أذكر أنني ذات مرة شاركت تجربة بسيطة عن خطأ ارتكبته أثناء العمل على مشروع صغير، وكيف تعاملت معه وتعلمت منه، لم أتحدث عن مهاراتي، ولم أروج لنفسي، فقط كتبت بتلقائية وصدق، وبعد يومين وصلتني رسالة من أحد المتابعين يقول فيها: أسلوبك في التفكير أثار إعجابي، هل يمكننا التعاون؟ حينها أدركت أن بناء الثقة أبلغ من عرض الخدمات، وأن الجاذبية الحقيقية لا تصنع بالضجيج.
في رأيكم ما الشيء الذي إن التزم به المستقل بصدق يجعل العملاء يثقون به دون أن يطلب ذلك؟
صدقتي في الحديث عن بناء الثقة
المستقل أو أي شخص عموماً لابد من بناء الثقة بينه وبين العلماء، واعتقد أن هذه الثقة تأتى من خلال الصدق في عرض الخدمة أو المشروع، فمن يطلب خدمة لا يهمة مدي الإمكانيات والخبرات أكثر من اهتمامه بمدي مصداقية المستقل وقدرته على إنجاز المهمة بدون مشاكل.
انا عموماً في الأول والأخير أتعامل بمبدأ الصدق والصراحة في المعاملات حتى ولو كان ذلك سيسبب خسارتي عرض أو مشروع ما وأضع أمامي دائماً قول النبي صلى الله عليه وسلم ( الصدق منجاة )
اوافقك تمامًا في أن الصدق هو حجر الأساس لبناء الثقة بين المستقل والعميل، وأنا أيضًا ألتزم به مهما كانت النتائج، لكن ما يربكني أحيانًا هو أن بعض العملاء لا يفصحون بوضوح عن متطلباتهم من البداية ثم يتفاجؤون إن لم تلبي توقعاتهم الخفية، وهنا تصبح المشكلة ليست في التنفيذ، بل في غياب الشفافية، وكأن المستقل مطالب بقراءة النوايا لا التعليمات، والثقة كما تعلم لا تُبنى بالكتمان، بل بالحوار الصادق من الطرفين.
بعض العملاء لا يفصحون بوضوح عن متطلباتهم من البداية ثم يتفاجؤون إن لم تلبي توقعاتهم الخفية
هناك بعض الأسئلة يمكن أن تحل هذه المشكلة، أشهرها سؤال العميل إن كان هناك نموذج يعجبه يحب أن يكون العمل مشابهاً له، أو إن كان هناك تخيل معيّن للعمل في ذهنه.
وأتفق معكِ أن بعض الأشخاص تكون لديهم رؤية غير واضحة كأنها خيال خفي يسعون له ولا يصلون له أبداً ويلومون العامل بسبب عدم الوضول له، لكن حل تلك المشكلة هو بيان أوجه الجودة والجاذبية في العمل أثناء مراحل العمل، والتأكد من رضا العميل عنها.
بالطبع لا شك أن متابعة العمل مع العميل خطوة بخطوة هي الطريقة المثلى لتفادي الضياع والتعديلات الكبيرة بعد الانتهاء، فهي تساعد على وضوح الرؤية وتجنب الهدر، لكن بالنسبة لسؤاله عن وجود نموذج معين يرغب في محاكاته، فلم تنجح معي هذه الطريقة، لأن كثيرًا ما تكون الإجابات غير محددة أو تتغير مع الوقت، لذلك يبقى الصبر والوضوح هما العاملان الأساسيان لضمان نجاح أي مشروع.
لذلك يبقى الصبر والوضوح هما العاملان الأساسيان لضمان نجاح أي مشروع.
الوضوح جيّد طبعاً، لكن يمكن عمل استبدال طفيف للصبر ببعض الجهد، لو أخذنا المصمم كمثال، يمكن أن يجهز بضعة أنواع من أنواع اللوجوهات: (فيكتور آرت - minimalist - لوجو نصي) وإلى آخر الأنواع وأشكال التصميمات، يقوم المصمم بعرضها على العميل ليختار النموذج الذي يفضله، وذلك يسهّل العمل كثيراً على المصمم، فيمكن تطبيق ذلك على أي مهارة.
هذه المشكلة ترجع إلى العملاء أنفسهم، وأعتقد لو استمر الأمر هكذا فمن الأفضل إنهاء تقديم هذه الخدمة للعميل لأن الأمر سيتسبب في عدم الثقة بين المستقل والعميل وهذا في حد ذاته لن يؤدي إلى انجاز العمل بالشكل المطلوب ومن الممكن أن يتسبب في مشكلة للمستقل نفسه.
في رأيي أن الأساس الأول هو بناء المهارات الفنية الخاصة بالعمل، سواء كان الشخص عامل حر، أو مهندس أو طبيب، فالمهارات الحقيقية هي الدليل الفعلي على جودة العمل، وهي البرهان الأكيد إذا حدث أي سوء تفاهم فعمل الإنسان سيشهد له حتماً، وقد أشار أخي محمود @Mahmoud_gomas إلى الحديث الشريف "الصدق منجاة" حاملاً نفس المعنى بكلمات موجزة لكن مستفيضة من حيث المعاني.
