ليس كل انسحاب فشلًا، ففي أحيان كثيرة يكون التراجع خطوة ناضجة تعبر عن شجاعة في مواجهة الحقيقة، بدأت منذ فترة كتابة مشروع أدبي طموح، وكنت متحمسة له في البداية، لكن مع الوقت شعرت أن الفكرة لا تعبر عني حقًا، وأنني أكتب فقط لأنني بدأت لا لأنني أؤمن بما أكتب، وبعد الكثير من التردد قررت التوقف، ولم يكن القرار سهلًا لكنني شعرت بعدها بارتياح ووضوح، وكأنني أفسحت لنفسي الطريق نحو شيء أصدق وأقرب لقلبي. فبرأيكم، متى يكون الانسحاب تصرفًا حكيمًا وليس هروبًا؟
"ليس كل انسحاب فشلاً"، هل يجب أن نستمر في مشاريع لا نؤمن بها فقط لأننا بدأناها؟
الإنسحاب يكون تصرفاً حكيماً في حالة إن كان المشروع شخصي ولا يرتبط بشخص آخر، أو أن الخسارة فيه ليست كثيرة كالخسارة المادية الكبيرة، ولكن في حالة أن يكون المشروع قد تكلف وقتاً ومجهوداً وأمور مادية ويؤثر أيضاً نجاحه وفشل على أشخاص آخرين كالأسرة مثلاً ففي هذه الحالة يضطر الإنسان أن يُكمل فيه إلى أبعد درجة ممكنة وأن يُفكر في الحلول له وليس الهروب منه.
ولكن في حالة المشاريع الشخصية التي تعتمد على الهواية والتفضيلات النفسية فلا بأس بالإنسحاب فى حالة عدم الإرتياح.
أتفهم تمامًا أهمية الاستمرار في المشاريع التي تمس حياة الآخرين، لكن لنكون واقعيين هناك بعض المشاريع، رغم ما بُذل فيها من وقت وجهد ومال، لا تستحق أن نكمل لأجلها طريقًا كله استنزاف، ماذا لو كان المشروع نفسه يهدد صحتنا النفسية، أو يستهلك طاقتنا بشكل يجعلنا نخسر أنفسنا في الطريق؟ حينها لا يكون الانسحاب هروبًا بل شجاعة ووعي، لا بأس أن نقول: هذا الطريق لم يكن لي، ونبحث عن طريق أذكى وأهدأ وأكثر رحمة بأنفسنا.
أرى أن الانسحاب يصبح تصرفًا حكيمًا عندما ندرك أن الاستمرار يعني خيانة لما نؤمن به أو استنزافًا لطاقتنا فيما لا يُشبهنا أبدًا فالتوقف أحيانًا لا يعني ضعف الإرادة بل قوة البصيرة وأن نمنح أنفسنا الحق في إعادة التوجيه دون الشعور بالذنب فهناك مشاريع نبدأها لنكتشف من خلالها أنفسنا لا لنكملها بالضرورة وهذا في حد ذاته مكسب وليس خسارة.
التعليقات