الإيدز..! أعرف ما يخطر على بال أغلبنا عند سماعنا اسمه، سيشعر الكثير بالاشمئزاز والبعض الآخر لا يدرك لما وصفته بذاك الشعور. المعروف أن الإيدز ذو سمعة سيئة، فهو مرتبط دائمًا بالعلاقات المحرمة أو المخدرات، وجميعنا بالطبع يستنكر تلك الأفعال!

لكن هل هذا فقط ما يجب علينا معرفته؟ أم لكل قصة بداية حتى نستطيع الحكم على صاحبه؟

الحقيقة أن الإيدز هو آخر مرحلة من سلسلة تمتد لسنوات طويلة من عدوى فيروسية بسبب ال HIV "Human immunodeficiency virus" أو فيروس نقص المناعة البشرية. من اسمه، هذا الفيروس يهاجم الخلايا المناعية للجسم وخصوصًا خلايا تسمى T-Cell والتي تلعب دور في تنشيط كافة أذرع الجهاز المناعي لدينا، لذا هو فيروس يضرب المايسترو الذي ينظم خطوط دفاع أجسامنا ضد الأعداء. بالطبع الأمر قاتل، لأنه أي عدوى ممكن أن تودي بحياة هذا المريض، لأنه لا يوجد من يهاجمها.

ينتقل ال HIV عن طريق الدم، المني، إفرازات المهبل، إفرازات القناة الشرجية، ولبن الأم. أعتقد لمن لا يعرف سبب الاشمئزاز في أول المساهمة، عرف الآن. انتقال العدوى تحدث عند دخول الفيروس لمجرى الدم لشخص سلبي عن طريق أي من الوسائل التي ذكرناها، الطرق الجنسية، أو ممكن جرح مفتوح وصل له العدوى عن طريق الخطأ، أو تشارك الحقن بين شخص إيجابي وشخص سلبي. ولنركز على نقطة الوصول لمجرى الدم لأنها الجوهر.

بعض الثقافات المجتمعية تنفرنا من التعامل مع هذا المريض نهائيًا، حتى لا تنتقل لدينا العدوى، لكن في حقيقة الأمر طرق انتشار العدوى هي كما ذكرتها، غير ذلك فهو لن ينقل لنا العدوى، بمعنى أن الهواء لا ينقل العدوى، التصافح لا ينقل العدوى، الاحتضان، أي المرض لا ينتقل أو بمعنى أصح لا يستطيع اختراق جلد سليم صحي.

السؤال الآن، هل يمكن أن يتواجد حولنا مرضى HIV، لكن لا نعلم؟ 

الإجابة للأسف نعم، كما ذكرت المرض عبارة عن سلسلة تمتد لسنوات، وتنقسم هذه السلسلة إلى ثلاث مراحل: 

المرحلة الأولى (العدوى الحادة)، وهي المرحلة التي تشبه البرد العادي الذي يصيبنا من حمى، ورعشة، والتهاب الحلق، والإرهاق. إذن المرض لا نستطيع أن نفرقه عن غيره، وتلك هي المشكلة.

المرحلة الثانية (العدوى المزمنة)، مبدئيًا إذا لم يعرف هذا المريض منذ البداية أنه مريض HIV، فهذه المرحلة قد تمتد من 10-15 سنة. في هذه المرحلة، يتكاثر الفيروس في الجسم لكن بمستويات منخفضة، ولكن إذا كانت الحمل الفيروسي زائد فيمكن أن ينقل هذا المريض العدوى في هذه المرحلة بالطرق المذكورة.

المرحلة الثالثة والأخيرة (الإيدز -AIDS)، هي النهاية؛ لأن غالبًا ما يعيش المريض أكثر من 3 سنوات، أو ممكن سنة واحدة إذا تعرض لعدوى مصاحبة، فالجهاز المناعي يعتبر غير موجود الآن. أعراض هذه المرحلة أيضًا تتشابه مع أعراض الكثير من الأمراض. أعلم أن الأمر ليس له ملامح واضحة، إذن في النهاية كيف نعلم أن هناك عدوى بال HIV؟

الوسيلة الوحيدة هي التحليل! وإذا وجد الفيروس إذن هذا مريض HIV لكن ليس مريض إيدز، متى يصبح مريض إيدز؟ عندما يكون إيجابي ونسبة ال T Cell لديه أقل من 200خلية/مم مكعب، أو أنه يتعرض للكثير من الأمراض التي تصيب الأشخاص ذو المناعة المنخفضة أيًا كان نسبة الخلايا فالدم. 

لذا النصيحة الأبدية التي لا يقوم بها أغلبنا، لنقم بالفحوصات الدورية للجسم، وإجراء كافة التحاليل، لننقذ الأمر في بدايته قبل أن تتفاقم المشكلة.

السؤال الذي يدور بداخلي، هل من حقي أن أنبذ مريض الإيدز؟ فكرت كثيرًا لكن لا أجد الإجابة، خصوصًا أن مجالي الطبي حساس في هذه الأمور، وممكن أن أتلقى العدوى عن طريق الخطأ بسبب جرح من حقنة مثلًا. أم أتعامل مع المريض كأي مريض آخر بغض النظر عن خلفية العدوى؟ ما رأيكم هل من الصواب إدخال الأهواء الشخصية في إنقاذ حياة الناس أو حتى الحكم المجتمعي عليهم ونبذهم، أم أنهم مرضى لهم حقوق إنسانية واجتماعية علينا جميعًا؟

بالنسبة للعلاج، فلا علاج للإيدز مكتشف صريح حتى الآن، لكن انتظروا المساهمة القادمة..