاولت أيضًا تعلم الفرنسية لكن لم ينجح هذا الأمر هو الآخر، كنت جيدًا في القواعد وحفظ الكلمات لكن عند التحدث بها، كأني طفل يتلعثم. الحقيقة العيب ليس في تلك اللغات، بل في أنا لأنني لم أصبر كثيرًا، وكنت أنتظر النتائج سريعًا، كيف تتخطون مشاكل تعلم لغة جديدة؟

انشغلت بدراستي وتركت ذلك الأمر حتى أخذنا في الكلية مناطق الوظائف الحيوية في مخ الإنسان، وكنت منبهر الحقيقة. المخ عبارة عن فصين، كل فص منه مقسم لأربعة أجزاء "Frontal, parietal, temporal, occipital"، كل جزء منهم له مهمته الخاصة لكن لن نتطرق لها الآن، ممكن أن نناقشها فيما بعد. 

المهم الآن هو جزء من ال Frontal lobe يسمى Broca’s area، وهو الجزء المسؤول عن القدرة على التحدث. حسنًا في النهاية، كيف تنتج لغتنا؟

تنتج لغتنا الطبيعية عن نظام من أنماط الصوت بلغتنا الأم التي نتعلمها دون وعي ونحن نكبر، نسمع البيئة المحيطة تتحدث العربية بلكنة معينة سنشب نتحدث العربية وبنفس اللكنة. يُعرف هذا بالنظام الصوتي. هذا التطور يحدث أغلبه على مدار فترة الطفولة، لذا غالبًا بعد فترة المراهقة يصعب التغيير فيه، وهذا هو السبب الذي يجعل تعلم لغة جديدة أمر صعب في سن متقدم.

لنتخيل سويًا أن نستيقظ من النوم نتحدث لغة لم نتعلمها من قبل!

نعم، الأمر حقيقي لكنه نادر جدًا. هذه الحالة تسمى متلازمة اللكنة الأجنبية "Foreign language syndrome"، هي حالة تحدث فقط بعد وقوع ضرر للمخ خصوصًا لجزء Broca’s area. مائة شخص فقط تم تشخيصهم بتلك المتلازمة منذ عام 1907م الذي تم معرفة فيه تلك المتلازمة لأول مرة.

على سبيل المثال حالة كانت تعاني من اضطراب في المخ بعد حادثة تحولت لغتها الأم من اللغة الإنجليزية إلى اللغة الويلزية. حالة أخرى تحولت من اليابانية إلى الصينية، وأخرى من الإنجليزية إلى الفرنسية، ولنقس على ذلك. أشعر أنني أريد أن أكون من ضمن تلك الحالات النادرة لكن بدون خسائر..

هذه المتلازمة غامضة جدًا المعروف عنها القليل، والسبب الأساسي في هذا التحول بعد الحوادث غير معروف، بعض وجهات النظر تتطرق إلى أنه عامل جيني، والبعض الآخر لا يحب أن يستبق الحكم على الحالة، لكن الاثنين اتفقا أنه لا يمكن تصحيح الحالة والرجوع إلى اللغة الأصلية، وأن أكثر الحالات يكون التغير فقط في اللهجة وليس تغير كامل في اللغة.

ما رأيكم في تلك الحالة؟ وما رد فعلكم إذا استيقظتم في يوم ووجدتم أنفسكم تتكلمون لغة غير لغتكم؟ لنتخيل ما هي اللغة!