ليس هناك شيء مستفز في هذه الحياة أكثر من التعميم، أن تستشهد بحالات واقعية تحدث حولك، لإصدار حكم عام وشامل على موقف معين، على سبيل المثال :

لو أن شخصًا ما فشل في وظيفة معينة، إما أن نحكم على الوظيفة أنها غبية ومصيرها الفشل، أو أن نحكم على هذا الشخص أنه فاشل طوال حياته، ولم ولن ينجح أبدًا في شيء، لماذا ؟

هل تعرف هذا الشخص ؟ هل عشت ظروفه ؟ ربما نجاحه في وظيفة أخرى غير هذه ؟ ربما هذه الوظيفة غير مناسبة له ؟

العيب هنا لا في الشخص ولا في الوظيفة، في طريقة تفكيرك أنت ..

عندما ترى حالات زواج فاشلة أمامك تقسم أن الزواج ككل فكرة غبية وفاشلة، لماذا ؟

لو فرضنا أن 90% من الزيجات التي قابلتها في حياتك فاشلة، لما لا تكون أنت الإستثناء وتنجح في زواجك ؟ لما لا تخوض تجربتك الخاصة بدون سابق حكم ؟

لو أني صادفت رجلًا غبيًا مثلًا، ثم تكررت التجربة وتعرفت إلى شخص آخر أغبي، هل هذا يعطيني الحق أن أحكم على الرجال بأن جميعهم أغبياء ؟

شيء غير منطقي بالمرة ..

لماذا التعميم بربكم ؟ لماذا نطلق الأحكام هكذا بمنتهى الصبيانية والعبث ؟ لماذا لا نفكر في ظروف الحالة نفسها ؟ لماذا لا نفهم أن لكل حالة ظروفها الخاصة ونتائجها الخاصة أيضًا ؟

لماذا لا نعي أن لكل إنسان على هذا الكوكب تجربته الخاصة في كل شيء ؟ ما حدث معك لن يحدث معي، وما حدث لي ليس بالضرورة أن يحدث لك .. هل هى فكرة صعبة إلى هذا الحد ؟ عصية على الفهم والإدراك ؟

بالنسبة لي أرى أن التعميم ما هو إلا حجة جاهزة، يتبناها الفاشلون لتبرير فشلهم مسبقًا ، أي أني لا أريد أن أدرس الهندسة مثلا لأن فلان وفلان درسوها وفشلوا، فحكمت على كل من يدرس الهندسة بأن مصيره الفشل في النهاية، لن ينجح أحد، في الحقيقة لا فاشل هنا غيري، خوفي من التجربة يجعلني أصدر أحكامًا تبدو منطقية، لأني استشهد هنا بحالات واقعية كثيرة من حولي، لكنها في باطنها غبية وساذجة إلى أبعد حد، لأن لكل إنسان على هذا الكوكب تجربته الخاصة !