استراتيجية بيع القيمة الخفية: كيف تبرز خدماتك التي لا يلاحظها العميل مباشرة؟

في الحقيقة كنت أود الإشارة إلى أن بعض رواد الأعمال قد أشاروا فعلاً إلى هذا الرأي، وهو أن العامل الحر يجب أن لا يظهر مجهوداته التي استغرقها العمل ليخرج بهذه الجودة، وأن النتيجة النهائية هي الأهم، لكن أحياناً هناك ذلك العمل الذي هو السهل الممتنع.

فلو لم يكن صاحب المشروع على خبرة بمجال مشروعه، فقد يظن أن ما فعله المستقل شيء بسيط جداً ويمكن لأي أحد فعله ولا يستحق السعر ولا الوقت المستغرق لتنفيذه.

من خلال تجربتي في مشروع سابق لكتابة محتوى لمطعم، تعلمت أن توضيح كواليس العمل للعميل أمر لا غنى عنه، مهما كانت طريقة التوضيح بسيطة أو مفصلة، ففي مشروع سابق حين بدأت العمل دون شرح المراحل التفصيلية للعميل، لاحظت بعد التسليم أن توقعاته لم تكن متوافقة مع ما قمت به، مما اضطرنا لإعادة بعض الأجزاء، والسبب أن العميل عندما يفهم مراحل العمل والخطوات التي تمر بها، يصبح أكثر ثقة وصبرًا، ويشعر بأنه شريك في الرحلة وليس مجرد متلقي للنتيجة النهائية، وهذا التواصل المستمر يخلق تفاهمًا أعمق، كما يقلل من المفاجآت والتعديلات، ويضمن أن تكون النتيجة النهائية مرضية للجميع، لذلك أؤمن أن شرح كواليس العمل هو جسر النجاح بين المستقل والعميل.

أعتقد أن ذلك يعتمد على شخصية العميل ونوعية المشروع، فإذا أظهر صاحب المشروع من كلامه أنه يحب الدقة والاهتمام بالتفاصيل، يكون مشاركة بعض الخطوات والتفاصيل معه الأصح.

أما إذا كان صاحب العمل قليل الكلام وقليل الرد على الرسائل أو مشغول دائمًا أو أن المشروع طبيعته سهلة فالأفضل هنا إرسال النتائج النهائية دون مماطلة.

في الحقيقة هناك رأيان في هذه النقطة، رأي منهما هو أن لا يُظهر المستقل المجهود الذي بذله مقابل العمل، بل يترك جودة العمل النهائية تتحدث عن نفسها.

والرأي الآخر وهو أن يُظهر المستقل بعض من المجهود الذي بذله، حتى يطمئن العميل أن المستقل قد بذل العناية اللازمة لإنجاز العمل مقابل ما تقاضاه من سعر المشروع، وهذا حق للعميل.

أعتقد أن الفيصل بين الرأيين، هو التجربة الشخصية الخاصة بكل عميل، ومقدار استفادته، وطريقة تفاعله مع مقدم الخدمة، أحيانا عن نفسي أفضل أن أترك المساحة للطرف الآخر أن يطلق العنان لإبداعه، وأحيانا أشعر أنني أشاركه مجازيا وفعليا في تصميم هذا العمل (أيا يكن، ومهما كان فهمي له ضئيل). لذا، هذه زاوية تحسم الوضع. هناك زوايا أخرى بالطبع.

بالضبط، فكرة مشاركة العميل في مراحل العمل لا تقتصر على بناء الثقة أو تحسين الجودة فقط، بل تفتح أمامنا كمستقلين فرصة لفهم أعمق لاحتياجاته النفسية تجاه المشروع، فأحيانًا يصبح العميل أكثر انخراطًا وارتباطًا بالعمل لأنه يشعر بأن رؤيته وأفكاره تُقدر وتحترم، مما يجعل النتيجة ليست مجرد منتج أو خدمة، بل قصة مشتركة يحكي فيها نجاحه الشخصي، وهذه المشاركة تعزز الولاء والتعاون الدائم، وتخلق علاقة شراكة حقيقية تتجاوز مجرد إنجاز مهمة.

لكن ماذا لو طلب العميل تعديلًا جوهريًا في صميم العمل يتطلب إعادة جزء كبير منه؟ في هذه الحالة أعتقد أنه من الأفضل تقديم تقريرين على الأقل: تقرير أولي يوضح الوضع الحالي والخطوات المنجزة، ثم تقرير نهائي بعد التعديلات، حتى يكون الجميع على بينة ويشعر العميل أن التغييرات لم تُترك للصدفة، بل تمت إدارة كل مرحلة بعناية، هكذا تحافظ على شفافية العمل وتزيد من ثقة العميل بشكل منظم.