أعلم أن الأعمار بيد الله وأنه لا يعلم الغيب إلا هو سبحانه، وقد أموت أنا قبل أن أنتهي من كتابة السطور التالية، فنسأل الله حسن الخاتمة.

لكن بصراحة أستغرب من بقاء هذه العجوز إلى الآن، صاحبة الوجه الأكثر شهرة في تاريخ البشرية والمعروف من أحراش غينيا الجديدة وجزر المحيط الهادي إلى أدغال إفريقيا! فقد تم طبع وجهها على مليارات الطوابع والعملات المعدنية بالإضافة إلى الصحف والمجلات وغيرها.

وهي بالمناسبة ليست فقط أطول حاكم في التاريخ البريطاني برمته، وإنما هي أطول الملوك حكماً في تاريخ أوروبا كلها بعد الملك الشمس.

في النصف الأول من القرن الماضي قامت الملكة بعمل جولة حول العالم، وفي تلك الأيام وزّعت بعض المدارس شيئاً له علاقة بها، ونال أحد الأشخاص في عائلة جدي نصيبه منها. في حياة هذا الشخص مات الكثير والكثير من البشر، ملوك ورؤساء وسياسيون ومواطنون عاديون، مات الملك عبد العزيز ثم مات الملك سعود ثم مات الملك فيصل وبعده خالد تلاه فهد ثم عبد الله، مات الملك فاروق ثم محمد نجيب ثم جمال عبد الناصر وبعد صوفي أبو طالب فالسادات، مات حافظ الأسد، مات ملك إمارة شرق الأردن عبد الله ثم ابنه طلال ثم مات الملك حسين، مات ياسر عرفات، مات الملك إدريس السنوسي ومات القذافي، مات الملك محمد الخامس ثم مات الملك الحسن الثاني، مات الإمام يحيى حميد الدين ثم ابنه الإمام أحمد فالسلال فالقاضي الإيراني فالحمدي فالغشمي ثم مات علي عبد الله صالح، مات الملك غازي ثم الأمير عبد الإله وفيصل وعبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف وأخوه ثم البكر ثم صدام حسين، مات السلطان سعيد بن تيمور البوسعيدي ومات الشيخ زايد آل نهيان ومات حكام الكويت آل الصباح من أحمد الجابر مروراً بعبد الله وصباح السالم وجابر الأحمد إلى سعد العبد الله، ومات حكام البحرين سلمان بن حمد وعيسى بن سلمان آل خليفة.

حتى قطر الدولة الصغيرة، مات أربعة من حكامها في حياة هذا الشخص، هذا فضلاً عن عشرة رؤساء لأمريكا بما فيهم روزفلت وترومان وآيزنهاور وجميع رؤساء الاتحاد السوفييتي!

بمعنى آخر، الغالبية العظمى من كبار السن اختفوا من الساحة السياسية في عهده، باستثناء الباجي السبسي وعبد العزيز بوتفليقة!