في مرحلة معينة من عملي الحر، كنت أتحمّل كل شيء بنفسي: التواصل، البحث، التنفيذ، المراجعة، وحتى التنسيق النهائي. وكنت أظن أن الاعتماد على شخص آخر سيقلل من جودة العمل أو يخلق مشاكل إضافية. لكن بمرور الوقت، شعرت بالإرهاق يتراكم، وتراجعت إنتاجيتي، بل بدأت أؤجل مشاريع بسبب الضغط. وقتها قررت تجربة التفويض الذكي. لم أفوّض المهام الأساسية التي تتعلّق بجودة العمل، بل ركّزت على المهام المتكررة والبسيطة: تنسيق الملفات، المتابعة مع العملاء، أو تفريغ محتوى بسيط. استعنت بمساعد افتراضي، وبدأت ألاحظ الفرق. النتائج كانت واضحة: الوقت أصبح أكثر مرونة، تركيزي الذهني تحسن بشكل ملحوظ، والجودة تحسّنت لأنني أصبحت أركّز على ما أُجيده فعلًا. التفويض لم يكن تخليًا عن المسؤولية، بل وسيلة لتحسين أدائي وتقليل الضغط دون أن أتخلّى عن السيطرة. هل جرّبتم من قبل تفويض بعض المهام في عملكم الحر؟
لم يكن من السهل أن أُفوّض جزءًا من عملي.. لكن "التفويض الذكي" أنقذني من الإنهاك
صراحة لا أحب فكرة التفويض كثيرًا، أشعر أنني أفقد جزءًا من السيطرة أو أن العمل لن يُنجز بالطريقة التي أريدها تمامًا، خصوصًا في التفاصيل الصغيرة اللي تفرق معي، أعلم أن التفويض قد يكون مفيدًا ويريح الأعصاب، لكني من النوع اللي يحب يتابع كل شيء بنفسه، وأرتاح لما أعرف أن كل جزء تم كما تخيلته، ربما أجربه يومًا ما، لكن حتى الآن قلبي لا يطاوعني أن أترك ملفًا أو مهمة في يد غيري بسهولة.
أتفهم تمامًا إحساسك، لأنني كنت أفكر بالطريقة نفسها. فكرة أن شخص آخر يتولّى جزء من عملي كانت تُقلقني، خصوصًا في التفاصيل الصغيرة التي تُحدث الفارق فعلًا. لكن ما ساعدني هو أنني لم أُفوّض المهام التي تحتاج إلى لمسة شخصية، بل اقتصرت فقط على الجوانب البسيطة التي لا تؤثر على جودة العمل نفسها.
وفي الحقيقة، لا أعتمد التفويض كخيار دائم، بل أرجع إليه فقط عندما أشعر أن الضغط بدأ يؤثر على تركيزي وإنتاجيتي. بهذا الشكل، أحتفظ بالتحكم الكامل في العمل، وأتجنب الإرهاق في الوقت نفسه.
أفهم تمامًا فكرة التفويض وأدرك أهميته عند البعض لكن بالنسبة لي لا أستطيع تطبيقه لأنني بطبيعتي أحب الاطلاع على كل تفاصيل العمل بنفسي أشعر أن كل جزء حتى وإن بدا بسيطًا يعبّر عني وعن أسلوبي لذلك يصعب عليّ تسليم أي مهمة حتى لو كانت صغيرة ربما هذا يستهلك وقتًا وجهدًا أكبر لكن يمنحني راحة نفسية وثقة أكبر في النتيجة النهائية أعتقد أن الأمر يختلف من شخص لآخر حسب طبيعة الشخصية ونوعية العمل
أتفق معك تمامًا في أن التفاصيل تُعبّر عن هوية الشخص في عمله، وأنا أيضًا لدي هذا الميل للاهتمام بكل جزء مهما كان بسيط. ولهذا السبب، لم يكن التفويض بالنسبة لي تخليًا عن هذه التفاصيل، بل محاولة لتفريغ مساحة ذهنية أكبر للمهام التي فعلاً تحتاج إلى لمستي الخاصة. ما فوّضته لم يكن من صميم العمل، بل أمور متكررة وروتينية، مثل تنسيق ملف أو إرسال متابعة، حتى أتمكن من الحفاظ على مستوى الجودة الذي أريده في الجوانب الإبداعية أو الدقيقة. في النهاية، أظن أن التفويض الناجح لا يتعارض مع الشخصية الدقيقة، بل يمكن أن يُصمم بما يتناسب معها تمامًا، دون أن يُفقد العمل هويته.
بالفعل أنا أقوم بذلك من خلال 3 من المساعدين بالحقيقة، مساعدين بشريين ومساعد أفتراضي من خلال الأتمتة لبعض المهام الأفتراضية ، لأن بالحقيقة لست سوبرمان لا أملك أن أعمل في أكثر من مهمة في العمل الحر بالإضافة لمشروعي الشخصي ، وبنهاية الأمر لا أجد وقت حتى لقضاء حياة طبيعية مثل الجميع ، المساعد الأفتراضي كان يؤدي دور مقارب جداً لما قمتي به ، المساعدين البشريين ، أقوم بإسناد لهم بعض المهام متوسطة الصعوبة بصناعة المحتوى أو جزء من بعض المهام بعملي ، وبالطبع مقابل أجر وخبرة أمررها لهم بالعمل الحر ، وبالطبع كل هذا تحت أشرافي فلا شيء أقوم بتسليمه من المشاريع إلا بأعلى جودة ممكنة.
