لفترة طويلة، كنت أكتب العروض التقديمية بأسلوب تقليدي: أبدأ بمَن أنا، وماذا أفعل، وما المهارات التي أمتلكها. كنت أظن أن هذه الطريقة كافية لإقناع العميل، طالما أنني أظهر خبرتي بوضوح. لكن ما لم أكن ألاحظه، هو أنني في كل مرة أُركّز فيها على نفسي، أبتعد دون أن أشعر عن جوهر العرض: مشروع العميل. قررت أن أغيّر الطريقة تمامًا، وأجرّب أسلوب جديد قائم على استراتيجية "عرض الحل لا المهارة". بدأت أولًا بقراءة المشروع بتركيز، ثم أعيد صياغة الفكرة التي فهمتها في بداية العرض، وأُبيّن للعميل أنني استوعبت هدفه جيدًا. بعد ذلك، أقدّم طريقة عملي عليه، بخطوات واضحة ومقترحات تناسب فكرته. هذا التغيير البسيط في الأسلوب أحدث فرقًا كبيرًا: بدأت أحصل على ردود فعل إيجابية، حتى من العملاء الذين لم أُقبل لديهم، فقط لأن العرض كان مختلفًا. هل سبق أن جرّبتم التركيز على فكرة المشروع بدل الحديث عن أنفسكم؟ وما الأثر الذي لاحظتموه في تفاعل العملاء؟
عندما توقفت عن الحديث عن نفسي... وبدأت أتحدث عن مشروع العميل، تغيّرت النتائج تمامًا
العمل الحر أخي أيمن يقوم فيه صاحب المشروع (الذي يحتاج إنجاز عمل ما)، بطرح مشروعه على منصة مستقل مثلاً، يكتب في هذا المشروع الطلبات والمهمات التي يريدها، والخبرات التي يحتاجها من المستقل، وأي متطلبات أخرى لديه مثل وقت التسليم، ويضع سعر مقترح لمشروعه.
يأتي بعد ذلك دور المستقلين حيث يتقدمون بعروضهم على هذا المشروع، ويشرحون في العرض مؤهلاتهم، وخبراتهم التي تؤهلهم لإنجاز المشروع على أكمل وجه، ويضعون أيضاً سعر لخدماتهم.
يقرأ صاحب المشروع العروض ويفاضل بينها من حيث الخبرة والسعر، ويراسل المستقلين الذين يتوسم فيهم الكفاءة لإنجاز العمل.
بالإضافة إلى ما ذكره @George_Nabelyoun، أود أن أشير إلى أن العمل الحر يُعد نمط عمل يتطلب مهارات متعددة، مثل: إدارة الوقت، التواصل الفعّال مع العملاء، بناء معرض أعمال قوي، والتسعير المناسب للخدمات. كما أن التحدي الحقيقي لا يكمن فقط في الحصول على المشاريع، بل في الحفاظ على جودة العمل، وبناء سمعة مهنية تجعل العملاء يعودون للتعامل مرة بعد أخرى. بمعنى آخر، العمل الحر يجمع بين المهارة الفنية والقدرة على إدارة الذات وكأنها مشروع تجاري مستقل.
بالفعل أسلوب أن نتكلم مع العميل حسب هدفه واحتياجاته أسلوب فعّال جدًا، على الأقل يسبب حدوث تواصل مع العميل، لكن أحيانًا أشعر إن بعض العملاء يريدون رؤية ملخص عن خبراتي وسيرتي الذاتية داخل العرض.
هل تعتقدين أنه يمكن عمل توازن معين ما بين تقديم الحل وتقديم نفسك؟ خصوصًا لو كان المشروع فيه عناصر تقنية حساسة؟
أنا لا أرى أن تقديم الذات يجب أن يُلغى تمامًا من العرض، بل الفكرة أن نُغيّر الترتيب والتركيز. في تجربتي، بدأت أقدّم نفسي في سياق الحديث عن طريقة التنفيذ. مثلًا: بدلًا من أن أبدأ بجملة (أنا اسمي كذا كاتبة محتوي لدي خبرة خمس سنوات)، أقول: (سأعتمد في تنفيذ هذا المشروع على أسلوب بحثي وتحليلي الذي طوّرته خلال خمس سنوات من كتابة المحتوى في هذا المجال). بهذا الشكل، يظهر الجانب المهني، لكن في خدمة هدف العميل، لا كعنصر منفصل. خاصة في المشاريع التقنية أو التخصصية، أعتقد أن هذا التوازن ضروري: أن نُثبت الكفاءة، لكن دون أن نُقصي تركيزنا عن جوهر المشروع نفسه.
من المهم طبعاً الحديث عن مشروع العميل، فالتحدث عن الخبرة الشخصية فقط لا يكفي للعميل أن يختارنا للمشروع، بل الهدف الذي يسعى إليه هو كيف سنوظف هذه الخبرة في العمل على المشروع.
لذلك من المهم أن يرى العميل أننا نهتم بمشروعه، وأننا قد قرأنا طلبه وفهمناه، وأننا لدينا الخبرات الكافية للعمل على المشروع وإخراج نتائج بجودة عالية.
بالضبط، وهذا ما اكتشفته فعليًا عند تغيير طريقة كتابتي للعروض. لاحظت أنني حين أُظهر فهمي العميق للمشروع، وأقترح حلولًا تناسبه، فإن هذا وحده يُعطي العميل انطباعًا ضمنيًا عن خبرتي، حتى دون أن أُفصّلها. فالعرض الذي يُقدّم حلًّا مدروسًا، ويقترح خطوات تنفيذ واقعية، يعكس للعميل أن من يقف خلفه ليس مبتدئًا، بل شخص لديه خبرة حقيقية وفهم عملي. ومن هنا، أصبح عرضي نفسه هو وسيلة لإثبات كفاءتي، لا مجرد فقرة تعريفية في بدايته. ربما لا يكون الأمر في اختصار الحديث عن الذات تمامًا، بل في جعله مُدمجًا داخل الحديث عن المشروع، لا منفصلًا عنه.
التعليقات