أشير لذلك لأن البعض يعتمد بكثافة على التسويق الشخصي (pesonal branding)، وهذا التسويق يأتي بنتائج فعلاً لكن فقط لجذب عملاء جدد، لكن كل عميل غير راض سيحذر أقاربه وأصدقائه من التعامل مع أي شخص لا يجيد عمله ويكتفي بالتسويق (حدث ذلك مؤخراً مع صديق لي اتفق مع مهندس على عمل بتكلفة 120 ألف جنيه، وانتهى المشروع مستهلكاً تكلفة 270 ألف جنيه)..
وجزء من هذا التسويق الشخصي يكون في الغالب عن طريق تلميع الشخص وإظهاره بمظهر مثالي وأنه الخبير المخضرم الذي لم ولن يأتي بعده 😅
هناك بالفعل من ينخدعوا أو يُبهروا بهذه النماذج، لكن هناك من يكتشفون الحقيقة من خلال قراءة ما بين السطور خاصةً إذا كان العميل متمرسًا في مجال عمله، لذلك صدق أ. بسمة هنا ونقلها تجربتها كما هي دون تلميع لشخصها جعل الشخص الآخر يرى مدى صدقها وأمانتها، وهذه صفات يحب الناس التعامل مع أصحابها.
لذلك صدق أ. بسمة هنا ونقلها تجربتها كما هي دون تلميع لشخصها جعل الشخص الآخر يرى مدى صدقها وأمانتها
هناك بالفعل من ينخدعوا أو يُبهروا بهذه النماذج
هذا حقيقي جداً، وهناك أيضاً مقولة دارجة في السوق وهي: كلما أرى من يبالغ في تلميع نفسه تحسست مسدسي😅
هذه المقولة يقولها المخضرمون في السوق الذين يرتابون فيمن يسوّق لنفسه على الدوام في كل موقف وباستمرار، فهذا التسويق الزائد أدعى للحذر بكل تأكيد😄
وفعلاً رأيت مثال حي على ذلك، وهو الذي حدث فيه ذلك الموقف:
صديق لي اتفق مع مهندس على عمل بتكلفة 120 ألف جنيه، وانتهى المشروع مستهلكاً تكلفة 270 ألف جنيه)..
عندما بادر أحد أصدقائي لفتح محل تجاري، وتعاقد مع أحد المهندسين لأنه انبهر من تسويقه لذاته، وعندما كان العمل سارياً رأيت المهندس يضع لافتة كبيرة على الموقع عليها صورته الشخصية وترويج لنفسه فقط، دون أي ترويج للمحل التجاري بأي طريقة الذي بكل تأكيد يحتاج للترويج أكثر في موقعه بالذات، وعلمت فيما بعد أن المهندس اتفق على التكلفة التي ذكرتها وانتهى المشروع بأضعافها بآلاف الجنيهات.
هذا أسلوب شائع اسمه البناء العكسي، هناك أصلا تجارب تثبت أن من يتحدث عن نفسه كثيراً إنما هو فقط يخفي نقص وخلل في خبرته لذلك قد يكون الحديث عن التعلم من الأخطاء أو السعي المستمر لتطوير الذات عامل قوي لجذب العملاء.
أنا أذكر أنني كنت أعمل في صمت تام لم اشارك أي معلومات أو أتحدث عن خبرتي فقط اعمل واطور نفسي وولله وجدت قاعدة العملاء تتوسع بلا أي جهد بعدما كان كل شخص يرشحني لغيره.
أنا أذكر أنني كنت أعمل في صمت تام لم اشارك أي معلومات أو أتحدث عن خبرتي فقط اعمل واطور نفسي.
هذا الأسلوب ينجح فعلًا، خاصة عندما نرغب في إنجاز أمر بهدوء ونتركه ينضج بعيدًا عن الضجيج ليكتمل بنجاح، لكن في نفس الوقت لماذا لا نتحدث عن خبرتنا أو نشارك جزءًا منها لجذب العملاء؟ بل لماذا لا نضع خطة واضحة تساعدنا على الوصول بشكل أسرع وأذكى؟ الصمت جميل أحيانًا، لكن الترويج الذكي للذات لا يقل جمالًا وفاعلية.
أعتقد أن الالتزام بالصدق والوضوح في كل مراحل التعامل هو أكثر ما يُكسب المستقل ثقة العميل دون الحاجة إلى ترويج مباشر لنفسه فحين يشارك المستقل تجاربه كما هي دون تزويق أو مبالغة يشعر العميل أنه أمام شخص حقيقي يفهم التحديات ويتعامل معها باحترافية وأمانة كما أن الالتزام بالمواعيد وجودة التنفيذ مهما كانت بساطة المشروع يترك أثرًا لا يُنسى في عقل العميل في النهاية الثقة لا تُطلب بل تُبنى بتراكم المواقف الصغيرة التي تعكس احترام المستقل لعمله ولمن يعمل معهم
التعليقات