وبالطبع كل هذا تحت أشرافي فلا شيء أقوم بتسليمه من المشاريع إلا بأعلى جودة ممكنة.
صحيح فالتفويض الذكي، سواء كان بمساعدين بشريين أو افتراضيين، يحتاج إلى إشراف ومتابعة لضمان الجودة. وأنا أؤمن أن التفويض ليس تخليًا عن المسؤولية، بل هو توزيع ذكي للمهام يسمح لنا بالتركيز على ما نبرع فيه فعلاً، وفي نفس الوقت يفتح فرصًا لتطوير مهارات الآخرين عبر العمل المشترك. وكما ذكرت، تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية أمر لا غنى عنه، ويُسهم التفويض في تحقيقه بشكل كبير.
أحاول فعل ذلك أيضا يا صديقي، لكن يراودني دوما سؤال يربكني، ألا يعد ذلك نقضا للاتفاق مع العميل؟
فالعميل قد تواصل معي لأنه يريدني أن أقوم أنا بالمهمة كاملة بنظرتي الخاصة، حينما أسندها إلا شخص آخر دون علمه ولو حتى جزئيا، ألا تعتقد أن ذلك حطأ؟
دعني أحكي من خلال تجربة شخصية ، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي نجحت في جذب عميل مهم أعمل معه حالياً ما يقارب من عام ، هذا يعني أن بيننا ثقة ، بل وأستطعت تقديم فريق العمل التابع لي ضمن أعضاء فعالين في المشروع بشكل تدريجي حتى أنه قام بتقديم مكافأة مالية خاصة لواحد من فريق العمل لدي ... هذا يعني أنني نجحت في مهمتي أليس كذلك ، ولكن هناك نقطة مهمة أحب أن أركز عليها بالإجابة يا أحمد وهي تلك النقطة :
فالعميل قد تواصل معي لأنه يريدني أن أقوم أنا بالمهمة كاملة بنظرتي الخاصة، حينما أسندها إلا شخص آخر دون علمه ولو حتى جزئيا، ألا تعتقد أن ذلك حطأ؟
هناك سؤال دوماً أسأله لنفسي .. قبل أن أقوم بتسليم أي مشروع لأي عميل .. هل ما أقدمه هو أفضل شكل ممكن من المشروع .. هل هذا يعادل مستواي ، أي مشروع نعمل عليه يتفاوت فيه المهام هناك مهام بسيطة .. وهناك مهام متوسطة الصعوبة .. وهناك مهام إبداعية ومعقدة (تلك التي يدفع لي العميل خصيصاً من أجل الحصول عليها وهي التي يتميز بها عملي أنا بالتحديد) وهي التي يجب أن أقوم بها بنفسي لأن بها كل مهارتي وخبراتي ولا يمكن لأحد غيري القيام بها ، لذا أنا أقوم بتلك المهام في حين أشرف على باقي المهام التي ينجزها فريق العمل (أنا لا أتركهم) أنا فقط أفوض لهم المهمة ، وأكتفي بالمتابعة الذكية، مع الوقت يكتسب أعضاء الفريق الخبرة وتزداد قدراتهم ويتعلموا فيصبحوا مؤهلين لتنفيذ مهام أكثر تعقيداً مع الوقت لينتهي الأمر بالنهاية لما أشرت له .. أقدم فريق العمل لصاحب المشروع بفخر ، حتى أنه يقوم بتعيين أفراد أكثر للعمل تحت قيادتي .. فهناك منهجية في العمل من حيث الإدارة والوقت والجودة.
التفويض بشكل عام شئ ممتاز ونتائجه كبيرة وأرى هذا فى الشركة التى أعمل بها ماشاء الله إنجازات عظيمة ماشاء الله من خلال فرق عمل صغيرة، أى نتائج كبيرة من تيم صغير يعمل بكفاءة.
صحيح، بيئة الشركات غالبًا ما تُشجّع على التفويض لأنه جزء من نظام العمل الجماعي، لكن في العمل الحر الأمر مختلف؛ كثير من المستقلين خاصة في بداياتهم ينظرون إلى التفويض على أنه تقليل من الاحترافية أو ضعف في السيطرة على التفاصيل. وأنا كنت من هؤلاء في البداية، حتى ظننت أن قيامي بكل شيء بنفسي هو الضمان الوحيد لجودة العمل. لكن مع الوقت، اكتشفت أن هذه النظرة غير دقيقة، وأن التفويض الذكي حين يُطبّق بشكل مدروس لا يقلل من الجودة، بل يرفعها. هو ليس تخليًا عن المهام، بل تركيز على ما تُجيده فعلاً، وتوزيع ما تبقى على من يمكنه إنجازه بكفاءة. وبالنسبة لي، كان خطوة فارقة في تحسين إنتاجيتي وتخفيف الضغط النفسي.
التعليقات